برز الحديث عن سيناريوهات معركة
صنعاء من واقع تطورات التقدم النوعي لقوات المقاومة والجيش الوطني المؤيد للشرعية في البوابة الشرقية من ريف صنعاء، وأصبحت على بعد نحو 30 كلم من مركز العاصمة.
ويرى باحثون وسياسيون أن تغيرات المشهد في صنعاء، يضعها أمام ثلاثة خيارات "استمرار توغل قوات الشرعية عسكريا باتجاه صنعاء وتقديم الحلفاء فيها ـ الحوثي وصالح ـ تنازلات، والقبول بحل سياسي لتفادي الخيار العسكري، أو المواجهة حتى النهاية".
حسم وتنازل ونفوذ
الصحفي والباحث السياسي، رياض الأحمدي، قال إن التقدم في شرق صنعاء، دافع يغري التحالف الذي تقوده السعودية بمواصلة العملية العسكرية، مثلما أنه قد يدفع بالجهود السياسية إلى الإمام، بحيث أصبح
الحوثيون أمام تنازلات إجبارية للخروج بأقل الخسائر.
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن المعركة باتجاه صنعاء لن تكون سهلة، بل قد تنقسم كمناطق النفوذ التقليدي لحزب الإصلاح "نهم وأرحب"، ومديريات أخرى محسوبة على آخرين، وهذا من شأنه تحويلها إلى ساحة لمعارك طويلة الأمد، ما لم يتم فصل القوات الموالية لعلي عبد الله صالح عن الحوثيين.
وقال الأحمدي إن الأمر مرتبط بالإرادة السياسية للتحالف العربي، فإذا كان يريد استخدام التقدم للضغط السياسي، فإن ما يحدث هناك قد يعجل بالحل، وإذا كان من أجل معركة عسكرية فستمضي كما هي الآن. حسب قوله
لكنه استدرك قائلا إن خيار إسقاط العاصمة عسكريا سيجعلها خرابا ما عدى في حالة واحدة، إذا ما حدث انفصال قوات الحرس والأمن الموالية لصالح عن الحوثيين، واتخذت موقفا محايدا كما فعلت في 2014.
توغل نحو العمق مستبعد
رأى المحلل السياسي اليمني، عبد الله إسماعيل، أن معركة صنعاء لا تعني بالضرورة التوغل عسكريا داخل المدينة، بل اشتعال الجبهات على امتداد البلد مع الحوثيين والقوات الموالية لهم تساهم إلى حد ما في إضعافهم، وتلتقي في بوتقة واحدة وهي "استعادة العاصمة".
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن السيناريو الأرجح، أن يتم استعادة العاصمة اليمنية سلميا بعد حسم المعارك في محافظات "الجوف، وصعدة وتعز وأب وحجة" وسط وشمال البلد، بالإضافة إلى استعادة محافظة الحديدة (غربا) التي تمثل الشريان الوحيد للانقلابيين إلى البحر بعد انتزاع السيطرة على ميناء ومدينة "ميدي" المطلة على البحر الأحمر من جهة الغرب أيضا.
واستبعد استمرار التوغل العسكري لقوات الشرعية في عمق العاصمة، مؤكدا أن المعطيات تشير إلى أن "هناك توجها آخر لقطع كل خطوط الإمدادات البشرية والعسكرية عن الحوثيين وصالح القادمة من مناطق الشمال إلى صنعاء".
ولفت إلى أن قوات الشرعية ستواصل الضغط العسكري في مديرية نهم ومحافظة عمران (50 كلم شمال صنعاء)، بالتزامن مع مسار مماثل للضغط على المعقل الرئيس للحوثيين في صعدة (شمالا) من اتجاهين "الجوف وحجة" القريبتين منها. منوها إلى أن "عمران وصعدة تمثلان المخزون البشري والعسكري للانقلابيين"، وفق تعبيره.
وأفاد السياسي إسماعيل بأن التناغم من قبل قوات الشرعية، الذي شوهد خلال "المواجهات في نهم"، يجسد أن المعركة تدار من غرفة عمليات واحدة لتحريك جميع الجبهات التي من شأنها تمزيق جهود الانقلابيين العسكرية، وعدم السماح بأي نوع من أنواع الالتفاف أو تحقيق أي انتصار نتيجة لفجوات قد تتخلل الخطط العسكرية. مشددا على أن "النصر البطيء الثابت أفضل من الانتصارات السريعة التي قد تنقلب إلى هزائم تكتيكية".
الحسم العسكري هو الأقوى
وفي شأن متصل، أكد رئيس تحرير جريدة "الأهالي"، أحمد شبح، أن السيناريو الأبرز هو "الحسم العسكري وتضييق الخناق على صنعاء عبر كتم الأنفاس من مناطق الحزام القبلي والأمني للعاصمة".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن التقدم المستمر الذي تحرزه قوات المقاومة والجيش الوطني، في عمق مديرية نهم (أكبر مديريات محافظة صنعاء من حيث المساحة)، يشير إلى أن جبهات أخرى ستفتح في مناطق أخرى.
وأضاف "شبح"، أن قوات الشرعية ستواصل عملياتها باتجاه "نقيل بن غيلان" المطل على معسكرات من قوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري سابقا، الموالية للمخلوع صالح في منطقتي"الصمع وبيت دهره"، وتوجه فرق عسكرية تابعة للمقاومة نحو مفرق مديرية "أرحب" ومديرية "بني حشيش" القريبتين من مطار صنعاء الدولي.
وأوضح أن "التحركات العسكرية السابقة، ستتزامن مع زحف قوات من المقاومة نحو مديرية "خولان" جنوب شرقي العاصمة صنعاء"، مؤكدا أن السيطرة على المرتفعات الجبلية في "فرضة نهم"، بما تمثله من أهمية استراتيجية، سوف تمكن قوات الحكومة من نقل أسلحة استراتيجية وثقيلة باتجاه صنعاء.
وبين رئيس تحرير صحيفة "الأهالي" الأسبوعية، أن الشرعية المدعومة بقوات التحالف، وصلت إلى قناعة أنه "لا جدوى من الخيارات السياسية مع تعنت وتصلب "صالح والحوثي"، وعدم انصياعه للقرارات الدولية، وبالتالي تسعى إلى تسريع حسم المعركة، وهو ما لن يتحقق إلا بـ"استعادة صنعاء" كعاصمة لليمن.
ولفت إلى أن هناك سيناريو آخر، ويبدو ضعيفا، وهو أن تقدم الشرعية في عمق صنعاء سوف يساعد في إمكانية "الحل السياسي" من خلال تعزيز مواقفها كحكومة معترف بها دوليا، وكذلك تخفيف ضغوط تحالف الحوثي وصالح على مدينة تعز والمدن الأخرى.
وسيطرت قوات موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، خلال الأيام القليلة الماضية، على مساحات واسعة من مديرية نهم، شمال شرق صنعاء، بعد معارك عنيفة مع المتمردين الحوثيين وقوات صالح.