قلل حقوقيون وسياسيون من شأن الإفراج عن عشرات
المعتقلين في سجن العازولي الحربي، ونقل بعض المرضى في
السجون للعلاج في المستشفيات، إلى جانب فتح باب الزيارات لبعض السجون، في ظل بقاء الآلاف معتقلين دون محاكمات أو اتهامات، وفي أوضاع مزرية وغير إنسانية في السجون.
ورأى نشطاء وسياسيون تحدثوا لـ"
عربي21" أن هذه الخطوات تأتي لتمرير ذكرى ثورة يناير، لكنها أيضا نتاج حراك داخلي، ولا علاقة لها بصفقات داخلية أو خارجية، أو تفاهمات مع أطراف معارضة أو حليفة للنظام، كما أنها ليست بادرة على "حسن نوايا النظام".
لا صفقات مع النظام
وفي هذا السياق، نفى أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، محمد سودان، بشكل قاطع؛ أن "يكون هناك صفقات تمت بين أحد من قيادات الإخوان والنظام الانقلابي، فيما يتعلق بأوضاع المعتقلين في المعتقلات
المصرية".
وقال لـ"
عربي21": "مسألة الإفراج عن عشرات المعتقلين الذين اعتقلوا بشكل غير قانوني وقسري، في سجن العازولي (أبو غريب مصر) التابع للقوات المسلحة بالإسماعيلية، والسماح بعلاج البعض، كما حدث مع مجدي قرار وسعد الكتاتني، هو أبسط حقوقهم، وليست منة ولا تفضلا"، وفق تعبيره.
وتابع: "لكنها تأتي في إطار الضغوط الخارجية، بعد تزايد المطالبات الحقوقية بالخارج بوقف الانتهاكات الصارخة في السجون المصرية نتيجة حملات كحملة سجن العقرب".
لا دور للخارج
أما الكاتب الصحفي، جمال سلطان، فكان له رأي آخر، وقال لـ"
عربي21": "في تقديري هي محاولة لتهدئة الخواطر، وتفريغ الاحتقانات الشعبية قبل ذكرى
25 يناير المقبلة، لأن من الواضح أن هناك توترا أمنيا وسياسيا يستبقان هذه المناسبة".
واستبعد أن "يكون للتدخلات الخارجية دورا في الأمر، خاصة إذا كانت عربية، فالسعودية مثلا لا تضغط على
السيسي في ملف حقوق الإنسان، لأنه غير متصور حدوث ذلك"، وفق تقديره.
ورأى أنه "لا يلوح في الأفق ظهور أي متغير سياسي؛ لأن الوضع في مصر متشعب، ولم تعد هناك قبضة واحدة في السلطة تأمر وتنهى، وهذا يؤدي إلى صعوبة توقع أي انفراجة، إضافة إلى أنه تأتي إشارات متضاربة من قبل بعض الجهات".
ضغوط الشارع
من جهتها، قلل عضو مؤسسة الدفاع عن المظلومين، محمد القصاص، من شأن تلك الخطوة على المستوى العام، قائلا: "لا نريد أن نعطي الأمر أكبر من حجمه، ولكن بالرغم من أنها لفته بسيطة، ولكنها مهمة".
وأرجع أهميتها في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أنها "تأتي استجابة لضغوط الشارع، فهناك فئات من المجتمع، بدأت تثور وتتخلى عن خوفها، بعد زيادة الانتهاكات، وهي فئات ليست لها علاقة بالسياسة، كما حدث في حادثة مقتل أحد المواطنين في مدينة الأقصر بصعيد مصر"، وفق قوله.
وتابع: "أضف إلى ذلك بدأت فئات من المجتمع تنشط في هذا الصدد، من خلال بعض تحرك النقابات، والمنظمات الحقوقية، إضافة إلى صفحات التواصل المجتمعي، التي كانت بمثابة الإعلام المفتوح لتلك التحركات".
خطوة للخلف
أما مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، عزت غنيم، فقد رأى في تلك الخطوة "محاولة لامتصاص الغضب الشعبي"، وأنها "خطوة للخلف حتى مرور ذكرى 25 يناير، ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه، بل وما هو أسوأ"، بحسب تعبيره.
وقال لـ"
عربي21": "أجواء الحريات في مصر وصلت إلى درجة من التكبيل غير مسبوقة، ولكن خلال الأسبوع الماضي بدأت مرحلة من مراحل التنفيس من أجل إيهام البعض أن هناك استجابة للمظالم".
وبرغم وجود كل مسببات ومقومات "الانتفاضة الجماهيرية" إلا أن غنيم استبعد حدوثها، وأرجع ذلك إلى "طبيعة النظام الذي أغلق جميع المنافذ أمام كل القوى المدنية القادرة على التحرك، وتحريك الشارع"، مشيرا إلى أنه "في عهد المخلوع مبارك كان هناك متنفسا لتلك القوى برغم الكبت"، وفق تقديره.
ليست انفراجة
بدوره، خفض عضو الجبهة الوطنية للتغيير وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحمد دراج، سقف التوقعات، قائلا: "لا يمكن أن نسمي ما حدث انفراجة، هو مؤشر قد يكون إيجابيا بشكل محدود، فمثلا الإفراج عن إسراء الطويل هو إفراج مشروط. هي بكل تأكيد إنفراجة ضيقة جدا".
وقال لـ"
عربي21": "النظام لم يجب على سؤال مهم: ماذا يستفيد من وضع هؤلاء في السجون، خاصة مع من لم يصدر بحقهم أحكام، ولم يدانوا؟"، مضيفا: "ما حدث لا ينبئ عن حدوث أي تغيير في عقيدة النظام باتجاه الحريات والحقوق"، بحسب قوله.
وتساءل: "ما الذي تغير منذ 25 يناير 2011؟ بل ماذا تغير منذ حزيران/ يونيو 2013؟". وتابع: "نحن على مشارف العام الثالث، ولم تشهد حياة المصريين أي تحسن بشكل عام، وتصوري أنه لا تغير حقيقي في سياسة النظام، بل بالعكس المجال العام يغلق بشكل أكبر"، وفق تعبيره.