نشرت صحيفة لوبرزيان الفرنسية تقريرا حول انحسار مناطق نفوذ
تنظيم الدولة في
العراق وسوريا، وإمكانيات توسعه نحو الأراضي اللبنانية.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن نفوذ تنظيم الدولة انحسر في مناطق عديدة في
سوريا والعراق، تحت تأثير الضربات الموجعة للتحالف الدولي في الأشهر الأخيرة، حيث خسر التنظيم ما يقارب 14 في المئة من المجال الذي كان يسيطر عليه في سنة 2014.
وأضافت أن تراجع تنظيم الدولة في مناطق الشمال السوري؛ رافقه في المقابل توسع تدريجي في الجنوب الشرقي على الحدود السورية اللبنانية، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية اعتبار هذا التراجع مجرد تغيير استراتيجي.
واعتبرت الصحيفة أنه يمكن القول بأن انحسار نفوذ تنظيم الدولة في الشمال السوري ليس إلا رد فعل طبيعي للتنظيم، الذي أصبح يبحث عن متنفس من الضربات الجوية المكثفة، ولكن مناطق نفوذه على الحدود السورية التركية لن تكون الخيار الأفضل بالنسبة له.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم الدولة خسر أكثر من 12 ألف كيلومتر مربع من مناطق نفوذه، لينحسر مجاله الحيوي من 90 إلى 78 ألف كيلومتر مربع، مقسمة بين مناطق مختلفة في سوريا والعراق.
ورغم أن تنظيم الدولة لا يزال يسيطر على مناطق شاسعة في الرقة ودير الزور وريف حلب، فإن خسارته لمناطق استراتيجية على الحدود التركية، سيكون لها تأثير كبير على الإمدادات العسكرية والاقتصادية للتنظيم، حيث مثلت المناطق الحدودية، مثل تل أبيض وعير العرب (كوباني)، نقاط عبور رئيسية بالنسبة له.
وأضافت الصحيفة أن تنظيم الدولة خسر عديد المناطق الإستراتجية في العراق، آخرها طريق الإمدادات الاستراتيجي على الحدود العراقية السورية. كما تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على مناطق أخرى خلال الأشهر الأخيرة، مثل بيجي، كركوك، مصفاة صلاح الدين ومقاطعة سنجار في شرق الموصل.
وذكرت الصحيفة أن تراجع تنظيم الدولة في مناطق عديدة جاء بالتوازي مع التوسع التدريجي للنفوذ الكردي، الذي تضاعف ثلاث مرات في الأراضي السورية، حيث يسيطر الأكراد اليوم على مساحة تصل إلى 16 ألف كيلومتر مربع.
ونقلت عن أحد الباحثين الفرنسيين أن السبب الرئيسي وراء نجاح التوسع الكبير للأكراد في مناطق النفوذ التي تراجع منها تنظيم الدولة، يتمثل في قدرة الفصائل الكردية على القتال على جبهات مختلفة، حيث شاركت في العمليات القتالية قوات عن حزب العمال الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي.
وأضافت الصحيفة أن النظام السوري عمل بدعم جوي من الطائرات الروسية على استهداف مواقع التنظيم في حمص وحلب وتدمر، بينما تركزت الضربات الجوية للطائرات الروسية والفرنسية على استهداف مصادر التموين والإمدادات، التي يعتمد عليها تنظيم الدولة في الرقة.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم الدولة يواجه مشكلة في توفير مصادر التموين العسكري والاقتصادي، بعد تضييق الخناق عليه في الشمال السوري على الحدود التركية، بسبب الضربات الجوية للحلف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والضربات الروسية، التي لا زالت متواصلة منذ أشهر.
ويؤكد المتابعون للوضع السوري أن تنظيم الدولة لا يسعى من خلال التوسع في الجنوب الشرقي لسوريا إلى البحث عن مصادر تموين بديلة، بقدر ما يسعى إلى زعزعة الوضع السياسي في لبنان، من خلال إحراج حزب الله لإجباره على وقف عملياته في سوريا.
وأكدت الصحيفة أنه رغم تراجع مناطق نفوذ تنظيم الدولة، فإن قدرته على استقطاب وتعبئة عناصر جديدة لم تتأثر بالضربات الجوية المتواصلة منذ فترة، حيث نقلت عن كريم بيطار، أحد الأعضاء في المؤسسة الفرنسية للعلاقات الدولية أن "التنظيم يبقى قادرا على تنفيذ عمليات عسكرية واستقطاب عناصر إضافية رغم كل الصعوبات".
وذكرت الصحيفة أن عدد المقاتلين في صفوف تنظيم الدولة تضاعف خلال سنة 2015، حيث تشير التقارير إلى أن التنظيم يضم في صفوفه قرابة 31 ألف مقاتل من جنسيات مختلفة، وبالتالي لا يمكن اعتبار الضربات الجوية حاسمة ضد تنظيم الدولة في سوريا العراق. وربما تكون هذه الضربات قد ساهمت في دفع التنظيم لتغيير استراتجيته في المنطقة، إلا أنها لم تؤثر، على حد تعبير كريم بيطار، على معنويات عناصر التنظيم وقياداته.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لا يمكن الإقرار بأن انحسار تنظيم الدولة يؤشر على نهاية محتملة للتنظيم خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة أن التنظيم لا زال يتوسع تدريجيا في الجنوب السوري على الحدود اللبنانية.