وصف سياسيون ونشطاء قيام نظام الانقلاب بمصر بفصل ونقل المئات من موظفي
البرلمان على خلفية انتمائهم إلى أحزاب وحركات سياسية "محظورة"، بالعمل العنصري، والتكريس لسياسة الانتقام، كما يهدف إلى العمل بأريحية داخل الغرف المظلمة للبرلمان.
وتعتزم السلطات الاستغناء عن أكثر من مئتي موظف بالمجلس، كان بعضهم تم تعيينهم في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بينما تم نقل 65 آخرين إلى وظائف أخرى، تمهيدا لإخلاء البرلمان من أي عناصر محسوبة على تيارات سياسية معارضة.
فزاعة الإخوان للفصل العنصري
النائب السابق ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، جمال حشمت، انتقد تلك الخطوة، قائلا: "النظام العسكري في
مصر هو نظام عنصري، يفرق بين أبناء الوطن، ونظام استئصالي يجتث كل من يعارضه تحت دعاوى فارغة، كالإرهاب والأخونة"، وفق تعبيره.
وأضاف لـ"عربي21" قائلا: "العديد من المعينين في البرلمان هم من مصابي الثورة، ولكن العسكر لا يأبه بأحد، وهذه ليست المرة الأولى، فقد سبقتها عمليات فصل على مستوى المحافظات والمؤسسات والوزارات".
ورأى أن ما يحدث هو "حالة تسارع من الإجرام، والإفساد سواء في إشعال الجبهة الداخلية، أو زيادة الاحتقان، وحالة الغضب، وأن النظام في مرحلة التفريط في كل شيء"، مشيرا إلى أن "هذه دولة شكلية، فهناك دولة موازية داخل مؤسسة الجيش تدير كل شيء في مصر".
حرب نفسية ممنهجة
أما عضو المكتب التنفيذي لحركة "قضاة من أجل مصر"، المستشار عماد أبو هاشم، فاعتبر أن التلويح بفصل
الموظفين "ما هي إلا حرب نفسية ممنهجة ضد موظفي الجهاز الإداري في الدولة، سواء من ثبت انتماؤه منهم للإخوان المسلمين أم من لم يكن أصلا ينتمى إليهم، بغية ثنيهم عن المشاركة في الحراك الشعبي المرتقب".
وقال لـ"عربي21": "وفقا للقوانين التي تحكم عمل الموظف العام في الدولة، فإن إقدام النظام على إقصاء أو فصل أي من الموظفين أو المستخدمين العموميين في الدولة، دون ارتكابه ما يوجب ذلك الجزاء، يعد فصلا تعسفيا يخول المضرور اللجوء إلى القضاء الإداري لإلغاء قرار فصله والرجوع على جهة الإدارة بالتعويض المناسب".
وأضاف أن "الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ليس من بين الأسباب التي تخول الدولة سلطة فصل موظفيها"، مؤكدا "أن ضعف النظام الحاكم ألجأه إلى سياسة التهديد والوعيد؛ لبث روح الخوف بين أبناء الشعب"، معتبرا أن "الأمر كله لن يعدو إلا حماقة جديدة للسيسي ونظامه"، بحسب وصفه.
تهيئة الأجواء "للتربيطات"
بدوره، رأى القيادي بحركة 6 إبريل "جبهة أحمد ماهر"، محمد يوسف، أن "النظام يتبع سياسة نشر أهل الثقة في كل مكان".
وقال لـ"عربي21": "إن إفراغ البرلمان من موظفيه يأتي في سياق التصفية الممنهجة بحق ثوار 25".
وأكد أنه "لا يجوز التعامل مع المواطن بناء على انتمائه السياسي، أو الديني، والتحكم في مصيره على هذا النحو العنصري". واستدرك قائلا: "ولكن نحن في دولة كل شيء فيها جائز، وما هو موجود من مؤسسات ووزارات مسخ، ولا علاقه له بالحقيقة"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن هناك سببا آخر وراء فصل موظفي البرلمان، "وهو تهيئة الأجواء داخل المجلس المقبل، وجعل "التربيطات" أي الاتفاقيات من تحت الطاولة، سرية، حيث يتوقع أن يشهد صفقات، ومشاحنات، ومقايضات كثيرة، لا يرغب النظام في أن يطلع عليها أحد إلا أهل الثقة"، كما قال.
عسكر يديرون البرلمان
من جهته، قال الكاتب الصحفي، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبد القدوس، لـ"عربي21": "نحن في دولة بوليسية، ويجوز فيها كل شيء"، محذرا في الوقت نفسه "من زيادة السخط على الوضع القائم".
وكشف أن من أصدر قرارات الفصل "هو أمين عام مجلس النواب، اللواء خالد عبدالسلام الصدر، وهو رجل جيش، ذو عقلية عسكرية، وتمت بناء على تحريات من أمن الدولة".
وأكد أن "الهدف من عمليات الفصل هو تطهير المجلس من العناصر الصالحة التي تمثل قلب المجلس، وهم يريدون الإتيان ببطانتهم".
تطهير البرلمان من الإخوان
على الجانب الآخر، أيد البرلماني السابق ورئيس اتحاد المعاشات، البدري فرغلي، فصل "كل من يثبت انتماؤه للإخوان المسلمين".
وقال لـ"عربي21": "هؤلاء يشكلون خطورة على المجلس بسبب ولائهم لفكرهم، وليس لمهنتهم"، على حد قوله.
ويرى فرغلي "أنه تمت أخونة المجلس إبان سيطرة الإخوان المسلمين عليه، وهناك نسبة كبيرة منهم في الشؤون الفنية والإدارية، وبالتالي عندما يحدث خلل للبنيان الإداري للمجلس سيؤثر بالقطع على أداء البرلمان"، وفق تعبيره.