قال جاكسون ديل، نائب رئيس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" في مقال له الإثنين؛ إن العفو الرئاسي الذي سبق زيارة عبد الفتاح
السيسي إلى نيويورك لا يغير حقيقة أن نظامه لا زال يحتل المرتبة الأعلى عالميا (بعد كوريا الشمالية) في عدد المعتقلين السياسيين السلميين.
وتحت عنوان "سجون السيسي الممتلئة"، قال جاكسون إن الجمعية العامة للأمم المتحدة ألهمت حكاما مستبدين مثل فلا ديمير بوتين والسيسي أن يقدموا على خطوات مسبقة للتمهيد لزيارتهم، مثل إرسال بوتين قوات إلى سوريا قبل إلقاء خطابه الإثنين وقيام السيسي بالعفو عن 100 سجين سياسي.
ويقول الكاتب إن السيسي يتمنى أن يراه العالم على أنه رجل دولة قوي وعادل في الوقت نفسه، وعلى استعداد أن يصحح أخطائه حتى في أثناء محاربته الحركات الجهادية في
مصر.
ولكن القضية، على حد قول جاكسون ديل، ليست في "اللفتة الرمزية" التي قام بها السيسي، كما وصفتها منظمة العفو الدولية، ولكنها تكمن في الحقيقة الصادمة أن هذا النظام الذي خصصت له الولايات المتحدة 1.5 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية؛ قد أصبح الأعلى عالميا في معدل الاعتقالات السياسية للمعارضين السلميين، بعد كوريا الشمالية.
ويضيف أن عدد المعتقلين يزيد عن 40 ألفا، وفق إحصاءات المجلس الثوري المصري، منهم أكثر من ألف معتقل يواجهون حكم الإعدام، من بينهم الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي عزله السيسي في انقلاب عسكري.
ويشير الكاتب إلى استمرار حبس الصحفيين، 18 منهم ما زالوا قيد الاعتقال، بالإضافة إلى مئات النشطاء الليبراليين الذين كانوا في صدارة المشهد أثناء ثورة كانون الثاني/ يناير 2011. فعلى الرغم من إطلاق سراح الناشطة سناء سيف، إلا أن شقيقها علاء عبد الفتاح لا يزال رهن الاعتقال. والحال ذاته بالنسبة لنشطاء "6 أبريل"، مثل أحمد ماهر ومحمد عادل "اللذان قادا النضال من أجل نظام ديمقراطي ليبرالي".
ويضيف الكاتب أن وضع السجناء في مصر "قاس"، وأن
التعذيب أصبح يمارس بشكل روتيني، فيما أكثر من 90 سجينا فارقوا الحياة خلال 16 شهرا تبعت الانقلاب، وفقا لتقرير لوزارة الخارجية الأمريكية.
ويقول جاكسون ديل إن
القمع في مصر يزداد سوءا، وأن قوات الأمن بدأت في تصفية المعارضين فور اعتقالهم، مثلما حدث من تصفية لـ13 من أعضاء الإخوان المسلمين في تموز/ يوليو الماضي بعد تعذيبهم حتى الموت، بحسب رواية ذويهم.
ويضيف أن إدارة الرئيس باراك أوباما على اطلاع كامل بهذه الممارسات، وقد اطلعت على قصة محمد سلطان الذي تم الإفراج عنه مؤخرا بعد 21 شهرا من الاعتقال في السجون المصرية، حيث روى ما حدث له في لقاءات مع مسؤولين في الحكومة الأمريكية.
وسلطان هو شاب مصري- أمريكي يبلغ من العمر 27 عاما، تخرج من جامعة أوهايو الأمريكية، وتطوع مترجما ومتحدث غير رسمي باسم اعتصام رابعة العدوية.
وقد خسر سلطان أكثر من نصف وزنه أثناء فترة اعتقاله، نتيجة إضرابه عن الطعام، والتعذيب، والحرمان من النوم، والضرب المتكرر، والعزل في زنزانة انفرادية.
وفي حوار مع الكاتب، قال سلطان إن كبار مسؤولي سجن طرة حاولوا إقناعه بالانتحار، كما إلقوا بجسد سجين يصارع الموت في زنزانته، ثم ألقوا باللوم عليه بعد وفاته.
وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، بدأ سلطان حملة من أجل المعتقلين السياسيين. وقابل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، وأرسل رسالة إلى الرئيس أوباما.
والرسالة التي يوجهها سلطان إلى الولايات المتحدة هي رسالة بسيطة؛ مفادها أن الضغط يمكن أن يؤدي إلى نتيجة. وخير مثال على ذلك هو استجابة النظام المصري للضغط الأمريكي للإفراج عنه، أما في حالة غياب رد الفعل على الممارسات القمعية للنظام فهذا يمكن تفسيره على أنه موافقه ضمنية.
يقول سلطان إن تحرير المعتقلين وفتح مجال للمعارضة السلمية ينبغي أن يكونا من أولويات الإدارة الأمريكية. ويحذر من أن جيل كامل من الشباب المصري يواجه خطر التطرف داخل السجون، وأنهم "يتفقون على شيء واحد، وهو كره أمريكا؛ لأنهم ينظرون إليها على أنها راعية للسيسي".
وفي الختام يقول سلطان في حواره مع جاكسون ديل إن أوباما يجب أن يخصص جزءا من خطابه في الأمم المتحدة اليوم للوضع في مصر.
ويختم الكاتب قائلا: "أتمنى أن يقرأ أوباما رسالة سلطان".