قالت صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحيتها، إن الصور التي سربها المصور السابق في الشرطة العسكرية السورية، المعروف باسم سيزار (أو قيصر)، فضحت فظاعة الجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد ضد
المعتقلين، وأكدت أن لا مكان لهذا الرئيس في أي خارطة سياسية مستقبلية.
وقالت الصحيفة، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن الصور التي أظهرت ضحايا
التعذيب والقتل في
سجون النظام السوري، تعد أحد أهم مفاتيح فهم الصراع الذي يعصف بسوريا، حيث إنها تمثل شاهدا على بربرية نظام بشار الأسد.
وأضافت أن الجميع كانوا يعلمون أنه يمارس الخطف والتعذيب وقتل المعارضين، وكان يعلمون أنه لا يتردد في قتل الأطفال، ولكن ما تغير الآن هو أنه أصبحت هنالك أدلة على أن آلة القتل الهمجية تورطت في جرائم قتل جماعي، ليس فقط في أثناء المعارك أو في إطار قصف المباني السكنية، بل أيضا في إطار نظام اعتقال هو أشبه بالمذبح، يقتل فيه آلاف السوريين بأسلحة التجويع والمرض والتعذيب.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصور لا تقلل من حجم الجرائم التي ارتكبها تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة في
سوريا، ولكنها توضح مسؤولية نظام الأسد في تنظيم عمليات القتل الجماعي، التي يمكن اعتبارها بلا شك "جرائم ضد الإنسانية". وهي ذات أهمية مركزية في هذا الصراع الدموي المستمر منذ خمس سنوات، الذي أدى لمقتل أكثر من 200 ألف شخص وتهجير الملايين من السوريين، كما أنها تفسر صعوبة فتح باب الحوار بين مختلف الأطراف؛ لأنها تروي مأساة كبيرة.
وذكرت الصحيفة أن هذه الصور عادت للواجهة مع نشر منظمة هيومن رايتس وتش تقريرا جديدا بعد تحقيق استغرق نحو تسعة أشهر في موضوع هذه الصور.
وسيزار، أو قيصر بالعربية، هو الاسم المستعار الذي تم منحه لمصور الشرطة العسكرية السورية، الذي انشق في سنة 2013، ورحل حاملا معه صور آلاف الجثث لمواطنين سوريين، تهمتهم الوحيدة هي أنهم "معارضون لحكم بشار الأسد"، أو ينتمون لعائلات معارضة له، قتلوا كلهم في السجن.
وأضافت أن قيصر الذي يعيش خارج سوريا، كانت بحوزته صور 6700 جثة، وتحمل كل جثة رقما مكونا من ثلاث خانات، إضافة إلى رقم فرع المخابرات الذي كان المعتقل فيه، مع تاريخ تسليم الجثة.
ورغم أن النظام ادعى بأن الصور مزيفة، فإن مجموعة خبراء من لندن قامت بفحص الصور بكل دقة، واستبعدت كونها غير صحيحة.
وقد تكفلت منظمة هيومن رايتس وتش بعد ذلك بهذه القضية. وبالاعتماد على شهادات أهالي المعتقلين، تأكدت من أن الصور تعود لمعتقلين قتلهم النظام، وهي الخلاصة ذاتها التي توصلت إليها الصحفية الفرنسية غارانس لوكازن، بعد تحقيق مطول نشرته في كتاب بعنوان "العملية سيزار".
واعتبرت الصحيفة أن الاستنتاج الأبرز الذي يمكن الخروج به بعد مشاهدة هذه الصور، هو أن وحشية النظام هي السبب الرئيسي لموت أكثر من 200 ألف سوري في هذا الصراع. ويمكن تفهم حرص العديد من الدول المتدخلة في الصراع السوري على القضاء على خطر تنظيم الدولة، الذي يهدد بتركيز دولة إرهابية في قلب الشرق الأوسط، ولكن ملف سيزار يبين أن من الصعب، بل من المستحيل، تخيل فترة انتقال سياسي يبقى فيها بشار الأسد في السلطة.