كتبت محررة الشؤون الأجنبية والمحررة المشاركة في صحيفة "فايننشال تايمز" رولا خلف، تقريرا عن اجتماعات نيويورك، وما حققته حول الأزمة السورية، في ظل التحرك الروسي.
وتقول خلف: "لم يكن هناك، ولكنه كان في كل مكان، فهو رئيس حكومة تقاتل الإرهاب (بشجاعة)، بحسب الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين. وهو الطاغية الذي يرمي البراميل المتفجرة على الأطفال الأبرياء، بحسب الرئيس الأمريكي باراك
أوباما".
وتضيف الكاتبة: "لم يحضر بشار
الأسد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان وجوده سيسمم الأجواء، ومع ذلك كان رئيس النظام السوري هو الموضوع الرئيس في نقاشات هذا الأسبوع في نيويورك. فقد اختلف قادة العالم حول الحديث معه أو تجاهله، التعاون معه أم لا".
وترى خلف أن بعث الأسد الجديد حدث بسبب جهود بوتين، الذي استخدمه كي يعود إلى المسرح السياسي العالمي. مشيرة إلى أن الزعيم الروسي كان يرسل للنظام السوري دبابات جديدة ومقاتلات عسكرية في تحول درامي من الدعم الذي أخذ الأمريكيين على حين غرة، وقدم للنظام حياة جديدة. وفي يوم الأربعاء قامت طائراته بأول غارة لها في
سوريا.
ويشير التقرير إلى أن خطاب بوتين، الذي انتظره العالم طويلا، لم يقدم أي شيء سوى تعزيز الاستراتيجية التي تبنتها
روسيا منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، ولم يكن في الحقيقة يدعو إلى إنهاء الحرب الأهلية. فما قدمه بوتين هو رؤية تقول إن سوريا والسوريين لا يمكنهم أن يهزموا
تنظيم الدولة دون الأسد.
وتبين الصحيفة أن رئيس النظام السوري شعر بالفرح بالتأكيد؛ للاهتمام العالمي. فقد كان الحديث في الأسبوع الماضي يدون عن مرحلة ما بعد الأسد التي تعد لها روسيا ومن خلال الحشود العسكرية. مستدركة بأنه في نهاية الأسبوع الحالي يتطلع الأسد الآن إلى تعزيز قدراته العسكرية، وسيطرته على السلطة من دمشق وحتى البحر المتوسط، وبدعم من الروس، مع أنه لن يعود إلى قوته السابقة ويستعيد المناطق التي خسرها في السابق.
وترى خلف أن ما يكشف عنه التدخل الروسي هو أن سوريا ستظل منطقة فوضى وحالة مستعصية على الحل، فهي التي فرخت تنظيم الدولة، وأدت إلى ولادة أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا، وستزدحم سماؤها بالطائرات، فالجميع يريد أن يضرب تنظيم الدولة، وبينهم الفرنسيون والروس أيضا. لافتة إلى أنه بالإضافة إلى "النزاع" السوري، فإننا سنسمع كثيرا كلمة "تجنب النزاع"، الذي يعني التأكد من عدم وقوع حوادث في الجو بين الدول المشاركة.
وتعتقد الكاتبة أن دبلوماسية هذا الأسبوع تبدو الآن سرابا، فالتركيز على الأسد لم يكن في محله. وكان الحديث عن قدرة روسيا والولايات المتحدة على إنهاء الحرب مبالغا فيه.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الظروف في سوريا لعقد محادثات بين الأطراف المتصارعة لم تكن أيضا مناسبة، فلا أحد، خاصة التحالف المكون من جماعات إسلامية، وهو الأقوى في المعارضة، لديه استعداد للعودة إلى دولة يحكمها الأسد، مهما كان موقف أوباما.
وتذكر الصحيفة أن الدول التي لها تأثير تدعم قوى على الأرض، مثل دول الخليج وتركيا الداعمة للمعارضة، وإيران الداعمة للنظام.
وتذهب خلف إلى أن النقاش الأفضل هو بتقليل التركيز على الأسد، ومحاولة جر
إيران للمفاوضات، لافتة إلى أن إيران قد استثمرت المليارات من الدولارات في سوريا، من السلاح والقوى البشرية والقروض وسندات الائتمان، وعملت من خلال وكلائها في المنطقة، خاصة حزب الله، الذي ربما خسر حوالي ألف مقاتل. كما وأرسلت مستشاريها العسكريين من الحرس الثوري، وقامت بإنشاء مليشيا الدفاع الشعبي.
وينوه التقرير إلى أن التدخل الإيراني كان عميقا لدرجة ستحاول فيها إيران الاستمرار بحماية مصالحها الاستراتيجية، في حال انهار النظام، كما يقول تقدير لمعهد دراسة الحرب الأمريكي.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن إيران قد أدت دورا في عقد اتفاقيات هدنة محلية، وكان آخرها في منطقة الزبداني. ومثلت إيران النظام، فيما مثلت تركيا جماعات المقاتلين. مشيرة إلى أنه إنجاز قليل، لكنه أكبر من الذي حققه قادة العالم في نيويورك.