بسرعة، كان يهرول الرئيس الشهيد
ياسر عرفات نحو بيت الشهيد، يقبل رأسي والديه ويمسح عليهما، وهو يتمتم: ابنكم ابني.. فقيدكم شهيد
فلسطين، فيفرح البيت والجيران والحضور بوجوده بينهم بكوفيته وبدلته العسكرية، وهو يردد لهم خطابه المألوف والصادق رغم كلماته المبعثرة، إلا أن مشاعر الأبوة الحانية تفوح من حضوره ونظراته الموزعة على الجميع، ويغادر بسرعة وقد خفف مصاب أهل الشهيد بدفء الحضور.
الجميع أيتام بعد رحيل الشهيد الأب أبو عمار؛ لأننا افتقدنا من كان يتفقد الجميع، ولا يخيب من يطرق بابه، أيتام نحتاج من يلملمنا بالوحدة الوطنية بذكائه وعبقريته وبطشه، وهو يردد القدس.. القدس، فمن كانت عيناه صوبها لا يختلف على فلسطين من أجل تفاصيل الوهم، وسلطة لا تتجاوز صلاحيات بلدية في دولة حرة.
لا شيء ينقص فلسطين اليوم وأيتامها في
غزة واليرموك وقرى المنطقة "ج"؛ سوى مواقف ياسر عرفات.
الجميع يمكن أن يصبر على حالة اليتم العامة، لكن أكثر من 2150 شهيدا سقطوا ضحايا العدوان الأخير على قطاع غزة دون حول منهم ولا قوة، هم الأيتام الحقيقون وهم يطرقون باب
منظمة التحرير، ومؤسسة رعاية
الشهداء من أجل حفنة صبر تصنع الكبرياء لأهل الشهيد، وتشطب الألم لمن فقد المعيل لأسرة قد تكون فقدت منزلها أيضا.
شهداء غزة في الحرب الأخيرة أيتام بعدك يا أبا عمار، ينتظرون بحزن برودة القرارات، وبلادة الإجراءات من أجل اعتمادهم كشهداء. وبصراحة لا مانع من فرزهم ضمن أولويات وفئات من قبل الخبراء والمختصين والباحثين في أحوالهم كباقي الشهداء، ولكن لا يجوز ترك مئات الأسر التي فقدت معيلها بحجة الأزمة المالية، فرائحة التبذير والصرف المالي الأعوج معلومة لدى هيئة الرقابة جيدا.
شهداء حرب غزة الأخيرة أولوية من أجل منح منظمة التحرير الاعتبار، والحفاظ على ديمومتها، فكثير من الشهداء تركوا أسرا تئن تحت وطأة الحاجة ومصاريف الحياة، كي يبقى أبناء الشهداء على مقاعد الجامعة، وتفوح رائحة الخبز والقهوة من منازلهم الباردة، ولا يجوز المماطلة أكثر في حقوقهم. ومطلوب تدخل الرئيس أبو مازن خليفة الراحل في الشهداء والأيتام الذين بينهم أكثر من 300 أسرة فقدوا المعيلين (الأب والأم)، وأفرادا من العائلة، وحتى منزلهم.
ملف شهداء 2014 يجب أن يُحل على غرار شهداء الحربين السابقتين 2009 و2012، حسب الأصول المعتمدة في مؤسسة الشهداء والجرحى في منظمة التحرير، فلا يجوز أن يتظاهر أسبوعيا أهالي الشهداء أمام مقر الحكومة المفقودة في غزة ومؤسسة أرملة الشهيد أبو جهاد السيدة انتصار الوزير.. بالفعل الشهداء يفتقدون نخوة وشهامة ياسر عرفات.