عشرة أيام منذ بدء العام الدراسي الجديد في
مصر يوم الإثنين 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، كانت كفيلة بوقوع عشرات الحوادث، التي تكشف عن حالة غير مسبوقة من
العنف و"البلطجة"، والتحرش، والإهمال، حتى تنوعت الحوادث بين قتل، وفقأ عيون، واعتداءات على المعلمين، واقتحام أولياء أمور للمدارس، واغتصاب، وتحرش، وهتك عرض، وإهمال وغيرها.
اعتداءات جنسية تهدد عام 2015
ويبدو أن العام الدراسي الجديد في مصر سيذهب ضحية للفضائح الجنسية التي ثبت أن وزارة التربية والتعليم تعج بها.
وحذر مراقبون من أنه إذا كان بالإمكان التغاضي عن الإهمال باعتباره شرا لابد منه، إلا أن فضائح الاعتداءات الجنسية داخل
المدارس تعني انهيار المنظومة
التعليمية، وتهدد مستقبل الطلاب بخطر، في ظل انتشار جرائم فاحشة ومشينة خلال الموسم الدراسي الحالي.
فقد تعرضت الطفلة "ندى" الطالبة بالصف الرابع الابتدائي، في مدرسة الخصوص الرسمية للغات بمحافظة القليوبية، لمحاولة اغتصاب من قبل مجهول، بعد ما قرر أحد معلمي المدرسة إلغاء الحصة المقررة، وبدأ الطلاب يجوبون المدرسة الخالية، حتى وقعت الطفلة فريسة لمحاولة اغتصاب مجهول لها، وقررت المديرية التحقيق، واستبعاد المسؤولين عن الواقعة.
وفي بني سويف، شهدت مدرسة خالد بن الوليد، محاولة عاطل التحرش بثلاث تلميذات داخل المدرسة، وبينت التحقيقات تسلل العاطل إلى المدرسة، وأثناء تواجد التلميذات بالصف الثالث الابتدائي، حاول الاعتداء عليهن، لكن تمكن العاملون بالمدرسة من الإمساك به، بعد صراخ التلميذات، وأبلغوا الشرطة وتم ضبطه.
وفي محافظة المنيا، حاول عامل بمدرسة جبل الطير الابتدائية التابعة لإدارة سمالوط الاعتداء جنسيا على تلميذة، لكن تم إنقاذها من بين يديه، وأحيلت الواقعة إلى محافظة المنيا، التي قررت استبعاد العامل من المدرسة، والتحقيق معه.
العنف يجتاح العملية التعليمية
لم يقف الأمر عند حوادث
التحرش الجنسي بالمدارس المصرية، بل امتد إلى معدلات مرتفعة من العنف و"البلطجة" بين أولياء الأمور والمدرسين والطلاب على السواء.
فقد لقي مصطفى نبيل، الطالب بالصف الثاني الثانوي، مصرعه داخل المدرسة، حين حاول مشاركة زملائه لعب الكرة، لكن أحد الطلاب اعترض، ودفعه في صدره، ومنعه من اللعب، فوقع على الأرض، فتم نقله إلى مستشفى زفتى العام، لكنه فارق الحياة.
وفي الجيزة اعتدى ولي أمر طالب بمدرسة إمبابة على المدير بسبب نقل ابنته إلى فصل معين، ما دعا وزارة التعليم إلى الاتفاق مع مديرية أمن الجيزة، على تخصيص دوريات شرطة ثابتة بمجمعات المدارس، إلى جانب دوريات متحركة لمراقبة المدارس كافة.
كما شهدت محافظة الجيزة أيضا سحل معلمة بمدرسة اليسر التابعة لإدارة جنوب الجيزة التعليمية، من قبل سيدتين من الأهالي بعد أن اعترضت على وجودهما داخل المدرسة دون داع.
وفقد تلميذ بالصف الخامس الابتدائي، بمدرسة الشهيد عمر دهشان الابتدائية، عينه داخل المدرسة، أثناء اليوم الدراسي، واتهمت أسرته مدير المدرسة بالإهمال والتسبب في الإصابة، حيث أصيب أثناء لهوه مع زملائه في فناء المدرسة.
كما شهدت مدرسة الشهيد بكفر الزيات بمحافظة الغربية، مشادة كلامية بين إحدى السيدات، من أولياء أمور تلميذة بالصف الأول الابتدائي، وإحدى المعلمات بالمدرسة، انتهت بقيام والدة التلميذة بصفع المعلمة على وجهها، مما أدى إلى حالة من الاستياء بين المعلمين.
الإهمال يتربص بالطلاب
وعلاوة على وقائع التحرش والعنف، فإن وقائع الاستخفاف بالضوابط داخل الفضاء الدراسي لا تعد، ولا تُحصى، خلال الأيام العشرة أيام الأولى من بدء الدراسة، منها تدخين طلاب للسجائر المحشوة بمخدر الحشيش في إحدى المدارس.
وقد عرض الإعلامي، معتز عبد الفتاح، فيديو لطلاب يحملون "شيشة" في حقيبة أحدهم، ويتجولون بها، ما يؤشر إلى أن الواقع فاق الخيال، على حد قوله.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لفتيات إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة، وهن يرقصن بالفصل الخالي من معلميه.
61 واقعة تحرش بالمدارس خلال عام
في السياق ذاته كشف تقرير صادر عن هيئة النيابة الإدارية، بشأن أوجه الخلل والقصور في قطاع التعليم خلال عام 2014، عن العديد من الجرائم والمخالفات الجسيمة داخل قطاع التعليم، وتتمثل في عشر جرائم، أبرزها زيادة جرائم التحرش الجنسي، والعنف الجسدي واللفظي ضد الطالبات والطلبة بمختلف المدارس التعليمية .
وقال التقرير إن الظاهرة المقيتة التي استشرت في المجتمع المصري في العقود الأخيرة هي تلك المتعلقة بالتحرش الجنسي، والانتهاك الجسدي.
وأوضح أن التحقيقات أثبتت حدوث ما يربو على 61 جريمة من جرائم التحرش الجنسي من بعض المدرسين ضد طالبات قاصرات في المدارس الإعدادية بل والابتدائية أيضا، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر حول أهميه مكافحه تلك الظاهرة بكل صرامة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن هذا العدد (61 قضية) رقم يقل كثيرا عن الحالات الفعلية لوقوع الجريمة في ظل إحجام الكثيرين عن الإبلاغ عن مثل تلك الجرائم لما لها من طبيعة خاصة.
ومن نماذج التحرش الجنسي في المدارس، قيام مدرس أول رياضيات بإحدى المدارس الابتدائية بوضع ذراعه على كتف إحدى الطالبات ثم قيامه بملامسة ثديها أمام طالبات الفصل، كما أنه أجلس إحدى الطالبات على فخذيه رغما عنها للتحرش بها أمام طالبات ذات الفصل .
وأضاف التقرير أنه من غرائب التحرش الجنسي بالطالبات داخل المدارس، ما قام به موجه اللغة الإنجليزية بمنطقة بورسعيد الأزهرية، إذ سجل مكالمات هاتفية بينه وبين عدد من الطالبات ووليات أمورهن وزملائه في العمل وآخرين دون علمهم أو الحصول على إذن مسبق منهم، كما قام بإغواء طالبات خاضعات لولايته، وعدد من زميلاته بالعمل لممارسة الفاحشة.
وشار التقرير إلى كثرة وقائع التحرش الجنسي داخل المدارس الحكومية خلال عام 2014، بسبب قصور مسؤولي التعليم عن القيام بالمهام المسندة إليهم بشأن منع هذه الظاهرة، مما نتج عنه وقوع عديد من الضحايا من طالبات وأمهاتهن ومدرسات في شبكة التحرش بل والرذيلة.