نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول المساعي الروسية لإقناع المجتمع الدولي بقبول الرئيس السوري بشار الأسد شريكا في الحرب على
تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
روسيا أرسلت في المدة الأخيرة تعزيزات عسكرية كبيرة إلى
سوريا، وهو أمر بات معروفا لدى الجميع، كما أصبح من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على بقاء نظام الأسد في سوريا، لفرض إرادته على المجتمع الدولي.
وأضافت أن الرئيس الروسي ينتظره اختبار صعب في نيويورك، حيث سيحضر اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 أيلول/ سبتمبر المقبل، بعد ثمانية سنوات لم يزر خلالها الولايات المتحدة، ومن المنتظر أن يستغل بوتين هذه الزيارة لإقناع الدول الغربية والعربية بتوسيع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
وأوضحت أن الخطة التي يريد الكرملين فرضها تتمثل في تأسيس تحالف دولي جديد، بشراكة الرئيس السوري بشار الأسد وجيشه، في الحرب ضد تنظيم الدولة، الذي يمثل مشكلة كبيرة للدول الغربية وحلفائها في المنطقة، رغم أن هذه الدول تعتبر أن حل المشكلة يتمثل أساسا في رحيل نظام الأسد، وتسعى للتأسيس لمرحلة انتقال ديمقراطي بالشراكة مع المعارضة، وبالتوازي مع توجيه ضربات جوية ضد معاقل تنظيم الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماع شهر تموز/ يوليو الماضي في مدينة أوفا الروسية، الذي ضم 15 رئيس دولة من آسيا والشرق الأوسط؛ مكّن الرئيس الروسي من اختبار مدى قابلية فكرته للتنفيذ، وهي الفكرة البديلة التي عرضها خلال قمة منظمة الأمن الجماعي، التي انعقدت بين ست دول من الاتحاد السوفيتي سابقا، في مدينة دوشانبي بطاجاكستان، الثلاثاء الماضي، وقد كان هذا الاجتماع فرصة لفلاديمير بوتين، لتهيئة الأرضية الملائمة للمطالبة "بترك الخلافات السياسية جانبا، والتخلي عن سياسة ازدواجية المعايير الغربية".
وقالت "لوموند" إن بوتين هاجم هذه الدول التي اعتبر أنها "تستغل المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها، التي من بينها تغيير النظام السوري بسبب معارضة البعض له"، على حد زعمه، في إشارة إلى موقف دول الخليج والدول الغربية.
وأشارت إلى تأكيد بوتين أنه بدون نظام الأسد؛ لا يمكن تحقيق أي تقدم في الحرب على تنظيم الدولة، ولذلك تسعى من خلال فرض هذه الرؤية إلى دعم حليفها الأسد، والمحافظة على نظامه.
وذكرت الصحيفة أن الحضور المكثف للقوات العسكرية الروسية في سوريا، وخاصة في ميناء مدينة اللاذقية، التي تعد معقل بشار الأسد، حيث توجد هنالك سبع دبابات روسية من نوع تي 90؛ اعتبره الغرب تمهيدا لإنشاء قاعدة جوية روسية متقدمة في تلك المنطقة، وخاصة بعد أن قال بوتين: "نحن نساند الحكومة السورية، ولقد دعمناها في الماضي، وسنواصل دعمها في المستقبل بكل الأشكال التقنية والعسكرية".
وقالت الصحيفة إن بوتين يحاول الضغط على الدول الغربية، من خلال الإدعاء بأنه لولا الدعم الروسي للنظام السوري؛ لكانت الأوضاع في سوريا أكثر سوءا، ولتوافدت أفواج اللاجئين على أوروبا بشكل أكبر.
وأشارت إلى أن مساعي روسيا لفرض إرادتها في سوريا، تهدف أيضا إلى صرف الأنظار عن ما يجري بينها وبين جارتها أوكرانيا، فبالتوازي مع تزايد حضورها العسكري في سوريا؛ تحاول موسكو تهدئة الأمور مع جارتها، لأنها تسعى من خلال ذلك إلى صرف أنظار الرأي العام الدولي، عن الصراع الدموي الذي يدور بين القوات الموالية للحكومة الأوكرانية، وبين الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دومباس الحدودية.
ونقلت الصحيفة عن أحد المراقبين قوله إن التواجد الروسي أصبح ظاهرا أكثر من ذي قبل، وهو ما يعني أن موسكو تريد استعادة حضورها القوي في الشرق الأوسط، من خلال دعم نظام الأسد عسكريا، وتقديمه في صورة الحل الوحيد والمنقذ في الحرب على تنظيم الدولة، ومن خلال تعطيل أي
حوار حول انتقال سياسي في دمشق يقصي الأسد.
ونقلت "لوموند" عن بسمة كدماني، مديرة مركز البحوث حول مبادرات الإصلاح العربية، قولها إن "روسيا تعتمد على سياسة واضحة ومحددة الأهداف، تسعى من خلالها إلى تقوية موقع بشار الأسد، وإضفاء شرعية مفقودة على جيشه، الذي يمثل السبب الوحيد لبقائه في السلطة إلى حد الآن".
وأضافت هذه المتحدثة الرسمية السابقة باسم التحالف الوطني السوري، أن "الروس فهموا أن الأسد لن يكون في منصبه هذا بعد بضع سنوات، ولهذا فإن روسيا في الحقيقة لا تسعى لتقويته، وإنما تسعى إلى تحقيق أهداف أخرى، وتقوية موقعها في سوريا والمنطقة".