اندلعت
اشتباكات عنيفة، الجمعة، بين عناصر من
جيش الإسلام ومقاتلي جيش تحرير الشام في
القلمون الشرقي، شمال غوطة دمشق، بعد ورود معلومات عن مبايعة الأخير
تنظيم الدولة.
ودارت الاشتباكات، التي أدت إلى سقوط سبعة قتلى من الجانبين وعدد من الجرحى، داخل بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، حيث تتمركز فصائل عديدة، مثل جيش تحرير الشام، وجيش الإسلام، وسرايا المداهمة، ومغاوير القلمون.
وما إن استطاع الأهالي الخروج إلى الشوارع في البلدة عند هدوء الاشتباكات قليلا، حتى قاموا بتنظيم مظاهرة كبيرة طالبت بتحييد المدينة عن الصراع، ووقف الاقتتال بين الجانبين وسط تراشق للاتهامات بين الطرفين في بيانات على شبكات التواصل الاجتماعي.
واتهم جيش الإسلام؛ جيش تحرير الشام بمبايعة تنظيم الدولة، التي يتمركز عناصر على بعد 50 كيلومترا من البلدة". كما اتهم جيش الإسلام؛ مقاتلي جيش تحرير الشام بالبدء بالهجوم على نقطة تابعة لجيش الاسلام منذ أيام، ما أدى إلى انسحاب عناصره منها.
وفي المقابل، اعتبر بيان نسب إلى فراس البيطار، القائد العام لجيش تحرير الشام، أن جيش الإسلام هو من "غدر" بهم وبدأ بالهجوم، على الرغم من اتفاق بين الطرفين للتهدئه.
واتهم البيان جيش الإسلام باتباع منهج التصفية، كما اتهم جهات الإفتاء التابعة لجيش الإسلام بإباحة التعامل مع النظام، الذي يقوم بتسهيل مرور المقاتلين من الغوطة إلى القلمون، وقال إن جيش الإسلام أصبح رهين الممولين، نافيا في الآن نفسه مبايعة تنظيم الدولة.
وقال الناشط جواد الرحيباني، من داخل الرحيبة في حديث خاص لـ"عربي 21"، إن الحياة بدأت بالعودة بشكل حذر للبلدة مع انتشار حواجز لقوات محايدة لفض الاشتباك.
وتحدث الرحيباني عن اتفاقية وقعت بين جيش الإسلام وجيش تحرير الشام لإخراج الغرباء المتهمين بمبايعة تنظيم الدولة من البلدة، مقابل خروج عناصر جيش الإسلام، لكن الأخير قام صباح الجمعة بالهجوم على مقرات تحرير الشام، ما أدى الى اندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، نتج عنها سبعة قتلى وعشرات الجرحى بينهم مدنيين، بحسب الناشط.
وقال الرحيباني إن جيش تحرير الشام رفض إخراج الغرباء من البلدة بحجة رفض جيش الإسلام إخراج عناصره منها، مشيرا إلى أن تعداد عناصر جيش الإسلام في المنطقة يبلغ 2000 مقاتل، فيما يبلغ تعداد جيش تحرير الشام 500 مقاتل، أغلبهم من أهالي الرحيبة، بحسب قول الرحيباني.
وبينما أشار إلى أن "العنصر الغوطاني" يشكل النسبة الأكبر في جيش الإسلام، رأى الناشط الرحيباني أن هذا يعني أن جيش الإسلام يقوم بجلب عناصر من الغوطة بعلم النظام وأهالي المنطقة، بحسب تقديره.
وتحدث الرحيباني عن اتفاق ضمني بين الطرفين، مشيرا إلى أن مناوشات سابقة سجلت بين الجيشين، على خلفية الطلب من جيش تحرير الشام الخروج من البلدة، لكن تلك الاشتباكات كانت محدودة، فيما انتظر جيش الإسلام حتى وصلت المؤازرة للتدخل، وفق الرحيباني.
وعلى الجانب الآخر، قال مروان القاضي، أحد إعلاميي جيش الإسلام، في حديث خاص لـ"عربي21، إنه منذ حوالي الأسبوعين، قام عناصر جيش تحرير الشام بالهجوم على إحدى النقاط التي تفصل منطقة الجبل عن الرحيبة، وهي تتبع للهيئة الشرعية، فانسحب مقاتلو جيش الإسلام "حقنا للدماء"، بحسب قوله.
وأضاف: "على إثر ذلك طلبت الهيئة من جيش الإسلام التدخل، فقام بتوجيه عدد من الإنذارات للذين يقطنون الرحيبة وهم ليسوا من أبنائها، وخصوصا الغرباء الذين ينشرون الفكر التكفيري في البلدة للخروج منها".
وأوضح القاضي أنه بعد عدد من الإنذارات، رفض جيش تحرير الشام إخراج أولئك الغرباء، فقام جيش الإسلام بالهجوم على مقراته، فقتل خمسة مقاتلين من جيش تحرير الشام. وفي المقابل قتل اثنان من جيش الإسلام، فيما أسر جيش الإسلام 16 من جيش التحرير، بينهم ليبي من تنظيم الدولة، بحسب القاضي، الذي أشار إلى أن جيش الإسلام سيطر على عدد من مقرات جيش التحرير في البلدة.
وعن الاتهامات لجيش تحرير الشام بمبايعة تنظيم الدولة، قال الإعلامي في جيش الإسلام إن كثيرا من عناصر تحرير الشام يرتدون زي تنظيم الدولة ويرفعون أعلامه، ويقومون بإطلاق مفردات كـ"الصحوات" و"المرتدين" على عناصر جيش الإسلام، وأن هناك احتمالا كبيرا لمبايعة فراس البيطار للتنظيم، بعد الدعم الكبير الذي تلقاه وشهادات عن وجوده في الرقة، وفق قول القاضي.
وأعلن النقيب فراس البيطار عن تشكيل جيش تحرير الشام في آذار/ مارس الماضي، ورفض الاقتتال الإسلامي- الإسلامي، معتبرا أن عدوه الوحيد هو نظام الأسد.
ووجهت إلى البيطار اتهامات بمبايعة تنظيم الدولة، خاصة مع الأنباء التي تتحدث عن عدد من المبايعات السرية للتنظيم وإخفائها لأسباب مختلفة.
وكان فراس البيطار، الذي تزعم فيما مضى لواء تحرير الشام في الغوطة الشرقية، قد قاتل جنبا إلى جنب مع زهران علوش وعناصر جيش الإسلام في مواجهة قوات الأسد قبل خروجه من الغوطة، وتوجهه للقلمون الشرقي، لمحاولة فك الحصار عن الغوطة من هناك.
وهو من أوائل الضباط المنشقين عن قوات النظام في ريف دمشق، لكن تقدم تنظيم الدولة الذي يرفض البيطار قتاله في تلك المنطقة الاستراتيجية التي تعد شريان الغوطة الرئيسي، والاحتقان الكبير بين مختلف الأطراف، قد دفع بلغة السلاح إلى الواجهة وتحول رفاق الأمس إلى أعداء.