المشهد الإخوانيّ المصريّ يَشْدَه المراقب إلى حدّ الفجيعة، ويصيب كل محبّ صادق لمصر والعروبة والإسلام بإحباط ويأس من كلّ من ينتسب للثورة والثوّار! ويقتل في نفوسهم كلّ أمل بالحريّة!
مشهد مربِك مركّب، لم يعد خافيا على أحد، بل إنّ أدق تفاصيله باتت معروفة لدى متابعي الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، عوضا عن الأجهزة الأمنية القمعية، التي لا يُستبعد دورها في هذا المشهد!
في الداخل طرفان أو ثلاثة، وفي الخارج مثلهم، يتنابزون ويتهاجون ويصطفون ويتمايزون، ولجان المصالحة تحاول رتق الفتق الذي اتسع على الراقع المحبّ!! هذا متحدّث رسميّ، لا! ذاك هو المتحدّث الرسمي الشرعي! المجموعة الفلانيّة هي التي تمثّل القيادة الشرعيّة! لا! المجموعة الثانية هي المعتمدة من المرشد
واأسفاه! واأسفاه على الدماء الزكيّة المباركة التي سالت! واحسرتاه على آلاف الأحرار والحرائر في برج العقرب وأبي زعبل و... وأسماء مخيفة أخرى لا نعرفها! واحرّ قلباه على آهات الأمهات والزوجات والبنات والأبناء المحرومين من ضمّة آبائهم أو حتى النظر إليهم والحديث معهم!
علام؟ ومن أجل أيّ شيء؟! هل ستقنعوننا أنّه خلاف فكريّ استراتيجيّ؟! سؤال بديهي قد يكون سخيفا!! علام يختلفون!! بالله عليكم قولوا لنا، قولوا لمحبيكم في العالم، قولوا لمناصري قضيتكم وثورتكم في الدنيا كل الدنيا وهم يرقبون "مشهدكم" بحسرة وألم على ماذا تختلفون؟! ... ماذا ستقولون للشباب من المحيط للخليج، بل من طنجة لجاكرتا، بل في كلّ ميادين العالم الذي حفظوا هتافكم الخالد: أنا الشعبُ أنا الشعبُ.. لا أعرف المستحيلا؟!! أيّ تبرير يمكن أن يقنع هؤلاء المفجوعين؟!
هل تختلفون على آليات لكفالة أسر المعتقلين الذين يُعدّون بعشرات الآلاف، وأسرهم تتجاوز مئات الآلاف من النساء والأطفال الذين لا يجيدون معيلا إلا الله، وقد حرموا من رواتب معيلهم، وأغلقت شركاتهم وصودرت أموالهم وجُمّدت حساباتهم وطوردوا في وظائفهم... أم لعلّكم تختلفون على كيفية السعي لتحريرهم والإفراج عنهم؟
هل خلافكم "الاستراتيجي" هذا يدور حول كيفيّة حلّ مشكلات مئات الآلاف من المشرّدين من كرام قومكم وأعزائهم -وقد مسّهم الضرّ في السودان وتركيا وماليزيا وشواطئ أوروبا- وتأمين عمل ومسكن لهم؟!
هل خلافكم على تأمين مأوى للمطاردين في الداخل المقهور، من أمثال الدكتور محمود عزت وإخوانه من القيادات، وآلاف الشباب والشابّات المطاردين هربا من الاعتقال أو القتل لا يجدون مأوى؟
أتمنّى أن يكون خلافكم على هذه الأمور وأمثالها من هموم الثورة والشعب والوطن، ولا يكون تيها في دهاليز صياغة وتطبيق اللوائح لغويا وقانونيا؟!
الكلّ مشغول بكم وبخلافكم، وأنتم الذين كنتم تحلّون
الخلافات والاختلافات! فهذا العلاّمة يوسف القرضاوي الشيخ التسعيني يتواصل مع عشرات من علماء الأمة ووجهائها من أجل جمعكم على كلمة سواء! لا تخذلوهم! لا تخذلوا شيبة القرضاوي وعمامته ونداءاته واستغاثاته! لا تخذلوه وهو الذي أمّ ثواركم وأحراركم مبتهجا بنصركم في ميدان التحرير!! لا تردّوا صرخات كرام الأمّة ووجهائها وأحرار العالم؛ فالكرام يعرفون قدْر الكرام!!
استفيقوا قبل فوات الأوان! وحّدوا صفوفكم ونفوسكم ولا تتركوا "فُرُجات" للشياطين من الشامتين الشانئين المتربصين بل والمخترِقين الذين يصبّون زيت الفتنة على نار خلافاتكم!!
يا سادة كفى!! اسمحوا لي ولمثلي من المفجوعين بكم أن نقول هذه الكلمة: كفى!! أنتم نشرتم بيننا مفهوم "الأدب" والتسامح وكلمة "حضرتك" و "أفندم" التي لا تفارق كلامكم .. ما الذي جرى لكم؟ أيّ عفاريت الفتن تتراقص بين أظهرِكم؟!
كفى يا "حضرات"... إنّنا محبّو
مصر وأهلها ونيلها نستنكر أشد الاستنكار المضيّ في هذه الحالة العبثيّة من الخلاف غير المبرّر!! إنّ المصريّين -وكلّ الأحرار معهم- في أشدّ الحاجة للتماسك والتعاضد في وجه الانقلابيين وجبروتهم وطغيانهم وأبواقهم! فكيف بمن قاد الثورة وحماها ودفع من دماء وأرواح أبنائه وقادته وأبنائهم ثمنا لنجاحها وانتصارها وزوال الظلم والطغيان؟!
أيّها السادة بحقّ شهداء رابعة والنهضة عليكم تعالوا إلى كلمة سواء! بحقّ دماء حبيبة أحمد عبد العزيز وأسماء البلتاجي وعمّار محمّد بديع والشهداء كلّ الشهداء تخلّصوا من حظوظ أنفسكم! بحقّ شيبة محمّد مهدي عاكف وسنينه التسعين عليكم اكظموا غيظكم على بعضكم وأحسنوا لمصر وللأمّة بتأجيل خلافاتكم حتى تنالوا حريتكم وحرية مصر والمصريّين.
ليست المشكلة في الخلاف ولا الاختلاف؛ فهذه سنّة الحياة، لكنّنا نأمل منكم إدارة هذا الاختلاف بروح الإسلام والديمقراطيّة وتقبّل الرأي الآخر والنزول على رأي الأغلبيّة مهما كان!
نقدّر ظروفكم ومعاناتكم؛ لكنّنا نتمنّى عليكم أن تقدّروا فجيعة الأمّة بحالكم وحال مصر!
آخر الكلام:
هذه صرخة مفجوع، أعتقد أنّها تمثّل الملايين من محبي مصر وحريتها، أرجو أن تستمعوا لها ولا تعدّوها مسّا وقدحا بالمقامات العليا!