أكد رئيس حزب القوات
اللبنانية سمير جعجع أنه يفتخر بالتأييد السعودي له، ولكنّه في الوقت نفسه يشدد أن السياسة اللبنانية لا بد أن تكون مستقلة.
وقال جعجع في حوار له مع
صحيفة الأخبار اللبنانية نشرته، الاثنين، أفتخر بأن تؤيدني المملكة العربية السعودية بثقلها العربي والإسلامي كمرشح لرئاسة الجمهورية. لكن الكل يعرف أن سياستنا كقوات مستقلة ووطنية وحرة. هذا القول لا يصح بالمعنى المطروح. المملكة أبدت أكثر من مرة عاطفة نبيلة، ومن لا يتمنى أن تدعمه كل دول العالم؟ أما الإيحاء المذكور، فقد يكون السبب لأن قائله لا يصح له هذا الدعم.
وتابع بالقول، إنه "فخور بتأييد السعودية ترشحي، والعرب مع ما قاتلنا من أجله منذ 1975"، مشددا على أن "الزيارات التي قام بها للسعودية وقطر جاءت نتيجة علاقات عمرها عشرة أعوام منذ خرجت من الاعتقال".
وشدد على أن هذه الزيارات لا علاقة لها بالرئاسة، "وخصوصا أنها في الثلاجة حاليا بسبب ظروف التعطيل الداخلي ومجموعات الأزمات في الخارج. مؤكدا أن علاقاته بالدول العربية تتوطّد على مستويات عالية"، على حد تعبيره.
وقال جعجع: "لم أكن أحلم بأن تكون على هذا الشكل، وأنا فخور بذلك وأعمل جاهدا كي أوطدها. وهي علاقة تدعم مئة في المئة وجهة نظرنا من أجل لبنان وما كنا نقاتل من أجله منذ عام 1975 و1990 حتى اليوم".
وفي حواره عن الشأن الداخلي حول الحكومة والرئاسة اللبنانية وآخر المستجدات على الساحة، رفض جعجع مسألة النأي بالنفس عن المشاركة في الحكومة خوفا من الوقوع في الأخطاء، مستدركا بأنه لا أحد يرفض المشاركة في الحكومة إلا إذا "حدثت الأمور بغير ما تشتهيه سفنك"، مؤكدا أنه في هذه الحالة من الأفضل النأي بالنفس والقيام بأي أمر مفيد من موقع مختلف.
ودافع عن عدم مشاركة حزبه في الحكومة بالقول: "إن طريقة عمل الحكومة لم تؤدّ إلى أي نتيجة، والأزمة الأخيرة أكبر دليل على صحة موقفنا".
وأكد جعجع أن الحكومة أو الحوار لا ينتجان أي شيء، منوها إلى أن حزبه لا يشارك في الحكومة، لكنه في صلب اللعبة السياسية أكثر بكثير من أطراف ممثلين فيها، على حد وصفه.
الحوار سيفشل
وشدد جعجع على فشل الحوار في لبنان؛ معللا ذلك بالمواقف الثابتة والمتكررة، "وآخرها موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله"، ونوه إلى أن المشاركة في الحوار مثل ذر الرماد في العيون، وأن جميع الأطراف لن تتفق على شيء، ولو اتفقت فإنه حزبه "سيمشي معهم".
وأكد في سياق المزاح أنه إذا كان حسن نصرالله يريد رئيسا قويا ونظيفا ويمثل في بيئته وقادرا على أن ينظم الأمور "فأنا مستعد لذلك"، على حد تعبيره.
وحول التوافق على رئيس في لبنان نوه جعجع إلى أن "الرئيس التوافقي لا يجب أن يكون معه 90 في المئة من الناس، بل بمعنى الرئيس الفعلي".. مؤكدا أنه "في آخر عشرين سنة، عنوان الرئيس التوافقي صار يعني الرئيس الضعيف الركيك الذي لا يمثل أحدا والكل يتجاذبونه ولا يتخذ قرارا. إذا كان الرئيس جديا بالمعني التمثيلي أو بالمعنى التوافقي فلن نقول لا. لكن لن نقبل بأي رئيس، رغم استعدادي لسحب ترشيحي إذا جرت محاولة جدية لرئاسة الجمهورية".
وحول قانون الانتخاب، نوه جعجع إلى أنهم متفقون مع التيار الوطني على أنه "في النقاط التي لا نتفق عليها يستمر كل طرف في طريقه بكل مودة واحترام. كنا صرحاء منذ البدء مع بعضنا. قلنا للتيار إننا ملتزمون بالقانون الذي له أكثرية نيابية جاهزة، أي المشترك الذي توافقنا عليه مع المستقبل والاشتراكي، وإذا لم يقرّ هذا القانون لأي سبب فنحن مستعدون للبحث في قانون آخر. وهم أجابوا بأنهم سيسيرون أيضا بقانون يرونه مناسبا. اتفقنا على أولوية قانون الانتخاب من دون تحديد ماهيته".
وقال: "نحن متمسكون بالقانون الذي نراه الأفضل وهم أيضا، علما بأن قانوننا فيه نسبية أيضا. حاليا نستكمل البحث معهم في قانون الانتخاب، وهم يعترفون بأن مشروعنا لا بأس به".
وشدد على أن حزبه والأطراف الأخرى متفقون على ما ورد في إعلان النوايا، وقال إنه لا فيتو على أي شخص، "لكن نرفض منطق الصفقات في الجيش"، على حد تعبيره.
وحول علاقة حزبه مع الكتائب، قال جعجع: "علاقتنا جذورها ضاربة وفي الوقت نفسه تحتاج كل يوم إلى عمل وعناية بها".
وأكد جعجع أن "قرار المستقبل في يد الحريري، فحين يصدر أي قرار يلتزم الجميع به. ولكن حين لا يكون هناك قرار، يتصرف كل شخص من موقعه وفقا لقناعاته. السنيورة بصفته رئيس كتلة المستقبل يتعاطى بمواضيع لا يتخذ فيها الحريري قرارات مباشرة. هناك طبعان مختلفان لا قراران. لكن بسبب غياب الحريري، تصبح حرية الاجتهاد عند كل من المسؤولين على الأرض أكبر وتعطي هذا الانطباع".
وأكد أن "التنسيق مع المستقبل مستمر وهناك كلام في كل المواضيع"، منوها إلى أنه اختلف مع المستقبل في الرأي حول الحكومة، ولكنه لا زال ينسق في كل الأمور المطروحة، مشيرا إلى أنهما متفقان استراتيجيا ومختلفان تكتيكيا على بعض الملفات، مثل طاولة الحوار.
رفض وضع قانون الانتخابات على طاولة الحوار
وشدد جعجع على أن قوى 14 ترفض البحث في قانون الانتخابات. وقال: "موقفنا دستوري. نحن في حالة شغور رئاسي، وطاولة الحوار يجب أن تبحث الشغور الرئاسي. ولكن إذا التأم المجلس النيابي لتشريع الضرورة، لأن هناك طبعا مواضيع يجب أن تقر ولو من دون وجود رئيس للجمهورية، وعلى رأسها قانون الانتخاب ونطرحه للتصويت في المجلس وليس في الحوار، وطبعا استعادة الجنسية. ونحن متفقون مع التيار الوطني الحر على تشريع الضرورة. ولكل من يقول إن المسيحيين مختلفون حول استعادة الجنسية أقول لهم هذا أمر غير صحيح. هذه أول مرة أسمع هذه النظرية ولا أرى أن هناك خلافا مع بقية الفرقاء".
ودافع عن تيار المستقبل ورفض اتهامه بالفساد، مؤكدا أنه أكثر تيار يهمه الدولة، "أما إذا كان هناك أشخاص في التيار يطاولهم الفساد، فهذا لا أعرفه" على حد تعبيره. وتساءل: "ألا يوجد منذ عشرين سنة فساد بالدولة؟ على النيابة العامة المالية التحقيق بذلك، وأنا أؤيد تحركها انطلاقا من ملف النفايات".
وشدد على أن "المستقبل ليس مسؤولا عن الفساد. أما إذا ثبتت مسؤولية بعض الأشخاص فيه عن الفساد، فسأقول عنه ما أقوله اليوم عن سواه. ولكن لا يجب التعميم وكأن سياسة تيار المستقبل هي سياسة الفساد. هذا غير صحيح على الإطلاق. وحسبما أعرف، يجب أن نمر بكثير من الكتل النيابية لمحاربة الفساد قبل الوصول إلى تيار المستقبل"، على حد تعبيره.
الجيش اللبناني الأقل فسادا
وأضاف جعجع في حواره" "لا فيتو لدينا على أي شخص. ولكن نحن لسنا مع مبدأ الصفقات الذي تقوم عليه الحكومة. من جهة ثانية، الجيش المؤسسة الوحيدة التي لديها مقاييس معينة تعمل بها منذ القدم، لأن قادة الجيش المتعاقبين، بمن فيهم العماد عون، لم يتركوا مجالا للسياسيين ليتدخلوا بها".
واستدرك بالقول: "لذا، ظلت توجد بعض المقاييس التي تعمل بها. قد نختلف عليها أو نتفق، وهذا بحث آخر، لكن المؤسسة بقيت كما نراها اليوم، وهي الأقل فسادا والأكثر فاعلية، وأتمنى ألّا أكون مخطئا".
وقال: "أريد أن يؤخذ ذلك في الاعتبار، علما أن لا فيتو لدينا على أي شخص. أما منطق الصفقات فلست معه في أي موضوع. في الوقت الحاضر رأسمال لبنان اثنان: الاستقرار الأمني ونحن في وسط الشرق الأوسط المتفجر والليرة اللبنانية. ويجب عدم المس بهما مهما كانت الاعتبارات".
وحول القرار الدولي بحفظ الاستقرار في لبنان، أشار جعجع إلى أن "القرار محلي أكثر مما هو إقليمي. ولا يوجد في المقابل أي قرار دولي بالتحريض. كل الأحزاب لديها نية للحفاظ على الوضع، وهي تشكر كلها على ذلك".
وأضاف: "لا نريد أن نسقط عاملا أساسيا لم يكن موجودا في 1975 أو حتى في 7 أيار. قيادة الجيش أكدت أكثر من مرة أنها لن تسمح لأي طرف بالعبث بالأمن الداخلي. لن يقول الجيش إنه لا دخل لديه إذا وقع أي خلل أمني، وهذا عامل لا يجب أن نستخف به".
وحول استغلال بعض الأطراف للتحركات في وسط بيروت، قال جعجع: "في هذه الأيام وفي هذه الظروف الإقليمية يجب أن نكون حذرين من أي تحركات ميدانية. أنا مع كثيرين ممن يتحركون من قرفهم. لكن البعض يندفع لأخذ الأمور إلى اتجاهات معينة، ونخشى من أن يستغل أي طرف الوضع كما حصل مع توقيف بعض التكفيريين".
وختم حواره بالتعليق على التظاهر أمام القصر الجمهوري، مؤكدا أن "حدود اللعبة معروفة ولا أحد سيتخطاها. الجيش لن يخالف القوانين ولا المتظاهرون. هي لإثبات وجهة النظر لا أكثر".