فيما تواصل
الحكومة المصرية ادعاءاتها بشأن البرامج الإصلاحية التي تزعم بأنها بدأت تؤتي ثمارها وانعكاس ذلك على نسب النمو التي تتوقع الحكومة المصرية تحقيقها والتي قدرها بعض الوزراء المصريين بأكثر من 5% خلال العام الجاري، جاء تقرير البنك الدولي ليدحض كل تصريحات الوزراء ويؤكد أن معدلات النمو في 2016 أقل من معدلاتها في 2015.
ويتحدث مجلس الوزراء المصري مرارا وتكرارا عن ملامح البرنامج الحكومي الذي يرمي إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، كان آخرها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حين خرج بيان للحكومة المصرية يؤكد أن ملامح برنامج الحكومة يتضمن تحقيق معدل يتراوح ما بين 5 و5.5 في المائة خلال العام الجاري.
وقال بيان مجلس الوزراء إن ملامح البرنامج
الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية يستهدف تحقيق معدل نمو يتراوح بين 5 إلى 5.5 في المائة لهذا العام، بما يكون له مردود مباشر على دخل المواطن وأحواله المعيشية إلى جانب اتخاذ إجراءات محددة لجذب استثمارات مباشرة قادرة على توليد فرص عمل حقيقية بما يعمل على خفض معدلات البطالة، وذلك من خلال توفير مناخ آمن وجاذب للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية.
لكن البنك الدولي في تقرير أصدره قبل يومين، خرج ليؤكد أن تشهد مصر معدل نمو 3.8% في العام المالي 2015-2016، مقابل نمو 4.2 في المائة خلال 2014-2015.
وفي 2014، بدأت الحكومة المصرية بتنفيذ ما أسمته خطة إصلاحات، بهدف دفع النشاط الاقتصادي، من خلال خفض دعم الطاقة، وتوسيع الوعاء الضريبي، وخفض العجز، وتحسين كفاءة التوزيع.
وقالت وزارة المالية المصرية، في وقت سابق، إن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بمعدل نمو 4.2 في المائة خلال العام المالي 2014-2015، مقابل 2.2 في المائة فقط خلال العام المالي 2013-2014.
وتحدث مجلس الوزراء المصري عن معدلات النمو في 2016 وتجاهل الأزمات الكبرى التي تواجه الاقتصاد المصري، في ظل انشغال الدول العربية بأزماتها وعدم وجود أي فرصة لدعم الموازنة المصرية خلال الفترات المقبلة.
ودفعت الأزمات التي تحاصر الاقتصاد المصري حكومته إلى اللجوء للمؤسسات الدولية والحصول على قروض خارجية تصل في مجملها إلى 5 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك وفقا لتصريحات وزيرة التعاون الدولي سحر نصر.
كما لجأت الحكومة المصرية، إلى تخفيض الدعم بالموازنة العامة للدولة، وبخاصة في مجال الوقود والسلع الغذائية، وبلغت قيمة التخفيض حينها، نحو 55 مليار جنيه مصري تساوي نحو 6.386 مليارات دولار أمريكي، وهو ما أثار استياء المواطن المصري.
في إطار الأزمات، تظل مشكلة الدولار وارتفاعه بنسب قياسية أكبر معوقات فشلت الحكومة المصرية في حلها طيلة السنوات الماضية، حيث من المتوقع أن تشهد السوق السوداء حالة من الرواج خلال عام 2016 بمصر، وقد يجد البنك المركزي نفسه مضطرا لرفع سقف الإيداع للأفراد والشركات، لكي يدبروا احتياجاتهم لدفع تكلفة الواردات، بعد أن يعجز البنك عن إدارة تدبير الدولار في ظل تفاقم العجز بميزان المدفوعات، وتراجع الموارد الدولارية، من السياحة، والصادرات، وعوائد قناة السويس، وتحويلات العاملين بالخارج.
وفي ظل أزمة الدولار، فمن المتوقع أن ترتفع أسعار السلع والخدمات وأن تزيد معدلات التضخم بشكل كبير، وفي ضوء عجز الموازنة، ومحاولة الحكومة توفيق أوضاعها لتوقيع اتفاق مع صندوق
النقد الدولي، لن تكون هناك إجراءات تتعلق بزيادة أجور العاملين بالدولة بالقدر الكافي لمواجهة موجة التضخم.
أيضا فمن المتوقع أن تنخفض تحويلات المصريين بدول الخليج، بسبب التأثير السلبي على مدخراتهم بعد رفع تكاليف المعيشة هناك، وسيكون لذلك أثره في مصر، وتدبر هذه التحويلات احتياجات نحو 5 ملايين أسرة مصرية، ولن يكون أمامهم سوى ضغط نفقاتهم لمسايرة التطورات السلبية في الخليج، وبذلك سيكون هناك احتمالات كبيرة بزيادة معدلات الركود بمصر.
وسوف يدفع ذلك إلى اتجاه الحكومة نحو سياسة انكماشية تمثلت في بعض الخطوات، منها قرار البنك المركزي بتقييد الواردات، ومطالبة المستوردين بتدبير تأمين الواردات بالبنوك بنسبة 100%، فيما يخص السلع التجارية، بخلاف الدواء وألبان الأطفال ومستلزمات الإنتاج.
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء زاد من قتامة الصورة حول مستقبل الاقتصاد المصري، حيث أشار إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم خلال الفترة الماضية، لتكون البطالة عند معدل 12.9 في المائة والتضخم بمعدل 12 في المائة.
وسوف تؤدي سياسات صندوق النقد الدولي، إلى اتباع الحكومة المصرية لمزيد من السياسات الانكماشية، لتقليل معدلات العجز، في حين سيدفع المواطن الثمن، من بطالة وعجز في مستوى الخدمات العامة.