قالت الأمم المتحدة الثلاثاء إنه من المتوقع أن يعبر 850 ألف شخص على الأقل البحر المتوسط؛ سعيا للجوء إلى
أوروبا هذا العام والعام القادم، وهي تقديرات تبدو بالفعل متحفظة.
ودعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، إلى انتهاج سياسات أكثر تماسكا بشأن
اللجوء لمعالجة مشكلة الأعداد المتزايدة من اللاجئين.
وقالت المفوضية إن "الكثيرين لاجئون من
سوريا، اضطرهم إلى القيام بهذه الرحلة اشتداد القتال هناك وتدهور أوضاع اللاجئين في البلدان المجاورة، بسبب مشكلات نقص التمويل لبرامج المساعدات"، مضيفة في وثيقة أولية، نشرت الثلاثاء، أنه "في عام 2015 تتوقع المفوضية أن يسعى ما يقدر بنحو 400 ألف وافد جديد للحصول على حماية دولية في أوروبا عن طريق عبور البحر المتوسط. وفي عام 2016 قد يصل هذا العدد إلى 450 ألفا أو أكثر."
وقال المتحدث وليام سبيندلر إن "التنبؤ الخاص بالعام الحالي يوشك أن يتحقق؛ إذ قام 366 ألف شخص بالرحلة فعلا، وسيتوقف الرقم النهائي على ما إذا كان المهاجرون سيتوقفون عن القيام بالرحلة مع اشتداد البرد وزيادة مخاطر الظروف البحرية".
وحتى الآن لا يبدو أن أعداد المهاجرين تناقصت مع اقتراب أشهر البرد، إذ يبدو أن الكثيرين قد تشجعوا بإعلان ألمانيا عن عزمها تخفيف القواعد الخاصة بالسوريين طالبي اللجوء الذين يصلون أولا إلى الاتحاد الأوروبي من خلال بلدان أخرى.
وقالت المفوضية إن عددا قياسيا كبيرا ليوم واحد، هو سبعة آلاف لاجئ سوري، وصلوا إلى جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية سابقا، الاثنين وإن 30 ألفا وصلوا إلى جزر يونانية معظمهم في جزيرة ليسبوس.
ويصل الكثيرون إلى اليونان أولا، ثم غادروا الاتحاد الأوروبي للسفر عبر البلقان إلى المجر ومنها إلى ألمانيا.
وقالت ميليسا فليمنج، المتحدثة باسم المفوضية، في إفادة صحفية في جنيف: "تأخذ المناقشات الدائرة في أوروبا هذا الأسبوع طبيعة أكثر إلحاحا؛ لأنه من الواضح انه لا يمكن أن تقدم ألمانيا حلا لمشكلة أوروبية."
بدوره، دعا أنتونيو جوتيريس رئيس المفوضية إلى زيادة السبل القانونية التي يمكن بها للاجئين الوصول إلى أوروبا، مثل زيادة عدد تأشيرات الدخول، وسبل لم شمل اللاجئين مع أسرهم، قائلا في مؤتمر صحفي في باريس: "إنني مقتنع بأنه لو وجدت الأدوات المناسبة فسيكون تدبر هذا الأمر أيسر كثيرا."
وكانت ألمانيا أبلغت شركاءها الأوروبيين الاثنين أنه يجب عليهم استقبال المزيد من اللاجئين؛ لأنها تتعامل مع أعداد قياسية كبيرة من طالبي اللجوء.
ومن المتوقع أن تكشف المفوضية الأوروبية -وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- هذا الأسبوع عن برنامج سيعيد توزيع 160 ألفا من طالبي اللجوء الذين يصلون إيطاليا والمجر واليونان.
ودعا، بيتر ساذرلاند الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الهجرة والتنمية، إلى استحداث "نظام متناسق" و"توزيع عادل" لطالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي، قائلا إن "قواعد دبلن التي تقضي بأن يتقدم اللاجئون بطلب اللجوء في أول بلد يصلون إليه في الاتحاد الأوروبي سيتعين تعديلها، وإلا فإنها تنذر بإفساد مبادئ حرية السفر دون تأشيرات داخل منطقة شنجن في أوروبا".
وأضاف قوله إنه "يجب على بلدان أخرى منها الولايات المتحدة ودول الخليج الغنية واليابان أن تضطلع بمسؤولياتها".
وكان قرار ألمانيا الشهر الماضي بفتح أبوابها لدخول السوريين الذين وصلوا إلى أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي قد سلط الأضواء على الأزمة، وحدث الأثر نفسه بعد نشر صور الأسبوع الماضي لطفل سوري غريق على شاطئ تركي، والتي ظهرت في الصفحات الأولى للصحف في أنحاء القارة.
وتتوقع ألمانيا وحدها 800 ألف طلب لجوء هذا العام، منهم الذين عبروا البحر المتوسط، وآخرون من دول البلقان، وبعض الذين وصلوا في سنوات سابقة.
وكررت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الثلاثاء، قولها إن "أوروبا بحاجة إلى تطبيق نظام مشترك في التعامل مع طالبي اللجوء والاتفاق على حصص ملزمة لتوزيع اللاجئين في أنحاء القارة"، مضيفة في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين في برلين "لا يمكن أن يكون النظام الأوروبي المشترك بخصوص طالبي اللجوء مجرد حبر على ورق يجب أن يوضع موضع التنفيذ.. أقول هذا لأنه يحدد الحد الأدنى من المعايير لاستيعاب اللاجئين ومهمة تسجيلهم".
وقال لوفين: "مسؤوليتنا أخلاقية. إنها مسؤولية إنسانية. يجب أن نضطلع بها سويا. توجد 28 دولة في الاتحاد الأوروبي عليها مسؤولية واحدة".
وقال زيجمار جابرييل، نائب ميركل، الاثنين إنه "إذا واصلت الدول في شرق أوروبا وأماكن أخرى مقاومة قبول حصتها العادلة من اللاجئين فإن نظام شنجن في أوروبا سيكون معرضا للخطر".
بدورها، قالت النمسا إنها "ستقوم بتحسين تدابير المعيشة لطالبي اللجوء مع اقتراب الشتاء وتزيد الطاقة الاستيعابية في مراكز دراسة طلبات اللجوء توقعا لوصول عشرات الآلاف من الوافدين الجدد"، في حين رفضت الدول الصغرى في وسط الاتحاد الأوروبي وشرقه أي حصص إلزامية من المهاجرين مع استعداد المفوضية الأوروبية لتقديم برنامج لهذه الغاية.
وقالت رئيسة وزراء بولندا إيفا كوباتش إن بلادها قد تستقبل عددا من اللاجئين أكبر من الألفين الذي أعلنت عنه في وقت سابق، ولكن بشروط معينة، مشيرة إلى أن "إمكانياتنا أكبر من الألفين التي أعلنا عنها، لكن الشروط التي حددناها يجب أن تتيح لمن سيأتون أن يشعروا بالأمان وأن يقول البولنديون إن السلطات حرصت على ألا يتزعزع استقرارهم."
أما بريطانيا المستثناة من سياسات الاتحاد الأوروبي المشتركة، والخاصة باللجوء، فقد أعلنت هذا الأسبوع أنها ستستقبل آلافا من اللاجئين بشكل مباشر من مخيمات في المنطقة، ولكن ليس من بين الذين وصلوا إلى بلدان أخرى في الاتحاد.
واستقبلت بريطانيا أعدادا من السوريين أقل من البلدان الأخرى للاتحاد الأوروبي، لكنها قدمت أكبر مساعدات مالية بين بلدان أوروبا للمنطقة، مجادلة بأن هذه المساعدة لملايين السوريين المشردين أكثر فعالية من استقبال الآلاف كلاجئين.
وأربعة ملايين سوري مسجلون كلاجئين في تركيا ولبنان والأردن والعراق، وهناك ثمانية ملايين آخرين مهجرين داخل سوريا نفسها.
ورحبت فليمنج بالعروض المنفصلة التي أعلنتها بريطانيا وفرنسا الاثنين باستضافة لاجئين سوريين، لكنها قالت إنه "يجب إقامة مراكز للاستقبال في دول من بينها المجر واليونان وإيطاليا للتعامل مع طلبات اللجوء".
وقالت فليمنج: "هذا لن ينجح إلا بوجود نظام مضمون لإعادة التوطين، حيث تعلن الدول الأوروبية موافقتها على استضافة عدد معين من اللاجئين. نعتقد أنه يجب أن يكون 200 ألف هذا هو العدد الذين نعتقد أنه بحاجة إلى إعادة التوطين في دول أوروبا"، مشيرة إلى أن عدد سكان أوروبا نصف مليار نسمة وقالت "إنها مشكلة يمكن معالجتها لو وجدت الإرادة السياسية".
ودعت أيضا إلى زيادة المساعدات لبرامج الأمم المتحدة من أجل السوريين المشردين داخل الشرق الأوسط، قائلة إن "مشكلات التمويل تخلق ظروفا تشجع اللاجئين على ترك المخيمات إلى أوروبا".
وقالت بتينا لوشر المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن عملية البرنامج لإطعام السوريين تتكلف 26 مليون دولار أسبوعيا، لكنها خفضت حصص الغذاء التي تقدم إلى 1.3 مليون لاجئ بسبب نقص التمويل. وقالت: "اللاجئون الآن يعيشون على نحو 50 سنتا في اليوم في تلك البلدان حول سوريا".