شبح "داعش"، لا يقتصر هذه الأيام، على تهديدات
تنظيم الدولة، الذي تراقبه الأجهزة الأمنية
الجزائرية على الحدود الشرقية مع ليبيا، ولكن شبحه انتقل هذه المرة إلى عمق العاصمة الجزائر، حيث
الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف قد بدأ، ومعه ابتكر الجزائريون تسمية جديدة لمفرقعة لا يختلف دويّها عن دوي بندقية "كلاشينكوف" اسمها "داعش".
يحتفي قطاع واسع من شباب وأطفال الجزائر بالمولد النبوي الشريف بطريقة خاصة جدا، وطيلة الأسبوع الذي يسبق ليلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لا ينام الجزائريون، وبخاصة العاصميون، حيث
الألعاب النارية والمفرقعات المختلفة الأحجام والمتباينة الصدى ودوي الانفجارات المرعبة التي تنجم عن شرارتها المشتعلة، تهز مضاجع العائلات.
مخطئ، مثلا، من يمر عبر شارع زيغود يوسف بالعاصمة في الليل، لأنه سيكون فريسة مفرقعة لا يدري من أين تحط على رأسه أو أي عضو من جسده، بل إن المرور عبر هذا الشارع وشوارع أخرى كثيرة بالعاصمة بمثابة مخاطرة، خاصة بعد ظهور مفرقعة جديدة، في موسم الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف 2015، سماها شباب الجزائر "داعش".
"داعش" طولها 50 سنتمترا تقريبا، وبسمك 10 سنتمترات، لا يمكن التفريق بين دوي الانفجار الذي ينجم عن احتراقها ودوي رصاص مدفع من حجم صغير، مع ما يخلفه انفجارها من صمم في الآذان، وما تتسبب فيه من مأساة إن هي حطت فوق رأس أحدهم.
وقد أحصت المصالح الطبية بالجزائر، خلال موسم الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف العام الماضي 2014، إصابة العشرات من الأشخاص جراء المفرقعات التي وجد لها شباب الجزائر تسميات متعددة، بينها "البرق" و"الشيطانة" و"البوق" و"الشبح"، لكن أخطرها مفرقعة "داعش"، التي تعد اكتشاف الموسم بامتياز، هذا العام.
وتسود مخاوف لدى وزارة الصحة بالجزائر، هذا الموسم، من احتمال توسع دائرة ضحايا المفرقعات. ومنذ السبت، تتداول وسائل الإعلام الحكومية موضة إشهارية تحذر من استعمال المفرقعات، وتدعو الشباب إلى الاقتداء بالرسول الكريم وعدم الإساءة إليه في ذكرى مولده بمثل هذه التجاوزات في حق الدين الحنيف.
وتحظر السلطات الأمنية بالجزائر هذا النوع من المفرقعات لخطورتها وتشبهها بالأسلحة الأوتوماتيكية، واستحالة التفريق بينها وبين إطلاق النار من أسلحة حقيقية، وخوفا من انتهاز مسلحين الفرصة للقيام باعتداءات مسلحة في خضم الفوضى المصاحبة لتفجير المفرقعات.
ويقول الخبير الأمني الجزائري، محمد خلفاوي، في تصريح لصحيفة
"عربي21"، الاثنين: "إن اليقظة الأمنية تصبح ضعيفة في هذه الفترة، لأن دوي الإنفجارات التي تحدثها المفرقعات التي تستعمل للاحتفاء بالمولد النبوي الشريف يشبه دوي المسدسات الآلية، بحيث لا يعير عناصر الأمن اهتماما لما يحدث".
وتابع خلفاوي: "الرقابة على هذه المواد أصبحت ضعيفة مقارنة بالسنوات الماضية التي شهدت خلالها الجزائر هجمات إرهابية"، مشيرا إلى أن "مصالح الجمارك حجزت أربع حاويات لمفرقعات وألعاب نارية خطيرة، بالآونة الأخيرة".
وتطرح تساؤلات عدة إزاء طريقة إدخال مفرقعات "داعش" عبر الموانئ باعتبارها مواد مستوردة من الخارج وخاصة من الصين. ويحضر المرسوم الحكومي رقم 63 بالجزائر صناعة وبيع واستيراد المفرقعات والألعاب النارية، لكن هذا القانون يظل حبرا على ورق.