اعتبرت صحيفة "المساء"
المصرية، الصادرة الثلاثاء، أن بعثات صندوق النقد والبنك الدوليين "خطر على الأمن القومي"، كاشفة أن هذه البعثات تسأل العاملين في الضرائب والجمارك والمالية عن مخصصات الجيش، وحجم الإعفاءات، وبرامج تخزين البيانات".
وفي التفاصيل، قالت الصحيفة إنه اختتمت منذ أيام زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لوزارة المالية ومصالحها، التي استمرت لمدة أسبوعين، وتفقدت خلالها مصالح الضرائب والجمارك وإدارات الموازنة والحسابات الحكومية بالوزارة، والتقت بالعاملين فيها، وحصلت على جميع البيانات التي أرادتها عن ميزانية مصر، والإيرادات الجمركية والضريبية.
وأبدت الصحيفة استغرابها من أن تلك البعثة لم تختلف عن سابقاتها من البعثات التي زارت المالية ومصالحها منذ الثمانينيات من القرن الماضي وحتى الآن، ممثلة لصندوق النقد أو الاتحاد الأوروبي أو المعونة الأمريكية، وأن غالبيتها تأتي تحت هدف نبيل، وهو "منح المؤسسات الحكومية المعونات التي تساعدها على التطوير، وتحديث الإدارة الحكومية"، والبعض الآخر يأتي لتقييم الأداء بعد ما تم تحديث البيانات.
وتساءلت "المساء" عن التطوير الذي شهدته وزارة المالية، ومصالحها نتيجة لبعثات الصندوق، والمعونة، وما ترتب عليها من الحصول على منح ومعونات التطوير المدعومة بمليارات الدولارات، وهل انعكست على أداء المصالح الإيرادية، وميزانية مصر، بالمزيد من التحسن؟ وهل تسببت في تحسن ترتيب مصر في تقارير الأداء التي يصدرها البنك الدولي، وغيره من الهيئات الدولية؟
وقالت الصحيفة: "الإجابة: لا".
وعقدت الصحيفة لقاء مع مجموعة من الشباب العاملين في مصالح الجمارك والضرائب وقطاع الموازنة بوزارة المالية، بعد أن طلبوا -خوفا من البطش- عدم ذكر أسمائهم، وقالوا إن برامج التطوير التي حصلت عليها وزارة المالية، وجميع مصالحها لهدف التطوير المؤسسي، والارتفاع بمستوى الخبرات البشرية.. على خلاف المستهدف منها.. أدت إلى تجميد التطوير المؤسسي، وخلخلة المؤسسات من الخبرات البشرية.
وأكدوا أن وزارة المالية ومصالحها الإيرادية تشهد زيارات بشكل دوري من بعثات الصندوق والبنك الدوليين والمعونة تحت مسمى المساعدة في حل مشكلات الموازنة والإيرادات. وللأسف، هناك قيادات بوزارة المالية في التوقيت الحالي تشجعهم على ذلك ممن يحملون الجنسيات الأمريكية والفرنسية ولديهم إقامات ومساكن في إنجلترا وأمريكا يفتحون لهم كل الأبواب.
وفجرت "المساء" مفاجأة ضمن مفاجآت وزارة المالية، وهي أن الوزير هاني قدري، ومعه أربعة من كبار مساعديه، لديهم جنسيات أخرى، وإقامات في الدول التي حصلوا على جنسياتها.
ومن جهة نظر العاملين بالمصالح الإيرادية، فإن القطاع الذي دخلته بعثات الصندوق والمعونة ببرامج التطوير انهار من جميع المستويات آليا وبشريا، ما يدعوهم إلى تصور أن المنح الموجهة للمصالح الإيرادية كان هدفها هدم المصالح الإيرادية التي تمثل 70% من إيرادات مصر حتى تظل مصر إلى الأبد تمد يدها إلى الخارج بالاقتراض، وفق الصحيفة.
ومن رأي موظفي الضرائب والجمارك أيضا أن بعثات تقييم الأداء لو كان الهدف منها تقييم الاقتصاد أو منح مصر قروضا، فلماذا لا تنحصر استفساراتها حول مؤشرات الاقتصاد والسياسات المالية والاقتصادية؟ ولماذا تمتد مهامهم إلى زيارة المصالح وإدارات المالية واللقاء مع الموظفين والمتعاملين مع المصالح من مستوردين ومنتجين ومصدرين ومحاسبين وإخضاع الجميع لوابل من الاستفسارات، بعضها لا يقبلها المنطق؛ لأنها تمثل تدخلا صريحا في الشؤون المصرية أو تمثل مساسا بالأمن القومي؟
ومن الأسئلة التي تمس الأمن القومي، التي أثارت القلق من بعض تلك البعثات، التي قدمت إلى الجمارك لغرض المساعدة في تحسين الحصيلة الجمركية.. إصرارها على معرفة نسبة الإعفاءات التي يستفيد منها الجيش بالنسبة لحصيلة المصلحة!
وتساءل موظفون: لو كانت البعثات لغرض تقييم الاقتصاد لماذا زارت البعثة الأخيرة للصندوق مطار القاهرة.. فقد فوجئ العاملون في جمارك مطار القاهرة بالبعثة في زيارتهم للسؤال عن إجراءات حركة التجارة والركاب.. فما علاقة إجراءات الركاب بتقييم الاقتصاد أو بحصول مصر على قرض من الصندوق؟
وفي لقائهم مع موظفي مصلحة الضرائب، كانوا حريصين عن السؤال: متى ستطبقون قانون القيمة المضافة؟ وهو سؤال يثير الاستفسار، لماذا يهتم الصندوق بموعد تطبيق مصر للقيمة المضافة، بينما هم على علم بأن نجاح مصر في تطبيقها مرتبط بميكنة المصلحة ووجود بنية تحتية إلكترونية قوية لها حتى تستطيع تتبع الضريبة، وأن تلك البنية غير جاهزة حتى الآن؟!
وقالوا إنهم يشعرون بأن القيادات الحالية في وزارة المالية لديها شغف بربط الصندوق والمعونة والاتحاد الأوروبي بأي برامج للتطوير للحصول على منح أو معونات لبرامج حتى لو لم تكن في الحسبان أو ليست في الخطة.. ولأن بعضهم مزدوج الجنسية؛ فقد افتقدوا حس الأمن القومي؛ حيث هناك قبول لكل برامج التطوير التي تعرض علينا في المالية.
ووصفت "المساء" كثيرا من تلك البعثات بأنها "سماسرة" لتسويق برامج التطوير التي عادة تقبلها مصر حتى لو كانت تلك البرامج لا نحتاج إليها أو يكون قبولها مساسا بالأمن القومي.
وأشارت إلى أنه من أمثلة ذلك أن البعثة الأخيرة كان من بين جدولها مع الجمارك وضع نظام للمخاطر بالجمارك، وهو أمر لا يحدث في أي دولة أن تسمح لجهة أن تضع لها نظام مخاطرها.. ففي دول العالم، تعد أنظمة المخاطر من الأمن القومي للدول التي لا يجوز أن تعرف جهة ماذا نستهدف في مراقبتنا لمنافذنا حتى لا تستخدمه ضدنا لتفتح المنافذ للتهريب.
وفي الختام، شدد الشباب على أن مصر يجب ألّا تترك بياناتها هكذا بلا رابط أو تقنين، بحسب الصحيفة.