عبر قائد
الجيش اللبناني العماد جان
قهوجي عن قلقه من التهديد الأمني المتزايد الذي تمثله مخيمات النزوح السورية، والتي قد تشكل مخابئ محتملة للمسلحين، لكنه أكد أن الوضع الأمني في البلاد تحت السيطرة، رغم وقوع انفجارين انتحاريين هذا الشهر، تسببا في مقتل 43 شخصا.
وقال قهوجي في مقابلة حفية بمكتبه في منطقة اليرزة المطل على العاصمة بيروت وضواحيها: "نسبيا الوضع ممسوك وتحت السيطرة. لم تعد الأمور فلتانة، ولم نعد كما كنا في السابق نأكل "كف" ونصاب بالضياع والإرباك والفزع. الوضع الأمني بالداخل ممسوك، ولكن هذا لا يلغي إمكانية حصول خرق ما في مكان معين."
وأضاف قائلا: "في أوروبا يحصل خرق، وقد يحصل خرق عندنا أيضا، ولكن نحن تقريبا جففنا المصادر التي تفخخ السيارات، ولكن يبقى هناك شخص ما يضع زنارا ناسفا ويرتدي معطفا. بيعملها."
وتابع قهوجي: "قد تحصل خروقات. برج البراجنة كان خرقا، وممكن أن يحصل خرق ثان، ولكن لم تعد هناك أماكن فلتانة عندنا للتفخيخ، صارت تأتي من الخارج."
وكان تنظيم الدولة قد أعلن مسؤوليته عن التفجيرين اللذين استهدفا ضاحية بيروت الجنوبية المزدحمة التي يهيمن عليها حزب الله في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ومنذ ذلك الحين نفذت السلطات الأمنية اللبنانية سلسلة مداهمات في البلاد، وأعلنت اعتقال معظم أفراد الشبكة التي خططت ونفذت وساعدت وهربت الانتحاريين.
ووجهت المحكمة العسكرية الأربعاء اتهامات ضد 26 شخصا بالانتماء إلى تنظيم الدولة، بينهم 23 هم الشبكة المسؤولة عن تفجيري برج البراجنة.
وأعلن تلفزيون المنار التابع لحزب الله الخميس أن الجيش السوري وحزب الله اللبناني نفذا عملية نوعية بسوريا قتل فيها شخص مسؤول عن نقل الانتحاريين.
وأضاف قهوجي: "نحن أصبحنا بمنتصف الطريق في محاربة الإرهاب، بينما الدول الأوروبية ما زالت في البداية. معنى ذلك أنهم بحاجة إلى الكثير ليصلوا إلى مرحلتنا وملاقاتنا في منتصف الطريق، المعلومات أصبحت كبيرة جدا عندنا."
وتابع قائلا: "بالتأكيد ازداد الخطر من مخيمات النازحين السوريين، ونحن قمنا بالعديد من المداهمات"، داعيا إلى "إزاحة مخيمات النزوح السورية لأكثر من 500 متر عن الطرقات العامة في البقاع؛ لمنع الخروقات الأمنية أو اختباء الإرهابيين."
ويستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري جراء ما يقرب من خمس سنوات من الحرب في سوريا، التي أدت إلى مقتل أكثر من 250 ألف شخص، ودفعت نصف السكان للنزوح، فيما يمثل النازحون تقريبا ثلث عدد سكان لبنان، وهم يعيشون في مخيمات عشوائية، معظمها في سهل البقاع في شرق البلاد.
وواصل قهوجي حديثه الصحفي قائلا: "نحن لسنا ضد النازحين، ونعرف أن هؤلاء يريدون العيش، ولكن عليهم أن يبتعدوا عن المناطق التي تؤذينا، نعم يوجد خطورة من هذه المناطق، نحن نفزع من الأشياء التي لا نعرفها أما الأشياء التي نعرفها فنتخذ إجراءاتنا اللازمة لمنع وقوعها."
وأضاف: "نحن نداهم ونبحث عن سلاح في داخل المخيمات، ولكننا نجهل الأشخاص، وهو ما يجعل خطرهم كبيرا، لسنا ضد الناس، نحن استقبلناهم، وأنا لدي قناعة إنسانية أنه يجب مساعدتهم، وأن يعيشوا، ولكن لا أن يعيشوا ويؤثروا على أمننا. نحن نتعاطى معهم كبشر وليسوا كسوريين، ولكن من الممكن أن يأتينا الخطر منهم."
وقال قائد الجيش اللبناني: "المخيمات بحاجة إلى تنظيم. المسؤولون اللبنانيون اختلفوا بالسياسة بشأن المخيمات؛ لأن كلمة مخيم دائما تسبب لنا الفزع، وتعيد إلى الأذهان قضية المخيمات الفلسطينية."
وأشار إلى أن العمليات الانتحارية تتزايد عندما تحرز السلطات نجاحا في مكان ما. ومضى يقول: "نجحنا إلى درجة كبيرة في ضبط السيارات المفخخة، فراحوا إلى الخلايا الصغيرة وتفخيخ الأحزمة. قد يستعينون بأشخاص من داخل المخيم لمساعدتهم."
وأكد أن الخطر الأمني يتزايد "كلما ازداد الضغط عليهم في داخل سوريا. كلما حقق الجيش السوري نجاحات ازدادت إمكانية سعيهم للتسلل إلى داخل المناطق اللبنانية والقيام بأعمال إرهابية في البلاد."
ومنذ تدخل الطائرات الحربية الروسية لدعم النظام في 30 سبتمبر/ أيلول، يحقق الجيش السوري المدعوم من مقاتلين إيرانيين وحزب الله تقدما كبيرا في المعارك ضد المعارضة المسلحة.
وقال قهوجي: "كان الإرهابيون في السابق يفخخون السيارات على الحدود السورية، ويرسلونها إلى عرسال، ومن ثم إلى الداخل اللبناني. الآن لم يعد لديهم القدرة على إدخال هذه السيارات إلى عرسال ولا إخراجها منها. إنهم تحت نظرنا، ولهذا هم اختنقوا. لقد أقفلنا الباب الذي كانوا يأتون منه، وأقفلنا عدة طرق وأماكن أخرى؛ ولهذا خفت قضية تفخيخ السيارات."
وتحدث قائد الجيش عن الوضع في البقاع وتحركات المسلحين في شرق البلاد قائلا: "وضعنا على الحدود جيد جدا. في عرسال ورأس بعلبك الانتشار جيد جدا، وهم لا يفزعونني، ونحن لن نسمح لهم بالتحرك، وعندما نشعر بأي حركة نفتح النار بالمدفعية والطيران."
وكان الجيش قد خاض معارك متكررة مع الجماعات المسلحة، بما في ذلك متشددين على صلة بتنظيم الدولة وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في المناطق القريبة من الحدود السورية.
وبالإضافة إلى دوره في حماية الحدود، فإن الجيش اللبناني يقوم بأدوار عدة، منها: التفريق بين المتظاهرين، وإقامة حواجز في الشوارع، وتعقب المجرمين، وغير ذلك.
وقال قهوجي: "وضعنا برنامج بقيمة خمسة مليارات دولار لتعزيز الجيش، ومن ثم خفضنا المبلغ إلى مليار و 600 مليون دولار، ولكننا حصلنا على موافقة البرلمان بقيمة 900 مليون دولار لدعم الجيش."
ووقعت فرنسا ولبنان في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي اتفاقا تموله السعودية، قيمته ثلاثة مليارات دولار؛ لتوريد أسلحة وعتاد عسكري فرنسي للجيش اللبناني.
وقال قائد الجيش اللبناني: "نحن ننتظر الهبة السعودية منذ سنة ونصف السنة. لقد أجرينا كل الأعمال التحضيرية والاجتماعات، وحددنا احتياجاتنا، ولكن كل شيء ما زال على الورق حتى الآن. وصلنا من الهبة السعودية حتى الآن 47 صاروخا فرنسيا فقط."
وأضاف قائلا: "الأمريكيون يقدمون لنا المساعدة كثيرا، وكذلك البريطانيون. كل سنة كان الأمريكيون يمنحوننا بين 70 و80 مليون دولار لدعم الجيش، ولكن عام 2016 ضاعفوا الرقم، ووصلنا إلى ما يفوق 150 مليون دولار."