نفذ الجهاز الأمني التابع لجيش الإسلام، في جنوب
دمشق، حملة مداهمات واعتقالات على مدى الأيام الماضية، طالت العشرات من النشطاء والمدنيين، على خلفية اتهامهم بالتواصل والتعامل مع
تنظيم الدولة.
وبينما قال نشطاء ميدانيون إن أعمال الاعتقال التي نفذها
جيش الإسلام توزعت ما بين شخصيات يُعرف عنها التعامل مع تنظيم الدولة، وآخرين لا تربطهم أي علاقات مع التنظيم، لكن مسؤولا أمنيا في جيش الإسلام نفى أن يكون أحد قد اعتقل دون ثبوت صلاته بالتنظيم.
من جهته، ذكر الناشط الإعلامي علاء الدمشقي؛ أن جيش الإسلام نفذ حملة مداهمات واقتحامات لمنازل النشطاء المحليين والمدنيين في بلدة يلدا جنوب دمشق، بحثا عن المطلوبين لديه.
وقال الدمشقي لـ"عربي21": "من الناشطين الذين اعتقلهم جيش الإسلام بشكل تعسفي محمد ناصيف (أبو حفص)، الذي كان يشغل منصب مسؤول الشؤون القانونية في مركز نهضة الخيري". كما اعتقل شقيقه أحمد ناصيف، وهو ناشط إغاثي يعمل ضمن مؤسسة شام الإنسانية، إضافة إلى الطبيب العامل بالمشفى الميداني في يلدا، عصام طيارة؛ الذي احتجز من داخل المشفى الميداني، بحسب الناشط.
وبحسب الناشط، فإن جيش الإسلام رفض الإدلاء بأي تفاصيل حول النشطاء والطبيب المعتقلين لديه، في حين استند الجيش إلى محادثات في "واتساب" مع أقربائهم في التنظيم لتبرير عمليات اعتقال. لكن الناشط الدمشقي قال إن كثيرا من أبناء الجنوب الدمشقي يتواصلون مع أقربائهم بالتنظيم بشكل طبيعي، بسبب العلاقات العائلية التي تربطهم، وفق تقديره.
وفي المقابل، قال أبو عمر الشامي، المسؤول الأمني لجيش الإسلام في جنوب دمشق، لـ"عربي21"، إن "جيش الإسلام لم يعتقل أحدا عن طريق الخطأ، وإنما اعتقل عن طريق دلائل وثبوتيات".
وأضاف: "بالنسبة لعمال الإغاثة، فإن الشابين أحمد ومحمد ناصيف شوهدا عدة مرات بالقرب من مقرات جيش الإسلام، وحول المدعو ناصيف شبهات سابقة"، بحسب قوله.
وقال المسؤول الأمني في جيش الإسلام: "كان الناشط الإغاثي أحمد يتردد كثيرا على مقرات جيش الإسلام، ما دفع من الأمنيين الخاصين بجيش الإسلام لمراقبته لعدة أيام، ليكتشفوا أن تردده ليس صدفة، وإنما بشكل يومي، فقام المكتب الأمني لجيش الإسلام في جنوب العاصمة باعتقاله، وفي أثناء التحقيق اعترف المدعو أحمد بانضمامه إلى تنظيم الدولة، وأخذه رواتب منهم، وفق ما أورده أبو عمر الشامي.
وأشار إلى أن جيش الإسلام انطلق بعمله بعد توقيعه على عريضة مع بقية فصائل المنطقة بالتشديد الأمني حول المشكوك بهم، وعليهم بعض الدلائل بتواصلهم مع التنظيم، فكان لجيش الإسلام سابقة في إلقاء القبض على خلية تتبع لتنظيم الدولة، وتفكك عدة عبوات ناسفة على طريق "ببيلا- يلدا"، بحسب المسؤول الأمني، الذي اعتبر أن لتنظيم الدولة أعمالا أودت بحياة المدنيين، متحدثا عن تبني التنظيم تفجيرين على الطريق الواصل بين المنطقتين، بحسب قوله.
من جهته، قال الناشط الميداني "أبو شام"، لـ"عربي21"، إن جيش الإسلام اتبع سياسة جديدة في الآونة الأخيرة حول عمليات الاعتقال في عموم الجنوب الدمشقي، حيث عمد إلى تغيير وصفها من حالة "الاعتقال" إلى حالة "الاستضافة"، وهو اسم جديد للاعتقالات أطلقه "أبو البراء"، قائد جيش الإسلام في المنطقة، الذي تحدث للعديد من أبناء المنطقة بأن
اعتقالات "أقارب الدواعش ليست عملية اعتقال، وإنما عملية استضافة لهم".
وأوضح "أبو شام" أن المسمى الجديد المعلن؛ جاء عقب طلب قدمه تنظيم الدولة لجيش الإسلام؛ بتبيض السجون وإطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين. لكن الناشط تحدث عن أن الاعتقالات المستمرة تطال أقرباء المنتسبين للتنظيم، وآخرين لا علاقة لهم بالتنظيم، وفق تأكيده.
وكان جيش الإسلام قد عمل في وقت سابق؛ على نشر أشرطة مصورة لاعترافات إحدى الخلايا الأمنية التابعة لتنظيم الدولة؛ بقيامها باستهداف إحدى سيارات جيش الإسلام بعبوة ناسفة، في حين شملت الاعتقالات أيضا مدير مؤسسة عدالة سابقا، ومدير مؤسسة الأمان الإغاثية الحالي، "أبو خالد"، بتهمة قيامه بإدخال مواد غذائية لمناطق التنظيم.
وكان تنظيم الدولة بحسب النشطاء، قد عمل منذ أواخر العام المنصرم على إجراء صفقات تبادل مع الفصائل العاملة في جنوب دمشق. وفي هذا السياق، يجري الحديث عن تسلم لواء "شام الرسول" مبلغا ماليا مقداره 15 ألف دولار أمريكي مقابل إطلاقه سراح عناصر التنظيم المعتقلين لديه، في حين جرت صفقة مشابهة مع حركة أحرار الشام الإسلامية التي استعادت أسلحة عناصرها المنشقين عنها والمنضمين للتنظيم، مقابل إطلاقها سراح عناصر التنظيم من سجونها.
أما جيش الإسلام، فقد رفض بشكل قطعي إجراء أي صفقات مع التنظيم، معلنا عزمه على المضي في القضاء على تنظيم الدولة ومناصريه في كامل الجنوب الدمشقي.