بعد أن قضت الحكمة بحبسه عاما بتهمة ازدراء الإسلام، أبدى الباحث إسلام بحيري ندمه الشديد على تصديق وعود قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي بإتاحة حرية التعبير في
مصر والدعوة لتجديد الخطاب الديني.
وأكد بحيري أنه أصيب بخيبة أمل شديدة من السيسي، قائلا: "ده جزائي في بلدي من رجال قانون يحاكمون المفكرين ويسجنوهم".
نفذت كلام السيسي فدخلت السجن
وفي مداخله له مع الإعلامي عمرو أديب، علق "بحيري" بمرارة على الحكم قائلا: "أشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالب بثورة دينية، ولكن عندما نفذت كلامه تم سجني".
وأضاف "بحيري": "بشكر السيسي كتير جدا وثورته الدينية والمسؤولين في الدولة وحرية التعبير ومنفذي القانون والدستور اللي حبسوا واحد زيي، رغم أني قدمت للإنسانية ولمصر الخير".
وأثار بحيري جدلا شديدا في مصر خلال الشهور الماضية؛ بسبب آراءه الصادمة حول الثوابت الدينية عبر على قناة "القاهرة والناس"، التي يراها كثيرون مسيئة للإسلام، بينما يقول هو أنها تصحيح لمفاهيم خاطئة.
وكان الأزهر تقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد بحيري، مؤكدا أنه يبث أفكارا شاذة تمس ثوابت الدين وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المتفق عليهم، وتسيء لعلماء الإسلام وتعكر السلم الوطني وتثير الفتن".
وأصدر الأزهر بيانا أكد فيه "أن ما جاء في برنامج بحيري من أفكار شاذة تتجاوز حدود الفكر إلى المساس بالثوابت والطعن فيها".
الترحيل إلى طرة
وكانت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بجنوب القاهرة، قد قضت يوم الاثنين بسجن الباحث إسلام بحيري عاما واحدا بدلا من خمسة أعوام لاتهامه بازدراء الإسلام.
وقال مقيم الدعوى إن بحيري عاب في الذات الإلهية وأنكر أحكام الشريعة وطعن في السنة النبوية وصحيح الإسلام، في حين أكد محاميه أن ما جاء به المتهم هو شكل من أشكال النقض لبعض آراء الفقهاء، وهو نوع من أنواع تجديد الخطاب الديني، وليس طعنا في الدين.
وأثناء الجلسة التي استمرت 12 ساعة، سمح القاضي للمتهم إسلام بحيري بالترافع عن نفسه، فأكد أن برنامجه مخصص للدفاع عن الإسلام وليس الطعن فيه، وعرض بعض المقاطع لبرنامجه على هيئة المحكمة لإثبات صحة موقفه، لكن القاضي أمر في النهاية بتخفيف الحكم السابق على بحيري إلى عام واحد.
وتعقيبا على الحكم قال "جميل سعيد" محامي "بحيري" إن موكله سيتم إيداعه السجن لحين نظر النقض على الحكم.
وبعد الجلسة تم ترحيل بحيري إلى سجن طره بالقاهرة لتنفيذ الحكم، وارتدى ملابس السجن الزرقاء.
هنجدد الخطاب الديني ازاي؟
ودافع إعلاميون مؤيدون للانقلاب عن "بحيري" وطالبوا بإطلاق سراحه فورا.
ووصف إبراهيم عيسى الحكم على "إسلام بحيري" بالحدث المفجع والمؤلم، الذي يثير الشكوك في صدق السيسي حينما دعا إلى تجديد الخطاب الديني، مؤكد أن الدولة قررت معاقبة بحيري؛ لأنها لا تحترم الدستور، وتخضع لابتزاز الإخوان والسلفيين.
ودعا عيسى قائد الانقلاب إلى إصدار عفو رئاسي عن بحيري، كما دعا وزير الثقافة "حلمي النمنم" إلى تقديم استقالته بعد عجزه عن حماية حرية الرأي والتعبير في البلاد.
أما الإعلامية لميس الحديدي، فرأت أن حبس إسلام بحيري بتهمة ازدراء الأديان يمثل خبرا مزعجا، مضيفة أن مواجهة الفكر لا تأتي إلا بفكر مضاد وليس بالحبس.
وتابعت إن "داعش" ليست فقط تحتل المدن وتقتل الناس وتغتصب النساء، ولكنها أيضا تتواجد في عقول وضمائر عدد كبير من المسؤولين الذين يضعون الفكر وراء القضبان.
وانتقدت الحديدي، في برنامجها على قناة "سي بي سي" السيسي قائلة: "الرئيس طالب بإصلاح الخطاب الديني، لكن اللي هيشوف الحكم ده لا هيحب يصلح خطاب ولا يجدد، ولكن هيلتزم بالخطاب المتشدد؛ لأن فيه السلامة من السجن".
وتساءلت: "هنجدد الخطاب الديني إزاى واحنا بنتسجن لما ننقاش الأفكار، مين الباحث اللي هيجرأ يجدد الخطاب الديني إذا كان النقاش بيدخل السجن".
بدوره، انتقد الإعلامي يوسف الحسيني الحكم بحبس إسلام بحيري، وقال عبر تويتر: "ما أفهمه هو رأى وآخر، اتفاقا واختلافا وضرب الحجة بالحجة، أما ما حدث مع إسلام بحيري فهو الرجعية بعينها والتسلف بذاته وعودة لمحاكم التفتيش".
واستنكر الفقيه الدستوري "نور فرحات" حبس إسلام بحيري، مشيرا إلى أنه اجتهد ولا يجوز معاقبته حتى لو تجاوز في الاجتهاد.
وأضاف فرحات، عبر "فيسبوك": "نحن نعيش في مجتمع يسيطر عليه فكريا الدواعش، حتى ولو أنكر بعضنا ذلك، تجديد المؤسسات وتحديث التعليم وفصل الدين عن الدولة هو الطريق الوحيد".
بينما رأى الناشط السياسي "شادي الغزالي حرب" أن إطلاق ثورة السيسي الدينية موجهة للخارج فقط لتجميل صورة النظام، بينما العصف بالحريات بكل أنواعها هو عقيدته الحقيقية".
أما الناشط الحقوقي "جمال عيد" فأشار إلى التناقض بين أقوال النظام وأفعاله، لافتا إلى دعوة السيسي إلى ثورة دينية لتصحيح المفاهيم الإسلامية بالتزامن مع حبس إسلام بحيري بسبب اجتهاداته دينية".