تشهد مدينة
الأقصر جنوبي
مصر حالة من التوتر الشديد، بعد تجدد
الاشتباكات مساء الأربعاء بين قوات الشرطة وأهالي قرية العوامية، على خلفية مقتل أحد المواطنين داخل قسم الشرطة جراء التعذيب.
وكانت الاشتباكات بين الأهالي وقوات الشرطة الثلاثاء، عقب دفن جثمان القتيل، وتوجه المئات من أقاربه وجيرانه إلى قسم شرطة "الأقصر"، كما قام الأهالي بقطع الطريق السريع؛ للاحتجاج على ما تعرض له من اعتداء على يد عناصر الأمن، فيما ردت قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين لتفريقهم.
وأسفرت الاشتباكات عن إصابة ثمانية من رجال الشرطة وخمسة من الأهالي بإصابات مختلفة، كما ألقت قوات الأمن القبض على 16 شخصا من أهالي القرية.
تعذيب حتى الموت
وقال شهود عيان، تحدثوا لـ "
عربي21"، إن قوات الشرطة كانت قد ألقت القبض على المجني عليه ويدعى طلعت شبيب، أثناء تواجده داخل أحد المقاهي للاشتباه به، وتم نقله إلى قسم الشرطة، وبعد ساعات قليلة من اعتقاله تلقت أسرته اتصالا بأنه تم نقله إلى مستشفى الأقصر مفارقا الحياة.
وأضاف شهود العيان، الذين رفضوا ذكر أسمائهم، أن قوات الشرطة نشرت أعدادا كبيرة من الآليات والجنود لتعزيز إجراءات التأمين بالمنشآت التابعة للداخلية، خاصة مديرية أمن الأقصر وأقسام الشرطة بالمحافظة؛ خوفا من تعرضها لأعمال انتقامية.
وأكدوا أن هذه هي الحالة الثانية التي تلقى مصرعها داخل قسم الأقصر، حيث قتل أحد المواطنين تحت التعذيب عام 2013، وقام أهالي القتيل بمحاصرة مديرية الأمن، لكن تدخل قيادات الإخوان المسلمين في ذلك الوقت نجح في احتواء الموقف ومنع نشوب صدامات دامية بين الشرطة والمواطنين.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مقطع فيديو تم تصويره من داخل المشرحة يظهر آثار التعذيب على جثمان الشاب القتيل، التي تسببت في مصرعه.
وأكد أحد أقاربه أن الضحية لقي حتفه نتيجة التعذيب في قسم الشرطة، متهما الشرطة بتعمد إهانة الشعب واستفزازه.
وأضاف -خلال مداخلة هاتفية مع قناة "دريم" مساء الأربعاء- أن قمع الداخلية فاق كل الحدود؛ حيث تم القبض على 25 من أهالي القرية من داخل منازلهم، واتهموا بارتكاب أعمال شغب، مضيفا أن الشرطة تخرج لسانها للبلد بأكمله.
تطاول على السيسي
وقال أحد جيران الضحية إن الشرطة قامت بتعذيبه حتى الموت داخل القسم بعد أن تطاول على زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وانتقاده للأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
وأضاف أن أحد أفراد الشرطة أخبر أهالي القتيل أن مشادة وقعت بين الضحية وضباط القسم بعد أن أهان السيسي، فانهالوا عليه ضربا وصعقا بالكهرباء حتى لقي مصرعه، وبعدها نقلوه للمستشفى جثة هامدة.
وكانت قرية العوامية قد شهدت جنازة حاشدة شارك فيها آلاف المواطنين وسط ترديد الهتافات المناهضة للشرطة والمطالبة بالثأر للضحية.
ويقول نشطاء في مجال حقوق الإنسان إن العشرات قتلوا داخل أماكن الاحتجاز في مصر بعد تعرضهم للتعذيب حتى الموت، وإن وتيرة هذه الحوادث تزايدت بشدة في بعد انقلاب يوليو 2013، مؤكدين أن كل المتهمين بارتكاب هذه الحوادث من رجال الأمن أفلتوا من العقاب.
مسجل خطر
وكعادتها في كل الحالات المشابهة، قالت وزارة الداخلية إن القتيل "مسجل خطر" وسبق اتهامه في العديد من القضايا الجنائية، من بينها الاتجار في المخدرات.
ونفى مدير أمن الأقصر اللواء عصام الحملي، تعذيب الشاب حتى الموت بقسم الشرطة، مشددا على أنه تعرض لحالة إعياء شديدة أدت إلى وفاته أثناء نقله إلى المستشفى.
لكن جيران القتيل نفوا هذه الاتهامات، وأكدوا أن تم ضبط كمية من الأدوية المخدرة بحوزته، لكن هذا لا يبرر تعذيبه حتى الموت خارج سياق القانون.
وطالب اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والمتحدث باسم الوزارة، جميع الأطراف بضبط النفس والانتظار حتى ظهور نتيجة التحقيقات التي تجريها الداخلية حول الواقعة وتقرير الطب الشرعي حول سبب الوفاة.
وأضاف أن الحكومة لن تتستر على أي مخطئ، وستقدم أي ضابط للمحاكمة الجنائية إذا ثبت تورطه في جريمة التعذيب.
واكتفى محافظ الأقصر محمد بدر، بتقديم العزاء لأسرة القتيل، وأكد أنه يتابع بنفسه سير التحقيقات في الواقعة، وسيقدم المتسببين فى مصرعه للمحاكمة إذا ثبت تعرضه للتعذيب.