قال مسؤولون ومحللون أمريكيون إن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للأكراد العراقيين حتى ينتزعوا بلدة
سنجار الشمالية وجزءا من طريق سريع استراتيجي من
تنظيم الدولة، يمكن أن يعطي قوة دفع لاستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لهزيمة التنظيم.
طال انتظار هجوم سنجار وهو واحد من مؤشرات عدة على ما يقوله مسؤولون أمريكيون من أن استراتيجية أوباما ضد التنظيم في كل من العراق وسوريا، التي تطهى على نار هادئة وتتعرض للانتقاد بقوة بدأت تسفر عن نتائج.
وتزامن هذا مع سعي جديد لواشنطن للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة السورية الذي قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الخميس، إنه يعتمد جزئيا على إدراك القوى العسكرية التي تكتسب اليد العليا.
وفي مناطق أخرى تطوق القوات العراقية مدينة الرمادي التي يسيطر عليها التنظيم بعد أن سيطرت على مصفاة بيجي النفطية المهمة. كما حققت قوات معارضة تدعمها الولايات المتحدة في سوريا تقدما في مواجهة الدولة في شمال شرق البلاد، حيث قرر أوباما الشهر الماضي نشر قوات من العمليات الخاصة الأمريكية كمستشارين.
وإذا تمكنت قوات البشمركة الكردية العراقية السيطرة على الطريق 47 السريع في سنجار ستقطع طريق الإمداد الرئيسي لتنظيم الدولة في شمال ووسط العراق، وأيضا معقلها الرئيسي في الرقة بشمال سوريا جارة العراق. ويقول المسؤولون والمحللون إن ذلك سيصعب على التنظيم نقل التعزيزات والإمدادات عبر حدود الدولتين.
وقال جيفري وايت المحلل الكبير السابق بوكالة الاستخبارات الدفاعية والزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني عن مقاتلي الدولة، "إنهم واقعون تحت ضغط كبير في جبهات كثيرة. أمامهم قرارات صعبة بشأن توزيع القوات."
وقال وايت ومسؤولان أمريكيان إن سقوط سنجار سيكون نجاحا كبيرا إلا أن القضاء على "الدولة" أمامه طريق طويل؛ إذ أظهر التنظيم قدرة على احتواء النكسات وشن هجمات في مناطق أخرى حين يتعرض لهجوم، وذلك طوال الحملة التي تقودها الولايات المتحدة وبدأت منذ 14 شهرا.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه "أنت ترى نوعا من حرب الاستنزاف بدأت تتجلى هنا." لكن الدولة لا يزال لديها "أصول هائلة" و "تصميم غير معقول على المضي حتى الموت."
وصرح المسؤول بأن أي محاولة لاستعادة الموصل ثاني كبرى المدن العراقية من التنظيم أمامها أشهر.
وفي الأصل تدعو الاستراتيجية التي كشف عنها أوباما العام الماضي بعد أن انطلق مقاتلو الدولة من معقلهم في سوريا، وسيطروا على مساحات كبيرة من العراق إلى عزل التنظيم أولا ثم دحره في العراق.
وأقامت الولايات المتحدة تحالفا دوليا يشن ضربات جوية على التنظيم ويساعد في إعادة بناء الجيش العراقي، وتقديم المشورة له بعد أن انهار في وجه الهجوم الضاري لتنظيم الدولة كما يدعم قوات البشمركة الكردية.
لكن التقدم كان بطيئا. وواجهت القوات العراقية التي تساندها وحدات شيعية مدعومة من إيران مقاومة شرسة لجهودها لاستعادة أراض خاصة في محافظة الأنبار التي تقطنها غالبية سنية.
وفيما يتعلق بسوريا حيث زادت روسيا وإيران من دعمهما للرئيس بشار الأسد اتهم أعضاء في الكونغرس الأمريكي وآخرون الحكومة بأنها تفتقر إلى استراتيجية متسقة للتعامل مع "الدولة". وحاولت وزارة الدفاع الأمريكية وفشلت في تجميع قوات معارضة معتدلة تقتصر مهمتها على محاربة "الدولة" لا قوات الأسد.
وأعلن أوباما الشهر الماضي أن ما يصل إلى 50 فردا من قوات العمليات الخاصة الأمريكية سينتشرون في شمال سوريا، بدءا من هذا الشهر لتقديم المشورة لقوات المعارضة في تحول عن استراتيجية سابقة استمرت عاما لمحاربة تنظيم الدولة دون نشر قوات أمريكية على الأرض.
وشمل هذا التغير الاستراتيجي أيضا وضع مزيد من المقاتلات الأمريكية في تركيا لتوسيع نطاق الضربات الجوية، مع تصعيد الضغط على الرقة من جانب
الأكراد السوريين والعرب ومقاتلين آخرين من المعارضة.
دفعة عسكرية ودبلوماسية
أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الخميس في معرض دفاع قوي عن استراتيجية إدارته أن الحرب ضد تنظيم الدولة ستمتد لأعوام.
وقال كيري قبل أن يتوجه إلى فيينا لحضور جولة جديدة من محادثات السلام بشأن سوريا في مطلع الأسبوع: "هناك أدلة متنامية في العراق وسوريا على أن (الدولة الإسلامية) يمكن هزيمتها، بل واقتلاعها حين تواجه مزيجا من ضربات التحالف الجوية وشركاء لهم تأثير فعال على الأرض."
وقبل الهجوم الكردي نفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 90 ضربة جوية حول سنجار منذ أول تشرين الثاني/ نوفمبر وفقا لبيانات البنتاغون. وقال مجلس أمن إقليم كردستان إنه تم انتزاع أكثر من 150 كيلومترا مربعا من التنظيم، وإنه سقط منه عشرات القتلى وهو ينسحب من مناطق من سنجار.
وقال متحدث عسكري أمريكي إن عددا قليلا من المستشارين العسكريين الأمريكيين يعملون مع مقاتلي البشمركة الكردية في جبال سنجار وبالقرب منها.
ويقول بعض المحللين والمسؤولين إن معركة سنجار على أهميتها لن تغير دفة الحرب.
وقال كينيث بولاك المسؤول السابق في المخابرات المركزية الأمريكية وفي البيت الأبيض، الذي يعمل الآن في معهد بروكينغز البحثي إن تلك المعركة "ستربك (الدولة) لبعض الوقت."
أما إذا سيطر الأكراد على الطريق السريع فسيصعب على "الدولة" تزويد مقاتليها في العراق بالعتاد والمؤن خاصة من يسيطرون على الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.
وحذرت المصادر من أن الإسلاميين أبدوا من قبل قدرة على القيام بتراجع تكتيكي حين يستدعي الأمر، وأنهم يحاولون التغلب على العقبات وتعويض الخسائر في منطقة ما من خلال شن هجمات غير متوقعة على منطقة أخرى.
قال وايت: "هم أذكياء جدا فيما يتعلق بتغيير المكان حفاظا على قواتهم... ويخرجون على الأرجح برد فعل مدروس جيدا".