قدم عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين في مصر
محمد كمال شهادته على أبعاد الأزمة الأخيرة التي حدثت داخل صفوف الجماعة، والتي تسببت في خلافات واسعة داخل صفوف الحركة الإسلامية الأكبر في العالم.
ولفت محمد كمال في بيانه الذي حمل عنوان "إبراء ذمة" إلى أن شهادته تأتي تفنيدا لبعض ما وصفه بالكلام المغلوط، حتى لا يتم "تلبيس الحق بالباطل، وما يترتب عنه من تعميق الانقسام واتباع لبعض الأهواء".
وقال كمال: "الإخوة والأخوات أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المباركة، أضع بين أيديكم شهادة حق إبراء للذمة، وتوضيحا للحقائق بعدما وصلنا لهذا الموقف الحرج من مسيرة الجماعة، والله نسأل أن يكون منحة في صورة محنة تنقى بها الصفوف، ويقوم فيها المنهج، ونراجع فيها السبيل لتكون لوجه الله وعلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم".
وأضاف: "لدي ما أقوله: شهادة كاملة عن الفترة التي كنت فيها رئيسا للجنة الإدارية العليا سأوثقها لعموم الإخوان، كحق أصيل لهم، أوضح فيها الحقائق كاملة، ولكن لما قد يكون فيها من جراح، آثرت أن أؤجلها لما بعد موجة كانون الثاني/ يناير، حتى لا أكون شريكا للانقلاب الغاشم في وأد حراك الإخوان الثوري".
وذكر "كمال" أن اللجنة الإدارية العليا لم تنعقد منذ شهر، للظرف الأمني، وتصدر قراراتها بالتمرير، ويتم الموافقة عليها حسب الأعراف المؤسسية بالأغلبية، ولا يعني ذلك حتمية أن يوافق عليها رئيس اللجنة مع تقديرهم لرأيه.
واستطرد قائلا: "لا يقبل عاقل بأن ينحصر دورها كلجنة شكلية منزوعة الصلاحيات تأتمر بكلام شخص واحد - مع كامل التقدير له - ليس له مرجعية، ولم يعد ممثلا لمكتب إرشاد ينتمي إليه، فأي عمل مؤسسي هذا الذي يجعل من فرد الآمر الناهي لكيان بثقل الإخوان المسلمين بدون شورى ولا مؤسسية؟ ومن المعلوم أن السلطة المطلقة مفسدة".
وتابع: "لجنة التحقيق التي تحدث عنها مسؤول اللجنة (الدكتور محمد عبدالرحمن) هي لجنة غير شرعية، وتم تشكيلها بانتقاء القائم بالأعمال بخلاف اللائحة التي تنص على أن (ينتخب مجلس الشورى من بين أعضائه لجنة تحقيق تتكون من ثلاثة أعضاء أصليين وثلاثة أعضاء احتياطيين يحلون محل الأعضاء الأصليين إذا وجد مانع لديهم أو لدى أحدهم)".
وذكر كمال: "وتختص لجنة التحقيق بما يحيله إليها المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو المجلس، مما يمس سلوك أحد الأعضاء أو يفقد الثقة به، وتقترح هذه اللجنة الجزاء الذي تراه مناسبا، وتعرض قرارها على مكتب الإرشاد أو المجلس طبقا لاختصاص كل منهما"، مضيفا: "كما لم تعرض نتائجها على مجلس الشورى، وبالتالي لا يحق لفرد مع احترامنا لمقامه اعتماد توصياتها، وقد تم الطعن على تشكيل هذه اللجنة".
وشدد على أن "القرارات التي صدرت بحق إيقاف أعضاء منتخبين أو ممثلين للجانهم هي إجراءات منعدمة ومعيبة، لتصفية الحسابات، واتخذت بطريقة غير شرعية وعلى أسس غير لائحية، والنية كانت مبيتة لها بهذا الشكل والتوقيت، فتجدون مثلا الموقع الإلكتروني -الذي أعلن أمس كالتفاف عن المنفذ الشرعي- تم إنشاؤه منذ شهر، وقبل صدور توصية تجميد عضوية مسؤول الإعلام أو عزل المتحدث الإعلامي أو حتى التحقيق معهما".
وأردف كمال: "لم يتم عرض هذه القرارات على لجنة الإدارة المنتخبة للاعتماد، بل فوجئنا بها منشورة في وسائل الإعلام، وطلبنا عشرات المرات مقابلة القائم بالأعمال حرصا على توحيد الكلمة وفك الالتباس الحادث، ولكن لم يتم الاستجابة لنا إطلاقا".
وقال: "بدوري أتعجب ممن يدعي أنه يحرص على الشورى ويحترم المؤسسية، أي مؤسسية هذه التي تجعلكم تجمدون عضوية من يختلف معكم في الرأي، وتحاولون إقصاء المنتخب من موقعه، وتضعون بدلا عنه شخصا معينا يوافق أهواءكم، وتضعون رأي شخص واحد في كفة تطيح أمامها الآراء الشورية التي خرجت عن المؤسسات كافة التي تدير الجماعة؟".
وتابع قائلا:" الجميع يعلم أنني دعوت أكثر من مرة أن نأخذ خطوة للخلف أنا والقائم بالأعمال وجميع الإدارة القديمة، ونفسح المجال لدماء شابة ومجموعة جديدة منتخبة لها كامل الصلاحيات، وها أنا أكرر دعوتي بأن نترك الشباب الذين أكسبتهم المحن المتتالية خبرات عظيمة فأصبحنا لا نستطيع مجاراتها لطبيعة النشأة والتكوين، وعظم المتغيرات بخلاف القيود المفروضة علينا، ولقد أخذنا فرصتنا كاملة فأخطأنا وأصبنا، وهذه سنة الحياة شئنا أم أبينا، وطواعية خير من أن نكون مرغمين".
وتابع: "رجائي الأخير أبعثه لشبابنا الثائر المجاهد المرابط على الأرض، نعتذر إليكم مما آل إليه الأمر، وأؤكد لكم أن المفتاح بأيديكم، حراككم الثوري، وعملكم الناجز الدؤوب الذي تعودناه منكم - مع الانضباط بمحددات الشرع - هو القاطرة الحقيقية التي تنهي الخلاف وتوحد القلوب".
واختتم كمال بقوله: "امضوا على بركة الله ولا تعبؤوا لمعارك وهمية لمن حادوا عن بيت القصيد وشغلتهم سفاسف الأمور وترف الحياة، واعلموا أنكم أصبحتم قاطرة الجماعة ومحرك دفتها والأمل النابض لملايين لا أقول الإخوان، بل الأمة بأسرها".
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية، للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة سلطة الانقلاب، وشرعية القيادة في الظرف الجديد.