يقول تايلور لاك في تقرير نشرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن القوات المسلحة
المصرية تقوم بحملة واسعة في شبه جزيرة
سيناء؛ لمنع ما يراه الخبراء تغيرا في أساليب الجماعة الجهادية
تنظيم الدولة من نقل المعركة وتوسيعها، لتصل إلى شوارع أكبر مدينة في الشرق الأوسط.
ويشير التقرير إلى أن الخبراء يرون أن التنظيم غير من أسلوبه الذي يتركز على منطقة سيناء، ويريد تنفيذ عمليات واسعة داخل مصر بشكل عام. ولهذا السبب يقوم الجيش المصري ومنذ أشهر بحملة عسكرية، قال إنه قتل وسجن فيها أكثر من ألف متشدد.
وتستدرك الصحيفة بأن محللين يحذرون من تداعيات العملية العسكرية التي قد ترتد عكسيا، ما سيدفع سكان المحافظة الشمالية للبلاد، وغالبيتهم من البدو، إلى تقبل فكرة "الدولة الإسلامية"، ويصبحون أدوات تجنيد لها.
ويلفت الكاتب إلى الحملة التي أطلق عليها الجيش المصري اسم "حق الشهيد"، التي بدأت في أول أيلول/ سبتمبر في محافظة سيناء، وكانت جزءا من الحرب ضد الجهاديين، التي قتل فيها مئات من الجنود وقوات الأمن المصرية، جراء عدد من الهجمات المنسقة التي نفذت العام الماضي.
ويذكر التقرير أن العملية تستهدف تحديدا جماعة أنصار بيت المقدس، التي ظهرت في سيناء بعد ثورة يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وأعلنت الجماعة في العام الماضي ولاءها لتنظيم الدولة، وأطلقت على مدينة سيناء "ولاية سيناء".
وتبين الصحيفة أنه في 22 أيلول/ سبتمبر، أعلنت الحكومة المصرية عن نجاح المرحلة الأولى من العملية. وزعم الجيش المصري في بيان له أنه تم قتل أكثر من 500 متشدد واعتقال 630 آخرين، فيما تم تدمير العديد من المواقع
الإرهابية ومصادرة أسلحة وعربات.
وينقل لاك عن مراقبين قولهم إن الحملة التي تجري جاءت على حساب حياة المجتمع البدوي المحلي، الذي يشعر بالتهميش والحرمان من الخدمات الأساسية.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن تقريرا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" في أيلول/ سبتمبر، قد شجب ترحيل أكثر من 3200 عائلة، وتجريف مئات من الدونمات؛ كونه جزءا من حملة قمع مستمرة.
وتنقل الصحيفة عن الزميل الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن إتش إي هيللير، قوله: "هناك مخاوف عبر عنها عدد من المحللين، وتتعلق بطبيعة رد الحكومة المصرية، خاصة في سيناء، وأنها تقوم بخلق حالة من السخط لدى السكان المحليين، وهو ما يجعلهم عرضة لتأثير تنظيم الدولة".
ويورد الكاتب أن دبلوماسيين غربيين في القاهرة قد تساءلوا إن كانت الهجمات التي ضربت مصر العام الماضي هي من تنفيذ "الدولة الإسلامية" أم جهة أخرى. وأشار المسؤولون الغربيون إلى طبيعة الهجمات، التي تركزت على الشرطة والجنود، أو ما يعرف برموز الدولة المصرية، مبينين أنها علامة على "تمرد محلي"، أكثر من كونها توسعا لتنظيم الدولة.
ويستدرك التقرير بأنه مع ذلك، فقد لاحظ المسؤولون الغربيون "تغيرا مثيرا للقلق في الأساليب"، عندما بدأ الجهاديون المصريون بتصدير العنف إلى خارج سيناء. مشيرا إلى أن الدليل على هذا اغتيال النائب العام هشام بركات في حزيران/ يونيو في القاهرة، ومحاولة السيطرة على بلدة الشيخ زويد شمال سيناء، وهي محاولة لتقليد التنظيم الذي سيطر على مدن وبلدات في العراق وسوريا. ولم يتم إخراجهم من البلدة سوى بقوة السلاح واستخدام مقاتلات "إف-"16 ومروحيات أباتشي.
وتقول الصحيفة إنه في 11 تموز/يوليو هاجم الجهاديون القنصلية الإيطالية في قلب القاهرة. وفي آب/ أغسطس، قامت جماعة موالية للتنظيم باختطاف مهندس نفط كرواتي من شوارع القاهرة، حيث بيع للتنظيم في سيناء الذي قطع رأسه بعد تصويره على الفيديو. ويقول دبلوماسي غربي: "حتى لو لم يكن تنظيم الدولة هو الجهة التي تقف وراء العملية، فإن هذا مثير للقلق".
ويعرض لاك وجهة نظر باتريك سكينر من مجموعة "صوفان" للخدمات الأمنية في نيويورك، الذي يرى أنه "من الواضح أن أي تأثير لتنظيم الدولة قد دفع باتجاه القاهرة"، ويقول إن "تنظيم الدولة يستفيد من فروع له إن وجدت في سيناء، لكنه يستفيد أكثر من الهجمات التي نفذت في القاهرة، فهي بالتأكيد في مرمى أهدافه".
ويجد التقرير أنه رغم حملات القمع المتتالية، إلا أن المراقبين يشككون في قدرة النظام المصري على محو تأثير تنظيم الدولة في سيناء، حيث سيظل باقيا فيها مستفيدا من مناطقها الواسعة المتاحة فقط للمتشددين. وعلى خلاف هذا، فإن وجود التنظيم في القاهرة يحتاج إلى شبكة من المتعاطفين، ومجموعة من البيوت الآمنة، وقدرة على تجنب مراقبة الأجهزة الأمنية. وهذه العوامل ليست متوفرة لدى التنظيم في سيناء.
وتفيد الصحيفة بأن المسؤولين يخشون من تحالف واسع بين ولاية سيناء وأفراد من جماعة الإخوان المسلمين، التي أجبر أفرادها على العمل تحت الأرض؛ بسبب الملاحقة والقمع. لافتة إلى أن تحالفا من هذا النوع سيمنح التنظيم الفرصة للوصول إلى القاهرة.
وينوه الكاتب إلى عدم توافر أرقام عن عدد الإخوان المسلمين الذين فروا إلى سيناء. مستدركا بأن مسؤولين في الجماعة قالوا إن عددهم يصل إلى 200. مبينا أن هناك إمكانية لتقوية تنظيم الدولة في مصر، ويرى أن هذه الإمكانية نابعة من تدفق الجهاديين من الدول الجارة، خاصة ليبيا.
وينقل التقرير عن الزميل في معهد بروكينغز الدوحة عادل عبد الغفار، قوله: "ما قد يحدث، بالطبع، هو وصول السلاح والمقاتلين من ليبيا، ما قد يوسع الصراع". ويقول المراقبون إن الحكومة المصرية واعية للمخاطر النابعة من سيناء، وهي تتحرك بسرعة من أجل مواجهة الجهاديين، وكسب قلوب أهل سيناء، عبر السماح باستثمار ملايين من الدولارات في المنطقة.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن الحرب لم تنته بعد، وكما يقول هيللير: "لم يعد تنظيم الدولة منحصرا في سيناء، منذ مدة ليست قصيرة، ويتوقع خبراء الإرهاب هجمات جديدة في الأشهر القادمة".