رأى محلل اقتصادي أن قرار مقاطعة البضائع التركية في العاصمة
العراقية بغداد وعدد من المحافظات غير واقعي، ولا يمكن تطبيقه بسبب اعتماد السوق المحلي بشكل شبه كامل على المنتجات التركية، في وقت رأى كاتب عراقي أن القرار جاء بدفع من جهات تريد فتح السوق بشكل أكبر أمام المنتجات
الإيرانية.
وقال المحلل الاقتصادي عبد الصمد المشهداني إن حجم التبادل التجاري السنوي بين العراق وتركيا، الذي يتجاوز حاجز الـ12 مليار دولار، هو في أغلبه مواد استهلاكية ومواد إنشائية، مضيفا أن هذا الرقم يشير إلى اعتماد شبه كامل للسوق العراقي على المنتجات التركية.
وأضاف المشهداني في تصريح خاص لصحيفة "
عربي 21" أن التوسع والامتداد الكبير للصناعات التركية في العراق يأتي بسبب السمعة الجيدة التي تتمع بها المنتجات التركية، مشيراً إلى أن الأمر ينطبق أيضا على الشركات التركية العاملة في مختلف المشاريع المنتشرة في جميع محافظات العراق.
ورأى المشهداني أنه لا يمكن تطبيق قرار مقاطعة البضائع التركية في السوق العراقية بسبب الاعتماد الكبير على هذه المنتجات وعدم توفر البدائل ذات الجودة المماثلة، فضلا عن ارتباط معظم التجار العراقيين ذوي الوزن الثقيل بعقود مع الشركات التركية وهي روابط لا يمكن إنهاؤها أو استبدالها بسهولة.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى ضرورة الفصل بين واقع اقتصادي قائم ومتطلبات المستهلك والسوق وبين العواطف المختلطة بالدوافع الطائفية، والتي قادت إلى مثل هذا القرار، وقبله الحملة المنظمة لمقاطعة البضائع السعودية.
من جانبه رأى الكاتب العراقي عدنان الحاج أن موضوع دخول القوات التركية إلى مناطق في شمال العراق تم اتخاذه ذريعة لضرب المصالح الاقتصادية التركية، مبينا أن الدافع الحقيقي لدعوات المقاطعة هو من أجل فسح مجال أكبر للبضائع والصناعات الإيرانية.
وأشار الحاج في حديث لـ"
عربي 21" أن الأحزاب والميليشيات العراقية المرتبطة بإيران تنتهز كل فرصة وحادثة من أجل ضرب المصالح التركية في العراق، ووفق هذا السياق كانت حادثة اختطاف العمال الأتراك في أيلول/ سبتمبر الماضي، مضيفا أن جميع لافتات المقاطعة التي تم تعليقها في بغداد والمحافظات الجنوبية كانت بواسطة عناصر هذه الميليشيات.
واستغرب الحاج من وصول الأمر إلى حد الفتاوى التي صدرت من بعض "المعممين" الشيعة الذين أفتو بحرمة التعامل مع البضائع التركية ووجوب مقاطعتها، معتبرا أن استبدال البضائع التركية بأخرى إيرانية من شأنه أن يدر على منظمي الحملة مليارات الدولارات.
وخلص الحاج إلى أن المقاطعة الفعلية للمنتجات التركية لا يمكن أن تحدث على أرض الواقع بسبب حجم الاعتماد الكبير للمستهلكين والشهرة التي تتمتع بها هذه البضائع وهو ما يمكن ملاحظتة في أي مجمع تجاري آو حتى محل صغير في العراق والعاصمة بغداد على وجه التحديد.
وكان مصدر في الإدارة المحلية للعاصمة العراقية قد أعلن في وقت سابق عن التصويت بالإجماع على قرار مقاطعة البضائع التركية في بغداد وذلك رداً على التوغل التركي في الأراضي العراقية، فيما طالبت أصوات من داخل التحالف الشيعي الحاكم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالعمل الفوري على قطع العلاقات الاقتصادية.
وتصاعدت حدة الأزمة بين بغداد وأنقرة عقب دخول قوات تركية إلى مناطق قريبة من مدينة الموصل، شمال العراق، وطلب رئيس الوزراء العراقي منها المغادرة خلال 48 ساعة وأعقبها بالطلب من حلف الناتو التدخل والتأثير على الوضع الناجم عن دخول هذه القوات.