نفت وزارة الخارجية الروسية تغيير موقفها من الأزمة السورية، ومستقبل رئيس النظام السوري، بشار
الأسد، واصفة التقارير الإعلامية التي تحدثت عن توصل موسكو إلى اتفاق مع واشنطن والرياض حول الإطاحة بالأسد، بأنها "أوهام" ومعلومات "مزورة".
ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن الناطقة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، قولها إن بعض الأوساط السياسية في الغرب تبدو "عاجزة تماما عن استخلاص العبر من أخطائها، على الرغم من أن العواقب المأساوية لتلك الأخطاء تتجلى أكثر يوما بعد يوم بالنسبة للأوروبيين أنفسهم".
وقالت الدبلوماسية الروسية: "أدى التدخل الفظ في شؤون دول الشرق الأوسط إلى ظهور منطقة عدم استقرار تحد القارة الأوروبية مباشرة، مع تنامي خطر الإرهاب والتطرف أضعافا".
وأشارت إلى أن آلاف اللاجئين من الدول التي تعرضت لاختبارات أجراها الغرب في سياق "هندسته الاجتماعية"، وبالدرجة الأولى، في
سوريا وليبيا والعراق واليمن وأفغانستان، يدقون أبواب الاتحاد الأوروبي، على حد قولها.
وأضافت زاخاروفا: "على الرغم من ذلك، لا يسارع بعض السياسيين الغربيين إلى تعديل خططهم التي اتضحت أنها قصيرة النظر، والتي أدت إلى نشوب كل هذه القضايا"، بل يصرون على تطبيق مقارباتهم الفاشلة، وهو أمر قد يؤدي إلى ظهور تحديات أخطر، وقضايا جديدة، تحمل طابعا عالميا".
واعتبرت زاخاروفا أن هناك من يحاول "جرّ
روسيا إلى هذه الحملة الفاشلة" عن طريق نشر "أخبار ملفقة، ومعلومات مزورة"، يبدو أنها تستهدف "تحميل روسيا جزءا من المسؤولية عن مأساة منطقة الشرق الأوسط، والخطر الذي بات يهدد الأمن الأوروبي والعالمي"، وفق تعبيرها.
وردت على ذلك بالقول: "إننا لا ننخرط في أي هندسة اجتماعية، ولا نعين رؤساء في دول أجنبية، ولا نقيل أحدا منها في إطار تآمر مع طرف ما".
وأكدت أن ذلك "يخص سوريا والدول الأخرى في المنطقة، التي تستطيع شعوبها تقرير مصيرها بنفسها".
وأكدت زاخاروفا أن روسيا ما زالت متمسكة تمسكا متواصلا بالتطبيق غير المشروط لبيان جنيف الخاص في سوريا المؤرخ في 30 حزيران/ يونيو عام 2012، وهي ملتزمة بأحكام ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول، مشيرة إلى رغبة موسكو في أن يتمسك جميع شركائها بالمبادئ ذاتها.
يشار إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت مشاورات دبلوماسية مكثفة في محاولة لـ"إيجاد مخرج للأزمة السورية"، تجلت خصوصا في اجتماع ثلاثي غير مسبوق في الدوحة بين وزراء الخارجية الأمريكي والروسي والسعودي.
واستقبلت موسكو بعدها وزيري الخارجية السعودي والإيراني، إضافة إلى ممثلين للمعارضة السورية في الداخل والخارج.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي
لافروف، أكد في أكثر من مناسبة أن بلاده "لم ولن تغير مواقفها التي أعلنتها منذ بداية الأزمة في سوريا"، وشدد على رفض بلاده "اشتراط خروج الأسد أو تنحيه في نهاية الفترة الانتقالية".
وقال لافروف: "على من يريد التأكد العودةُ إلى بياناتنا ولقاءاتنا السابقة، وعلى مدار عمر الأزمة (في سوريا) نحن لم نغير مواقفنا، وقد أكدنا أن السوريين وحدهم من يقررون مصير دولتهم، دون شروط مسبقة أو وصفات جاهزة تقدمها لهم أي جهة".
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحليف التقليدي للأسد، أثار في 29 حزيران/ يونيو الماضي إمكانية قيام تحالف دولي جديد يضم تركيا والعراق والسعودية، بالإضافة إلى جيش النظام السوري لمواجهة تنظيم الدولة بفعالية أكبر.
ويحاول وزير الخارجية الروسي تسويق هذا الطرح لدى دول المنطقة، فيما تقود الولايات المتحدة الأمريكية تحالفا دوليا، يضم خصوصا السعودية، يشن منذ أيلول/ سبتمبر الماضي غارات جوية ضد مواقع تنظيم الدولة في سوريا والعراق.