صادقت بلدية
القدس التابعة للاحتلال الإسرائيلي، برئاسة المتطرف نير بركات، أمس الأحد، على إعادة تسمية
شوارع البلدة القديمة في الشطر الشرقي من مدينة القدس المحتلة، بأسماء
عبرية ذات دلالات "توراتية تلمودية".
وقررت البلدية استبدال اختيار اسم "هار همشحاة" لجبل الزيتون، و"شير همعلوت" لإحدى مناطق حي سلوان، وهي أسماء "توراتية"، بحسب مختصين.
وحذر مسؤول ملف القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، ورئيس مؤسسة القدس الدولية بفلسطين، النائب أحمد أبو حلبية، من خطورة سعي الاحتلال المستمر "لتغيير وطمس الثقافة والهوية الفلسطينية والعربية والإسلامية، من خلال ابتداع أسماء
تهويدية جديدة لأحياء وشوارع القدس المحتلة".
وقال لـ"
عربي21" أن تغيير الأسماء "يندرج تحت المخطط الاستراتيجي للعدو الصهيوني، لإقامة ما يسمى بالقدس الكبرى، ويعني بذلك قدسا مهوَّدة على الطريقة الصهيونية".
عملية مبرمجة
وأضاف أبو حلبية لـ"
عربي21" أن المخطط الذي "بدأ بتغيير أسماء الحارات والأزقة حول المسجد
الأقصى بالبلدة القديمة، ليُستكمل اليوم هذه الخطوة الخطيرة، وحذف ما تبقى من أسماء عربية، لاستبدالها بأخرى عبرية، بهدف تهويد القدس بشكل كامل، ضمن عملية مبرمجة".
وأوضح أن تغيير الأسماء "يوحي بأن هذه أحياء يهودية منذ فترة طويلة، وهو ما يعمد الاحتلال لتصديره لزوار تلك المدينة من السياح الأجانب، أو حتى اليهود المغتصبين أنفسهم".
ووصف الموقف العربي تجاه الهجمة الإسرائيلية الشرسة على القدس والمسجد الأقصى، بـ"المخجل"، مشيرا إلى أنه "لا يرتقي إلى مستوى قضية الأمة الأولى".
وطالب أبو حلبية منظمة اليونسكو بصفتها راعية الآثار في العالم، بـ"ضرورة أن تتدخل لوقف الإجراءات الصهيونية التي تستهدف تهويد معالمنا وآثارنا في القدس".
من جهته؛ قال المختص في الشأن الإسرائيلي والمقدسي جمال عمرو، إن الاحتلال الإسرائيلي "عدو ذكي، ينتهز الفرص المناسبة سرا وعلنا؛ من أجل طمس كامل لمعالم الحضارة العربية، ليس في القدس فقط، وإنما في فلسطين كلها".
وأضاف لـ"
عربي21" أن ما يقوم به الاحتلال الصهيوني "ليس مستغربا" لأن مؤسس الصهيونية العالمية ثيودور هرتزل، تعهد في حال قامت دولة "إسرائيل" وكان على قيد الحياة، بأن "لا يترك أثرا لغير اليهود في فلسطين، وتلقف هذا التعهد جيلا بعد جيل، قيادات الاحتلال من ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، حتى آخرهم بنيامين نتنياهو".
كارثة محققة
وبيّن عمرو أننا "أمام كارثة محققة تشيب لها الولدان، فالأسماء تتغير، وكل يوم تثبَّت لافتة جديدة"، مؤكدا أن مدينة القدس المحتلة "فقدت أدق تفاصيلها الحضارية، بعد إغراقها بالأسماء العبرية".
وحول المغزى من اختيار
أسماء توراتية لمختلف الأماكن؛ أوضح أن الاحتلال يختار تلك الأسماء العبرية من أجل "إثبات يهودية الدولة التي أعلنها نتنياهو بشكل واضح"، مشيرا إلى أن أذرع الاحتلال المختلفة "تقوم أيضا بتسمية بعض الأماكن والشوارع بأسماء رموز يهودية حديثة، قدمت خدمات جليلة للمشروع الصهيوني، كشارون وبيغن".
وخلص إلى القول بأن ما يحدث "لا يتجاوز أن يكون مجزرة إسرائيلية حقيقية بحق حضارتنا، التي شملت كامل التراب الفلسطيني، وفي مقدمتها مدينة القدس المحتلة"، مؤكدا أن الاحتلال "يقتلع الحضارة الفلسطينية العربية والإسلامية من جذورها، ويعدم أصولها المتجذرة في عمق التاريخ، ويستبدلها بأخرى مزيفة".
وأشار عمرو إلى أن الاحتلال الإسرائيلي غيّر ما يزيد على 22 ألف اسم أساسي في فلسطين التاريخية، منها المسجد الأقصى الذي يطلق عليه الاحتلال اسم "هار هبيت"، مضيفا أن "اللافتات العبرية التهويدية تنتشر في شوارع مدينة القدس المحتلة وأزقتها، كانتشار النار في الهشيم".