نشرت صحيفة لوموند الفرنسية حوارا مع الكاتبة الصحفية
الإسرائيلية، رونيت ماتالون، حول "إسرائيل" في المنطقة، والسياسات
العنصرية التي تعتمدها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب المقابلة التي ترجمت "عربي21" مقتطفات منها، رأت ماتالون أن موجة هجمات السكين التي يقوم بها الشبان الفلسطينيون، ما هي إلا البداية في تعبيرهم عن الاحتقان الذين يعيشونه، ولكن المجتمع الإسرائيلي لطالما عاش في حالة إنكار دائم. فالإسرائيليون يعتبرون أن كل شيء على ما يرام، وأن مثل هذه الهجمات تهدف فقط إلى إيذائهم.
وقالت ماتالون، في ردها على سؤال حول تنامي ظاهرة هجمات السكاكين، إنها "لا تبرر القتل، ولكن من الطبيعي أن يؤدي العنف إلى عنف أشدّ. فالعنف الذي يمارسه عرب الداخل هو رد فعل طبيعي ولا يمكن احتواؤه نظرا لما اقترفه الإسرائيليون في حقهم. وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، قال ذات مرة إنه إذا كان يعيش الظروف نفسها، وهو في سن المراهقة، لكان قد تصرف بالطريقة نفسها".
وعند سؤال الصحيفة حول الانقسامات التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، أجابت ماتالون بأن اليسار المتطرف في الغرب بالإضافة إلى اليهود الليبراليين لم يستطيعوا بعد فهم طبيعة المجتمع الإسرائيلي، فهو مجتمع غير متجانس ويشهد العديد من الانقسامات، وأن كل ما يجمع أفراد هذا المجتمع هو ثقافة محاربة العدو.
واعتبرت مالتون أن هذه الانقسامات لها جذور تاريخية وبالتحديد منذ أن نشأت الحركة الصهيونية، إذ طالما كان هنالك جدل حول تعريف "دولة إسرائيل"، التي ظلت متأرجحة بين الهوية اليهودية والديمقراطية. فداخل الحركة الصهيونية نفسها، توجد عدة تيارات تتباين فيها الآراء وتختلف، ما ولّد صراعا دائما حول هوية "إسرائيل".
وبينت مالتون خلال حوارها مع الصحيفة، أنه ليست هناك مساع جادة من أجل احتواء هذا الانقسام داخل المجتمع، حتى لا يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب أهلية. فـ"إسرائيل" لم تتّعظ مما حدث عندما قام يهوديّ متطرف باغتيال إسحاق رابين. والجميع الآن يؤكد أن الوضع الراهن في "إسرائيل"، أسوأ بكثير ممّا كان عليه آنذاك.
وأشارت مالتون، في معرض حديثها حول استئناف عملية السلام وما إذا كان قد فات الأوان للتوصل إلى حل مع
الفلسطينيين، إلى أن عملية السلام ما هي إلا شعار، حيث إنه من المستحيل أن يكون هناك سلام بين الطرفين في ظل رفض الفلسطينيين تصفية القضية. كما أنه وراء الحديث عن عملية السلام، لا بد من الحديث عن الاستيطان. فبينما يتفاوض الطرفان، تقوم الحكومات الإسرائيلية باستثمار المليارات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضافت مالتون أن الصراع العربي الإسرائيلي كان قائما منذ القدم، ولطالما كانت هنالك العديد من التوترات السياسية بين "إسرائيل" والدول العربية المجاورة؛ لأن "إسرائيل" مشغولة بتأجيج نيران الصراع في هذه المناطق، وتسعى لاستغلالها لأجل مصالحها الخاصة. كما أنها لا تعتبر جيرانها جديرين بالثقة.
وأفادت مالتون بأن العالم المثالي المنشود بالنسبة لها، هو عند تطبيق ثقافة العيش المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين داخل دولة ديمقراطية، إلا أنه من المستحيل حدوث ذلك نظرا لأن تلك الدولة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، وتعتبر أن السبيل الوحيد للعيش فيها هو من خلال سفك الدماء.
وذكرت مالتو، أن "إسرائيل" تعيش عزلة على الصعيد الدولي، خاصة على خلفية ازدياد ظاهرة حملات المقاطعة في أوروبا، فالحكومة الإسرائيلية تعتبر أن أي انتقاد يوجه لـ"إسرائيل" من الغرب هو معاداة للسامية، وبالتالي تقوم باستغلال هذه الانتقادات لنشر الرعب بين اليهود المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة، وتذكيرهم بالمحرقة التي تمت على يد النظام النازي.
وأوضحت مالتون أن انتقادها لـ"إسرائيل" نابع عن خوف ممّا يحدث داخل المجتمع الإسرائيلي خاصة خلال العامين الماضيين.