قبل 28 عاما، وفي مثل هذا اليوم (8 كانون الأول/ ديسمبر 1987)، اندلعت شرارة الانتفاضة
الفلسطينية الأولى، أو "انتفاضة الحجارة"، كما يسميها الفلسطينيون.
وبدأت الانتفاضة من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كافة المدن والمخيمات الفلسطينية.
ويعود سبب الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة، إلى قيام سائق شاحنة
إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين (استشهد أربعة أشخاص آنذاك وفق مصادر فلسطينية) على حاجز بيت حانون "إيريز"، شمال قطاع غزة.
وأطلق الفلسطينيون اسم "انتفاضة الحجارة"، على
الانتفاضة الأولى، لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسة فيها، إضافة إلى استخدام "الزجاجات الحارقة"، والأسلحة الشعبية البدائية.
وتقدر حصيلة الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا على أيدي القوات الإسرائيلية أثناء انتفاضة الحجارة، بنحو 1,162 شهيدا، بينهم حوالي 241 طفلا، ونحو 90 ألف جريح، فضلاً عن تدمير ونسف 1,228 منزلاً، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية.
أما من الجانب الإسرائيلي، فقُتل 160 فقط، وفق إحصائية صادرة عن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم".
وتم اعتقال ما يقرب من 60 ألف فلسطيني، من القدس والضفة والقطاع وفلسطينيي الداخل (من يقيمون داخل الكيان الإسرائيلي)، وفق إحصائية أصدرها مركز الأسرى للدراسات (فلسطيني مستقل) في آذار/ مارس عام 2008.
وتوقفت الانتفاضة نهائيا مع توقيع اتفاقية أوسلو، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
أما الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فقد اندلعت في 28 أيلول/ سبتمبر 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي.
وتميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
وشهدت الانتفاضة الثانية، تطورًا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، التي كان أبرز أدواتها "الحجارة" و"الزجاجات الحارقة".
ويحذر مسؤولون فلسطينيون من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية قد يشعل انتفاضة فلسطينية ثالثة في الوقت الحالي.
وتشهد الأراضي الفلسطينية، منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات إسرائيلية، اندلعت بسبب إصرار مستوطنين يهود على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة أمنية إسرائيلية.
ويقول هاني حبيب، الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، إن حوادث رشق الحجارة اليوم على كافة مناطق التماس مع إسرائيل وعمليات "الطعن"، تعيد إلى الأذهان الانتفاضة الأولى.
وأضاف أن "الانتفاضة الأولى اندلعت، بسبب الظلم، والانتهاكات الإسرائيلية، المتواصلة، اليوم، المشهد يعيد نفسه.. فتية وشبان ملثمون، بأيديهم الحجر والمقلاع، يقاومون جيش الاحتلال رفضا لمصادرة أراضيهم وتهويد أرضهم".
وقد تتطور الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، إلى انتفاضة "ثالثة"، كما يقول ناجي شراب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة.
ويضيف شراب أن "الهبة الفلسطينية" تشبه في أحداثها ومكوناتها الانتفاضة الأولى، متابعا بأنه "من حيث الأدوات، فهي الحجر والسكين.. كما أن الانتهاكات الإسرائيلية تتواصل بالوتيرة نفسها وأشد، وهو ما قد يدفع الفلسطينيين إلى إشعال انتفاضة ثالثة".
غير أن شراب قال إن نجاح الهبة، وتحويلها إلى انتفاضة يحتاج إلى خطة استراتيجية وطنية، تتوحد خلفها كافة القوى والفصائل الفلسطينية.
وتابع: "من غير المعقول، أن تحدث كل هذه الإنجازات والتضحيات على الأرض في السنوات السابقة والآن، دون أن يجني الفلسطينيون ثمارها، يجب توحيد الصفوف وتشكيل قيادة موحدة".