بعد تراجع نسبي لم يدم طويلا، عادت أسعار
إيجارات العقارات في مدينة غازي
عنتاب في الجنوب التركي، لتسجل نسبة ارتفاع غير مسبوقة، وقابل هذا الارتفاع في أسعار الإيجارات تذمرا من
السوريين المقيمين في المدينة، التي تستوعب -وفق أرقام غير رسمية- حوالي 400 ألف سوري.
ويتهم سوريون في المدينة الوسطاء العقاريين السوريين بأنهم السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار، بعد دخولهم على خط الاستثمار في هذا المجال، خصوصا عقب انتشار ظاهرة استئجار بنايات بأكملها من قبل مستثمرين سوريين، ثم تأجيرها للمواطنين السوريين.
وأدى هذا الأمر، بحسب الوسيط العقاري السوري أبي أحمد، إلى تفضيل أصحاب العقارات الأتراك تأجير البناء بأكمله لمستثمر سوري بشكل سنوي، عوضا عن التعامل المباشر مع المستأجر السوري بشكل منفرد، مقدرا أن دخول المستثمر السوري على خط الاستثمار في المجال العقاري أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجار بنسبة لا تقل عن 15 في المئة.
ويعبر أبو أحمد، خلال حديثه لـ"عربي21"، عن استغرابه مما وصفه بـ"استغلال السوري للسوري". ويقول: "صحيح أن التجارة مشروعة، لكن هذه المشروعية لا تبيح لك استغلال أبناء وطنك الفقراء المشردين"، متسائلا: "ما هو الحد الفاصل بين التجارة والاستغلال".
ويضيف: "لقد أسهموا بدخولهم على هذا الخط إلى زيادة جشع أصحاب البيوت الأتراك، وبالتالي هم فاقموا من حجم الاستغلال الذي يتعرض له النازح السوري"، وفق قوله.
وفي المقابل، التقت "عربي21" رجل الأعمال السوري ياسر ذاكري، وهو واحد من المستثمرين في هذا المجال، حيث قال: "إن من الإجحاف تحميل المستثمر السوري مسؤولية ارتفاع أسعار إيجارات العقارات في مدينة كعنتاب؛ لأنها أساسا من المدن التركية الأكثر ارتفاعا بأسعار العقارات"، بحسب تعبيره.
وأوضح أن "نسبة الاستثمار السوري في سوق العقارات في مدينة عنتاب لا يتجاوز الـ10 في المئة من حجم هذا السوق، بالتالي لا تستطيع هذه الـ10 في المئة التحكم في مؤشر هذا السوق الضخم".
وعلى النقيض من الرأي الذي يحمل المستثمر السوري مسؤولية ارتفاع الأسعار، اعتبر ذاكري، الممثل السابق للائتلاف المعارض في مدينة عنتاب، أن دخول المستثمر السوري على خط العمل في مجال العقارات ساهم إلى حد كبير في إبقاء أسعار الإيجار في الحد المقبول، وفق قوله.
ووفق ذاكري، الذي أكد تعرض الكثير من المستثمرين السوريين للخسارة، فإن بعض المستثمرين السوريين يضعون هوامش بسيطة للربح، وتكون أسعار الإيجارات لديهم أدنى من السعر الذي يحدده الأتراك.
وقال لـ"عربي21": "إن السعر الذي يستطيع تحصيله المستثمر السوري من صاحب العقار، في حال كان الإيجار لكامل البناء، هو سعر منخفض، وبهذا تكون نسبة الربح على حساب هذا الانخفاض لا على حساب المستأجر السوري"، مشيرا إلى أن السوري يفضل التعامل مع السوري، بدليل رواج هذا الاستثمار مؤخرا، كما قال.
من جهته، يفضل معلم المدرسة بسام الحجي، المقيم في مدينة عنتاب، التعامل مع التاجر التركي على التعامل مع قرينه السوري لأسباب يجملها بقوله لـ"عربي21": "قد يؤلمك إن تعرضت للاستغلال من تاجر تركي، ولكن هذا الألم سيكون بالضرورة مضاعفا في حال كان هذا المستغل لك واحد من أبناء بلدك".
لكن في المقابل، يرى لاجئ سوري أن التعامل مع الوسيط السوري العقاري يمنح للنازح تسهيلات قد لا يجدها لدى التاجر العقاري، من بينها إلغاء شرط الدفع مسبقا لعدة أشهر.