تعرضت محافظة
دير الزور، ريفا ومدينة، لقصف جوي عنيف من
طيران النظام والطيران الروسي خلال الأيام الماضية، لم تشهد له المدينة مثيلا منذ ما يقارب ستة أشهر، كما يقول سكان في المحافظة.
ويقول فايز، وهو تاجر من منطقة العشارة: "في العشرين من هذا الشهر تعرضت دير الزور لأكثر من 30 غارة جوية استهدفت 12 نقطة شملت الريفين الشرقي والغربي، أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء في البوليل والعشارة والميادين"، واللافت تجاهل الإعلام لكل هذه المآسي، وربما يعود ذلك لوقوعها تحت سيطرة تنظيم الدولة.
ويُلاحظ استهداف الطيران الروسي للمدنيين بشكل عنيف، ويشهد على ذلك الأرقام للضحايا المدنيين.
ويقول الناشط وسام العربي، لـ"عربي21": "بلغ عدد ضحايا
القصف الروسي 150 شهيدا، فقد حصلت عدة مجازر خلال شهر واحد في البوكمال والميادين والزباري"، فيما يرى الناشطون أن هدف الطيران الروسي هو الانتقام.
وتتصاعد وتيرة القصف مع كل محاولة لتنظيم الدولة باقتحام مطار دير الزور، ما يجعل المناطق القريبة من المطار عرضة للحصّة الأكبر من القصف، ويبرز هنا البون الشاسع بين طيران التحالف الذي نادرا ما يستهدف مدنيين، وبين الطيران الروسي الذي يستهدف مدنيين غالبا، كما يقول سكان ونشطاء.
يتابع وسام: "صحيح أن التحالف يقصف مواقع لداعش بدقة، لكنّه تسبب بقتل مدنيين، ومن ذلك قصف مشفى عائشة في البوكمال قصف أسفر عن قتل أطفال خدج حديثي الولادة وامرأة ورجل"، لكن عدد ضحايا قصف التحالف يبقى محدودا مقارنة مع ضحايا القصف الروسي.
يقول الناشط سراج الدين: "كثير من الغارات التي شنها الطيران الروسي خلفت ضحايا بين المدنيين".
وقد لجأ التحالف مؤخرا لضرب المنشآت النفطية وصهاريج الوقود، بعد أن كان قصفه مركزا على المقرات والأرتال التابعة للتنظيم.
وتسببت عمليات القصف المتواصلة بمآس كبيرة لأهالي دير الزور، فنزح من مدينة الشدادي وحدها قرابة 10 آلاف مواطن. كما شهدت دير الزور موجة كبيرة للهجرة، إذ لم تعد الحياة تُطاق نتيجة الدمار الذي نشره الطيران الحربي، وممارسات التنظيم على الأرض.
ويقول محمود من الميادين: "وقع أهالي الدير بين مطرقة الطيران وسندان داعش، ناهيك عن النظام، ما جعل الهجرة سبيلا وحيدا للخلاص". وقد تنبه تنظيم الدولة لذلك، فمنع الهجرة للمناطق الخارجة عن سيطرته ليبقى الناس في "سجن كبير".
وقد أصدر الائتلاف الوطني السوري صورة تبين "العدوان" الروسي على السوريين في ريف حلب الجنوبي والشرقي، وريف حماة الشرقي ومناطق أخرى، لكن غابت دير الزور عن الصورة التي بينت تعرض هذه المناطق لنحو 877 غارة جوية أسقطت 60 من الضحايا المدنيين، وسقط الائتلاف في "الفخ" عندما تجاهل دير الزور، كما يقول نشطاء.
يقول فارس من مدينة القورية في محافظة دير الزور: "يبدو أن الائتلاف نسي أن دير الزور في سورية، أو ربما نسي أنه يمثل السوريين جميعا، سواء أكانوا خاضعين للنظام أو التنظيم أو الثوار، فهم المؤسسة التي تمثل الشعب السوري".
وقد أثارت الصورة غضب أهالي دير الزور ولا سيما الناشطين، فعدوا ذلك تجاهلا لكل مآسي وآلام أهالي دير الزور وتضحياتهم. ويقول وسام العربي واصفا الائتلاف: "إنها معارضة فاشلة لا تمثل الشعب السوري"، بحسب وله.
وصدر عن ثوار دير الزور وناشطيها بيانا شديد اللهجة ضد الائتلاف نتيجة ذلك. ويقول الناشط وسام: "البيان مجرد فركة أذن لهكذا معارضة فاشلة، فهمُّها الأول والأخير تنفيذ ما يُطلب منها مع عدم الاكتراث للشعب السوري المشرد بفعل الأسد وداعش"، وفق تقديره.
وأشار البيان بوضوح لما اعتبره "تجاهلا" من الائتلاف تجاه ما "حدث في دير الزور من قصف راح ضحيته ما يزيد عن مئة شهيد كلهم مدنيون".
وأكد البيان أنه لا يوجد بين القتلى أي "داعشي". وكانت اللهجة شديدة من قبل الناشطين في البيان، إذ اعتبروا أن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بكل مكوناته لا يمثل محافظة دير الزور لا سياسيا ولا عسكريا"، محملا أعضاء الائتلاف من المحافظة "كامل المسؤولية عن تجاهل المحافظة"، ووصل الأمر لمطالبة الحكومة المؤقتة بالاستقالة، رغم أن رئيسها أحمد طعمة؛ هو من دير الزور.
وقال مازن أبو تمام، أحد ناشطي دير الزور وأحد المشرفين على تجميع التوقيعات على البيان لـ"عربي21": "لم يكلف الائتلاف نفسه ذكر أكثر من 50 غارة روسية استهدفت المدنيين وقتلت أكثر من 100 شهيد".
ويميل الناشطون للاعتقاد بأن هناك شيئا مقصودا لتهميش المدينة. ويقول مازن في هذا السياق: "نحن منزعجون من تهميش دير الزور عموما، وقررنا جمع التواقيع لتنبيه السوريين لهذا التهميش الممنهج من قبل الائتلاف وممثليه، فروسيا والنظام والتحالف يقصفوننا، وداعش تقطع رؤوسنا ولا اعتبار لأحد".
وما زال الطيران لا يفارق سماء دير الزور، والخوف لا يغادر قلوب أهلها.