أثار البيان الختامي الصادر عن
مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، والذي تضمن تشكيل هيئة تفاوضية معارضة عليا مؤلفة من 35 شخصا، بالإضافة للتأكيد على مبدأ الديمقراطية والتعددية في الحكم، فضلا عن مطالبة جميع المقاتلين الأجانب بالخروج من البلاد، (أثار) ردود أفعال متباينة في أوساط السوريين من عسكريين ومدنيين، ما بين مرحب بها، وغير آبه بها، ولا بمصدريها من المؤتمرين في الرياض.
فقد رأى العقيد هيثم العفيسي، عضو هيئة أركان الجيش السوري الحر، في حديث لـ"
عربي21"، أن مؤتمر الرياض كان حلما للثورة السورية، وأن عقده في الرياض يعطيه مشروعية، فيما مثّل الحضور العسكري قسما كبيرا من الفصائل الموجودة على الأرض.
واعتبر العفيسي أن الائتلاف السوري المعارض وهيئة التنسيق، المشاركين في المؤتمر، لا يمثلان أحدا على الأرض، مضيفا: "نحن نعقد الآمال على الفصائل العسكرية التي كانت متواجدة في المؤتمر؛ لأنها تمثل الشريحة الأكبر من تطلعات الثورة السورية وأهدافها"، بحسب قوله.
ووصف العفيسي مخرجات المؤتمر بـ"الجميلة" و"المعبرة عن فكر الثورة السورية"، لافتا إلى أن المشكلة بالتطبيق. وعبر عن أمله في أن تستطيع هذه اللجان القيام بعملها بشكل صحيح، وتصل إلى الهدف الحقيقي من هذا المؤتمر، والهدف الحقيقي للثورة السورية.
من جهته، اعتبر وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، العميد عوض العلي، أنّ مخرجات المؤتمر "جيدة".
وأبدى وائل علوان، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، في حديث لـ"
عربي21"، تفاؤله من مخرجات مؤتمر الرياض، خاصة أنه يعقد في دولة راعية وحاضنة للثورة السورية، و"معروفة بمواقفها الشجاعة إلى جانب حلفائها من أتراك وقطريين فيما يخص الثورة السورية".
وأشار علوان إلى أن مساندة الحلف الداعم للثورة السورية سيعطي الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عن المؤتمر؛ قوة تجعل منها قادرة على جني الاستقرار من خلال مرحلة انتقالية تعيد للشعب السوري حريته السياسية والاجتماعية، مبديا في الوقت ذاته تفاؤله بتصريحات وزيري الدفاع والخارجية السعوديين عقب المؤتمر.
وانتنقد علوان الطريقة التي تم بها اعتماد الفصائل في مؤتمر الرياض، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن الأمور لا تأتي بشكل محاصصة، "فلا مشلكلة لدينا في الجلوس مع أي سوري غير مشارك في القتل أو مدافع عن القاتل".
أما أبو عبد الرحمن الشغري، قائد كتيبة عباد الرحمن العاملة في جبل التركمان في الساحل السوري، فقد اعتبر أن تشكيل وفد لمفاوضة النظام السوري غير وارد، و"جريمة بحق الشعب وخيانة لدماء الشهداء"، بحسب وصفه.
وأشار الشغري، خلال حديثه لـ"
عربي21"، إلى أنه بعد خمس سنوات من القتل والتدمير والتشريد، والتضحيات من شهداء وجرحى، يتم الحديث الآن عن جلوس مع النظام.
بدوره، قال الناشط الإعلامي الميداني معاذ العباس، لـ"
عربي21": "ما ميّز مؤتمر الرياض عن المؤتمرات السابقة؛ وجود بعض الفصائل العسكرية العاملة على الأرض، وفي الحقيقة، العجب أن بعض هذه الفصائل يطلق عليها فصائل إسلامية، مثل حركة أحرار الشام، حيث كانت هذه الفصائل تنادي وتصرخ وتندد وتشجب بأنها من مجاهدي الخنادق لا الفنادق".
وتساءل عباس كيف ترضى هذه الفصائل "أن تكون اليوم ثوار فنادق، وتجلس على طاولة مستديرة مع ثوار الفنادق"، واصفا إياهم بـ"المتنورين وليس الثوار".
واعتبر العباس أن المؤتمر لم يأت بجديد خلال بيانه الختامي، حيث لم يجلب أية منفعة للأطفال الذين يعيشون تحت البراميل، وإنما كان عبارة عن حبر على ورق، مذكرا المؤتمرين بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وفق تقديره.
في المقابل، اعتبر الناشط الإعلامي تمام حازم؛ أن نتائج المؤتمر "تتحدث بتطلعات شعب سوري يرزح تحت يوميات القصف والحصار؛ وتمثل النقاط المتفق عليها".
وأشار حازم، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن المؤتمر قدّم رؤية إيجابية رغم تلون المعارضين بأطيافهم السياسية، معبرا عن اعتقاده بأن الجميع كان أمام مسؤولياته حيال
سوريا الجديدة، و"يأمل الجميع، حسب وجهة نظري، أن تتأتى ثمار هذا الاتفاق برؤية حقيقية للحل لا تسمح لقوى متطرفة وكذلك طائفية وأجهزة أمنية؛ بالتحكم بهيئة حكم انتقالية أمامها تحديات جمة وكبيرة".
ووقع على البيان الختامي للمؤتمر عدد من الفصائل العسكرية
المعارضة، من بينها حركة أحرار الشام وجيش الإسلام، فضلا عن عدد من المعارضين المستقلين والمنضويين تحت راية الائتلاف الوطني السوري وهيئة التنسيق.
ولعل من أبرز النقاط التي أثارت لغطا في المؤتمر، توقيع مندوب حركة أحرار الشام على البيان الختامي لمؤتمر الرياض، وإصدار القيادة العامة للحركة بيانا أعلنت فيه الانسحاب من المؤتمر. كما أعلن الرئيس السابق للائتلاف الوطني، معاذ الخطيب، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"؛ أنه لم يوقع على البيان الختامي، كما نفى وجوده في أي لجنة منبثقة عن المؤتمر، بالرغم من وجود اسمه في الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عنه.
بدوره أوضح صبحي الرفاعي، رئيس المكتب التنفيذي في مجلس قيادة الثورة، لـ"
عربي21"، أن بيان أحرار الشام يلغي توقيع مندوبه على البيان الختامي، إن حصل.
وأشار الرفاعي إلى أن هناك ضعفا كبيرا في الصياغة القانونية، وخاصة فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، حيث لم يكن فيها استناد واضح لقرارات الشرعية الدولية مثل القرار 2118، كما لفت إلى أن البيان نص على تنفيذ بنود بيان جنيف دون ترتيب الأولويات.
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف أسماء الهيئة العليا للمعارضة السورية
وانتقد الرفاعي تمثيل الفصائل بـ11 مقعدا فقط في الهيئة التفاوضية العليا، ورأى أن هذا التمثيل "الضعيف"؛ سيؤدي لاستيلاء "المعارضة المزيفة على القرار، وتتسلق في التسوية مع النظام على أكتاف وتضحيات الجيش الحر، والمدنيين والضحايا".
وأن مستوى تمثيل محافظة حلب في المؤتمر لم يكن متفقا عليه بين الفصائل، وهو ما ظهر من خلال منشور لرئيس المكتب السياسي في الجبهة الشامية، عبد الله عثمان، الذي أكد عدم وجود أي ممثل للجبهة في مؤتمر الرياض، نافيا في الوقت ذاته تكليف أي أحد من المؤتمر بالتحدث باسمها.
ولم يسمع عدد كبير من السوريين في الداخل السوري بمؤتمر الرياض كسابقاتها من المؤتمرات، كون الظروف لم تتغير على الأرض. فطيران النظام والطيران الروسي، يهدم منازلهم، والنازحون منهم يعانون قسوة برد الشتاء على الحدود.
وتقول الحاجة أم محمد، النازحة من كفر زيتا إلى مخيم أطمة، لـ"
عربي21": "لم أسمع لا بمؤتمر الرياض ولا بغيره، ما يعنيني أن أحصل على خيمة تقيني من أمطار الشتاء وعواصفه، لكني لا أملك خيمة هنا، ولم أتمكن من الحصول عليها، وأفترش وأبنائي الأرض تحت شجرة الزيتون، بعد أن قمت بسقفها بقطعة من النايلون، علّها ترد عني وعن أبنائي أمطار فصل الشتاء".
اقرأ أيضا: هل وقّعت "أحرار الشام" على البيان الختامي لمؤتمر الرياض؟