قضايا وآراء

الطفل الفلسطيني: ضحية أم بطل؟

محمود أبو هلال
1300x600
1300x600
هل الطفل الفلسطيني بطل؟ أم ضحية؟ سؤال لا بد من الإجابة عنه في ظل اللغط والخلط الذي حدث منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، انتفاضة القدس. 

الإجابة السريعة عن السؤال بأن كلا الصفتين صحيح، بناء على نوع الجهة التي توجه الخطاب، والجهة التي يوجه إليها الخطاب، وهنا يجب أن نفرق بين نوع الخطاب المطلوب من المحطات الإعلامية الكبرى والدول العربية والمؤسسات الحقوقية التابعة لها وبين ما هو مطلوب من الشعوب. 

نحن كشعوب، علينا استنباط واستخراج الشجاعة من خلال مقاومة الأطفال والصبية لدولة الاحتلال وقطعان المستوطنين كدعم وواجب وطني وأخلاقي أولا؛ ومن ثم تعزيز ثقافة التضحية والمقاومة لدى هذا الجيل، وإصباغ صفة البطولة التي يستحقونها على تلك الشجاعة، بهدف دفع الجميع للانخراط في المقاومة، خصوصا أن هذه المقاومة أوجدت توازن رعب فعلي يظهر بوضوح من الدعوات التي أطلقها بعض السياسيين والمستوطنين الإسرائيليين والتي تنادي بعدم استفزاز الفلسطينيين خشية الانتقام. 

أما على صعيد الدول والمؤسسات الحقوقية والمحطات الإعلامية الكبرى، فإن الخطاب المطلوب يختلف تماما عن الخطاب الشعبي، إذ يتوجب عليهم  توجيه رسائل  للعالم أن الطفل الفلسطيني هو ضحية احتلال، ومن الخطأ تصويره كبطل ينقض على رجال الجيش والشرطة والمستوطنين، بل يجب التركيز على أن عمليات الطعن هي مجررد محاولة للدفاع عن النفس والمقدسات في ظل عربدة المستوطنين ودخولهم وخروجهم واعتداءاتهم المتكررة وارتكابهم سلسلة جرائم بشعة؛ من قتل وحرق وسلب لم تتوقف بحق فلسطينيين عزل بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي. 

عليهم إظهار أن هذا الطفل هو ضحية الاحتلال وما رافقه من عمليات إذلال يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحواجز على مدار الساعة.  

عليهم إظهار أن هذا الطفل، الذي كبر قبل أوانه، هو ضحية ليس بسبب سنه فقط وإنما بسبب الظلم الذي وقع عليه وعلى والديه، ما اضطره أن يقوم بدور شجاع أمام كل هذا التجبر والصلف والإفراط في القوة من جانب الاحتلال. 

عليهم تعريف العالم بأن هذا الطفل هو ضحية دولة دينية تبيح قتل الأطفال كما جاء في كتاب "توراة الملك"؛ الذي صدر عام 2009 والذي يقول مؤلفاه أن الشريعة اليهودية تسمح بقتل الأطفال لأنهم يشكلون خطرا على مستقبل إسرائيل!

على الإعلام العربي أن يُذَكر العالم بمنظومة الحقوق التي يتغنى، وخصوصا حقوق الطفل بدل الاكتفاء بالنظر لهمجية المحتل والصمت عليها، وأن يظهر حقيقة أن كل ما لهذا الطفل مستباح عبر تاريخ طويل من الخروقات والاعتداءات ومن السلوك الوحشي  لمحتل لا يعترف بالشرائع الدولية ويضرب بها عرض الغابة! 

عليهم نقل الصورة كاملة للعالم، وتبيان أن هذا الطفل هو ضحية لإهدار حقه  في الحياة، وإهدار حقه في الحماية من التعذيب والإعاقة والإبادة وحقه في التعليم فضلا عن إهدار حقه كطفل أصلا .
عليهم أن يعرضوا للعالم سيرة حياة الطفل في ظل الاحتلال من لحظة  خروجه للحارة للعب "لعبة الشهيد" أو "لعبة عرب ويهود"، وحتى موته في مواجهة غير متكافئة فرضت عليه من المحتل.

عليهم توضيح وتعليل نهاية حياة الطفل بأنه حين اختار الموت كان مجبرا بين موتين: إما شجاعا بطلا مدافعا عن وطنه وحقه وحق والديه، وإما موتا مجانيا على أيدي جنود المحتل الذي يدمن القتل اليومي بدم بارد.

كشعوب يجب أن نثمن تلك الشجاعة وتلك البطولة والعمل على إبرازها وتعزيزها، وكدول وإعلام يجب أن نطالب بحق الضحية من القاتل الحقيقي.  
التعليقات (5)
فتح الله الزريقي
الثلاثاء، 20-10-2015 01:18 ص
‏يقوم صانعوا الإعلام - و غالبا هم يهود صهاينه - بترتيب المعلومات في ذهن الجمهور حتى يحدث التأثير المطلوب لذلك يصورون ذلك الطفل كبطل - و هو بلا أي شك أو ريب بطل - في حين إنه ضحية ل?لة العسكرية الهمجية الصهيونية المغتصبه .. دام نبضك أستاذ محمود .. مبدع كما هو انت دائما
محمد الحباشنة
الخميس، 15-10-2015 10:15 م
اتفق مع الكاتب فيما ذهب اليه في الور المناط بالاعلام والدول الذي يختلف عن دور الشعوب خاثة في شاهدناه على بعض المحطات العربية التي صورت للعالم ان الطفل الفلسطيني قاتل
عدنان برية
الخميس، 15-10-2015 10:01 م
مقال جميل.. محاولات اظهار الفلسطيني كهيرو تدفع العالم الغربي للتعاطف مع اسرائيل.. حتى نماذج القتل بالسكين تحيي في اذهانهم ممارسات المتطرفين كداعش وليس البطولة والفداء والرد على الظلم.. اظن ان الاعلام في العالم العربي تديره عقول منفعلة وغاضبة.. وهو ما يوصل رسالة مغلوطة للعالم الغربي.. ليس لحكوماته بل لشعوبه.. التي نحتاجها لتكون ظهيرا لثورة شعبنا ومسعاه الى التحرر..
كامل عباسي
الخميس، 15-10-2015 08:59 م
الطفل الفلسطيني ومن اول التاريخ هو صاحب قضية اجيال اصابها داء الفشل من حكامنا العرب فليكن هذا الطفل هو الجيل الذي نرنو اليه كشعوب اكلها العفن اتذكر بهذه المناسبة ذهب ذات عام من القهر وفد عربي لمناصرة الجرائر ايام احتلال الجزائر لمساعدة الثوار فكان الرد لا نريد مساعدة احد لو الشعب الفلسطيني لم يسلم القضية للحكام كنتم بخير فيا استاذ محمود فلسطين لن يحررها الا ابنائها والجيل القادم قادم لا محالة
ابوايهم
الأربعاء، 14-10-2015 07:45 م
وجهة نظر نحترمها للاعلام الغربي