كتب مراسل صحيفة "الغارديان" إيان بلاك عن التأثير
الإيراني في
سوريا، ونقل عن دبلوماسي غربي قوله إن "النظام السوري بات يعتمد وبشكل متزايد على إيران"، حيث "تظهر بصماتها واضحة" في سوريا.
والتقى بلاك السفير الإيراني في دمشق في مقر السفارة الإيرانية، التي قال إنها تعبر عن النفوذ الإيراني في سوريا، وإنها أوضح دليل على الحضور الإيراني، الذي يظهر من خلال الدعم العسكري والاقتصادي لنظام بشار
الأسد. كما وبدأت إيران تؤدي دورا مهما في تشكيل الأحداث على الأرض، وربما الجهود الدولية لإنهاء النزاع.
ويشير التقرير إلى تأكيد السفير رضا شيباني رفض طهران لتدخل الأجانب في الشأن السوري، وقال: "علينا احترام السيادة الوطنية السورية وسلامة أراضيها"، وأضاف أن "إيران لا تتدخل في النزاع السوري المحلي، فعلاقاتنا تاريخية واستراتيجية، ولا يتجاوز دورنا تقديم الاستشارة للحكومة السورية من أجل مكافحة الإرهاب".
وتذكر الصحيفة أن السفير اعترف بتقديم إيران دعما للنظام السوري بقوله: "نقدم المشورة لكل من الحكومة والجيش السوريين، ومن الطبيعي أن يظهر أثر هذا على الأرض، فالمستشارون العسكريون بحاجة إلى فهم واضح للوضع في ساحة المعركة، وهذا لا يعني أن لدينا جيشا كبيرا في سوريا، ونحن لا نؤدي دورا مباشرا في القتال".
ويلفت بلاك إلى أن الدور العسكري الإيراني في سوريا متواضع، وأن معظم المشاركة جاءت من فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وعدد قواته لا يتجاوز المئات، وقتل منذ عام 2012، عدد من ضباط الحرس الثوري، منهم سبعة من القادة الكبار.
ويقول الكاتب إن إيران لا تحتاج إلى إرسال قواتها، فهي تعمل مع حزب الله اللبناني، ومن خلال المليشيات الشيعية من أفغانستان وباكستان والعراق، مشيرا إلى أن قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني زار إدلب في حزيران/ يونيو، حيث قيل إن هناك خططا لهجوم مضاد لاستعادة المدينة.
وترى الصحيفة أن النفوذ الإيراني على الرغم من تأثيره، إلا أنه خافت، على خلاف الحضور الروسي البارز للعيان في ميناء اللاذقية. ويحاول المستشارون الإيرانيون الابتعاد عن الأنظار، خاصة في جبهات
الحرب.
وينقل التقرير عن رجل أعمال من حمص قوله: "الإيرانيون موجودون وغير موجودين، فهم مثل الأشباح". ولهذا السبب تنتشر الإشاعات حول دورهم وما يقومون بعمله، ولكن الكل يجمع على أنهم يؤدون دورا مهما، وإن كان من خلف الأضواء.
ويورد بلاك قول الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل هوكاييم: "نعرف الكثير عما يفعله الإيرانيون في أماكن معينة، ونشاهد أسلحة ومعدات تنصت، ولكننا لا نعرف ما يفعلون من ناحية مؤسساتية". ويضيف "والسؤال هو عن دورهم في التخطيط والقيادة والتحكم".
وتبين الصحيفة أنه بالإضافة إلى الدعم المالي والاقتصادي، فقد ساهمت إيران بإنشاء قوات الدفاع الشعبي، وتوقفت في الأشهر الأخيرة عن دعمها، وهو ما زاد من المشكلات التي يعاني منها النظام، وقد اعترف الأسد بها.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه يسبب التأثير الإيراني، فإن الإشاعات التي ينتاقلها أهل دمشق تقول إن عددا من المسؤولين البارزين غير مرتاحين للدور الإيراني. ويعلق الكاتب بأن الدور الإيراني المتزايد في سوريا هو ما دفع الروس للتدخل العسكري، فدور موسكو هو تعبير عن عدم الارتياح من التأثير الإيراني على النظام.
ويجد الكاتب أن المفاوضات التي أجراها الإيرانيون وحزب الله مع المعارضة حول وقف إطلاق النار في الزبداني، كما فعلوا العام الماضي في حمص، هي دليل على النفوذ الإيراني. وقام الإيرانيون بالتفاوض مع أحرار الشام في إدلب، حيث عرض الإيرانيون تبادلا سكانيا بين السنة والشيعة، ينقل فيه سكان قريتي كفرية والفوعة إلى السيدة زينب جنوب دمشق.
ويعلق فيصل عيتناني من المجلس الأطلنطي قائلا إن "إدارة إيران لأزمة الزبداني تشير إلى تحول في استراتيجيتها السورية، فهي إما تتفاوض نيابة عن الأسد، أو تتجاهله والمجموعة المقربة منه؛ كي تؤمن مصالحها الخاصة بطريقة مباشرة"، بحسب الصحيفة.
ويكشف التقرير عن أن الخوف من النفوذ الإيراني لا يقتصر على المستوى الرسمي، بل ويتناقله أهل دمشق، الذين يقولون إن أراضي صودرت في المزة لإقامة مشروع سكني إيراني ومقر جديد للسفارة قريب من مركز العاصمة، وعن شرائهم عقارات في مناطق مهمة.
وتورد الصحيفة أن أحد سكان حي راق في دمشق يشتكي قائلا: "لقد بيعت سوريا للإيرانيين، إنهم يسيطرون على كل شيء". وتنقل عن محام قوله: "يمكن للإيرانيين السيطرة على كل شيء؛ لأنهم يحملون المفاتيح كلها"، ويضيف: "لكنهم سيواجهون السعوديين والأمريكيين والمجتمع الدولي، ولهذا السبب فهم يمارسون دورهم بهدوء، ويحتفظون بأوراق للعبها في الوقت المناسب. نعم لديهم رجالهم هنا".
ويوضح بلاك أن الدور الإيراني قد أثر على العلاقات بين السنة والشيعة، وزاد من التوتر الطائفي. وينقل عن صحافي شيعي قوله: "دور إيران في سوريا مهم ويتزايد، وهناك مبالغة فيه، والسوريون يشكون بها، ويشككون كذلك بنوايا تنظيم القاعدة. ولإيران أجندة وطنية، لكن الجميع يرى أنها تساعد الشيعة فقط".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في نهاية اللقاء أكد شيباني أن "الأسد هو خيار الشعب السوري، الذي يختار الشخص الذي يريده، وليس لأحد الحق المطالبة برحيله. فقد كشفت تجربة ليبيا ماذا حدث عندما انفجر البركان وأطيح بالقذافي. وفي الوقت الحالي فلا استبدال له حتى تتم هزيمة الإرهاب في سوريا".