تقدم النائب كمال أحمد، باستقالته من مجلس النواب
المصري يوم الثلاثاء، ليصبح أول عضو في
البرلمان يغادره بعد يومين فقط من بدء انعقاده.
وقال أحمد إنه تقدم باستقالته للمستشار أحمد سعد الدين، الأمين العام لمجلس النواب، ليقوم بعرضها على رئيس المجلس علي عبد العال، لتتم مناقشتها في الجلسة العامة اليوم.
وأوضح أحمد، في تصريحات صحفية مقتضبة من داخل البرلمان، أنه ذكر في نص الاستقالة المكتوبة أنها ترجع لأسباب صحية، رافضا الإدلاء بمزيد من التوضيحات حول وجود دوافع أخرى وراء استقالته.
وكان أحمد قد تقدم في جلسة الأحد الماضي، للمنافسة على منصب رئيس المجلس، لكنه خسر المقعد بعد أن حصل على 35 صوتا فقط.
ويعد كمال أحمد، أحد أقدم النواب في البرلمان المصري، حيث حصل على عضوية مجلس الشعب للمرة الأولى عام 1976 عن دائرة العطارين بالإسكندرية، كما أنه اختفظ بالمقعد في الأعوام 2000- 2005، قدم خلالها عشرات الاستجوابات للوزراء والمسؤولين التنفيذيين.
وتأتي هذه الاستقالة بعد عاصفة من الانتقادات على أداء أعضاء البرلمان خلال الجلستين السابقتين اللتين شهدتا حالة عارمة من الفوضى والعديد من المواقف الهزلية.
وهذا هو أول مجلس تشريعي يتم انتخابه بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.
البرلمان أصبح سيركا
لكن صحيفة الشروق المصرية نقلت عنه قوله، إن السبب الحقيقي للاستقالة هو ضيقه بما وصفه "تصرفات بعض الأعضاء التي حوّلت البرلمان إلى ما يشبه
السيرك، وبرلمان مصر العظيم لا يجب أن يحول لذلك، بحسب قوله".
وأوضح أنه اتخذ قراره بعد ما شهدته الجلسة العامة يوم الأحد، من تصرفات سيئة من بعض النواب، مضيفا أن ما شهده البرلمان من محاولة بعض الائتلافات للسيطرة على المناصب هي أيضا أحد الأسباب التي أدت إلى استقالته، في إشارة إلى حشد ائتلاف "دعم مصر"، لتأييد شخصيات بعينها للفوز بمناصب رئيس ووكيلي البرلمان ورؤساء اللجان النوعية.
فيما قالت صحيفة "الوطن"، إن كمال أحمد أظهر اعتراضه على الطريقة التي يتبعها رئيس المجلس علي عبد العال، في إدارة الجلسات.
وأضافت أن "أزمة تشكيل اللجان النوعية التي ستتولى إعداد اللائحة الداخلية للمجلس ومراجعة القوانين التي تم إصدارها في غيبة البرلمان، هي التي فجرت الموقف ودفعته للاستقالة".
وكان سري صيام، أحد المرشحين على رئاسة المجلس، قد دخل في مشادة حامية مع رئيس البرلمان علي عبد العال، بعدما اتهم كل منهما الآخر بمحاولة استعراض خبراته القانونية والدستورية أمام الأعضاء.
واتهم صيام رئيس المجلس بالجهل بمواد الدستور، فرد عليه عبد العال قائلا إنه هو من كتب هذا الدستور ولن يسمح بالتقليل من قدره، متهما بعض الأعضاء باستغلال البث التلفزيوني المباشر لاستعراض مهاراتهم القانونية بشكل خاطئ.
وبسبب البث المباشر للجلسات، استمع ملايين المصريين إلى أحاديث جانبية هزلية وشتائم وتبادل للنكات بين النواب، فضلا عن ظهور عشرات النواب في مظهر لا يتناسب مع وقار أعضاء البرلمان.
وبعد مشاهدة العديد من المواقف المحرجة التي أصبحت مادة لتندر المصريين على مواقع التواصل الإجتماعي، قرر المجلس مساء الاثنين منع إذاعة جلسات البرلمان على الهواء، لتفادي إلحاق مزيد من الضرر بصورته أمام الرأي العام.
محاولات لتجميد الاستقالة
وفي محاولة لثنيه عن الاستقالة، قال محمد فرج عامر، النائب عن دائرة سموحة بالإسكندرية، إن أكثر من أربعين نائبا توجهوا للأمين العام للمجلس عند علمهم باستقالة كمال أحمد، وتقدموا بطلب رسمي لتجميدها لحين بذل جهود مكثفة لإقناعة بالعدول عنها.
وأكد عامر أن الأمين العام للمجلس استجاب لطلبهم وقرر تجميد الاستقالة وعدم تقديمها إلى رئيس المجلس انتظارا لما ستسفر عنه محاولاتهم.
وقال عامر في تصريحات صحفية، إن نواب البرلمان "تعاهدوا على الوقوف أمام أي محاولات للإساءة لمجلس النواب وصورته أمام الرأي العام، مؤكدا أن كمال أحمد نائب محترم ومخضرم ولا يمكن أن يستقيل من المجلس بهذه السهولة".
وفي مشهد غريب، لم يعرفه البرلمان المصري من قبل، تجمع عدد من النواب حول كمال أحمد، ورددوا هتافات تطالبه بسحب استقالته، من بينها "إنت كبيرنا ومش هنسيبك تستقيل".
لكن أحمد رد عليهم بأنه مصر على الاستقالة، للتعبير عن رفضه للطريقة التي تدار بها الجلسات ورفضه سياسة الاستحواذ التي تتبعها بعض القوى داخل البرلمان، كما أن النواب لم يكونوا على المستوى المطلوب، بحسب قوله.
وشارك النائب أحمد مرتضى منصور، في محاولات إقناع كمال أحمد، بسحب استقالته، وطالب بإقرار عقوبات رادعة ضد أي نائب يرتكب عملا يسيء للبرلمان أو يقلل من هيبته.
وأوضح منصور، نجل النائب مرتضى منصور، أكثر النواب إثارة للفوضى في الجلسة الأولى للمجلس حينما حلف بالطلاق على عدم الالتزام بالقسم الدستوري للأعضاء لتضمنه إشادة بثورة يناير.. أن الارتباك والتهريج داخل البرلمان يجعله أشبه ببرلمان الحزب الوطني المنحل، ويهدد بإجهاض أي محاولة لنهضة مصر.