علق الباحث في معهد واشنطن، يعقوب أوليدورت، على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون
كيري التي وصف فيها أتباع
تنظيم الدولة بـ"المرتدين"، بأنه وصف يحمل آثارا دينية واضحة جدا، بالإضافة إلى أنه تعبير يصف التنظيم "بعناية"، على حد تعبيره.
ونوه أوليدورت إلى أن أمريكا فضلت استخدام اسم "
داعش" في البداية لإهانة التنظيم؛ لأنه جاء وفقا لتصريحات سابقة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، حينما قال: "ليس إسلاميا، وهو بالتأكيد ليس بدولة".
لكن أوليدورت حذر من إمكانية استخدام أعداء أمريكا لهذه المصطلحات والكلمات -بالرغم من أهميتها- بطريقة غير مرغوب فيها، وأوضح ذلك بالقول: "ففي حين ترى واشنطن أن مصطلح "مرتد"، يشكل إهانة، إلّا أن تنظيم الدولة الإسلامية يستخدمه لعزل المسلمين الآخرين وإطلاق ادعاءات حصرية حول الشرعية".
ونوه إلى أن مسألة شمول المسلمين، لا سيما إذا كانت أعمال الشخص تعكس معتقداته، كانت محور الكثير من النقاش منذ نشأة الإسلام. وعلى الهامش، وضمن سياقات سياسية محددة عادة، اعتمدت جماعات مختلفة الرأي القائل بأن أي أعمال يقوم بها المسلم وأي تصريحات يدلي بها وتتعارض مع العقيدة الإسلامية، يترتب عليها نفي كون ذلك الشخص مسلما.
واستدرك بالقول: أما اليوم، فإن هذه الصيغة (كما عمل سيد قطب على تكييفها في الستينيات) هي التي يطبّقها الجهاديون على المسلمين والحكومات ذات الأغلبية المسلمة التي لا تشاركهم نظرتهم للعالم، وهذا مثال واحد على العمق التاريخي والنظري للغة الجماعات الشبيهة بتنظيم "الدولة الإسلامية"، التي تسير على خطى الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام، أثناء الاستخدام الأول لهذه المصطلحات.
وانتقد أوليدورت اختيار كيري لمصطلح "مرتد"؛ لأنه يجسد المنحى السلبي الذي يمكن أن تتخذه الأمور عندما يحاول الشعب الأمريكي التحدث بلغة لا يفهمها؛ إذ يوقع نفسه عن غير قصد في شرك الدخول في نقاش لغوي ديني متعدد الأوجه، وليس أي مشاحنة مبهمة، بل خلاف يصب في جوهر الإيمان.
وأكد أن الانخراط في مناقشات لغوية دينية ليس بالضرورة ممارسة سيئة. ولكن إذا كانت الحكومة الأمريكية هي التي تقوم بذلك، وإذا كانت المهمة التي تعمل عليها هي هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية"، فهناك مقاربات أفضل وأكثر إيجابية، وعلى وجه التحديد تلك التي تركز على المنهجيات والتوسع الإقليمي التي يعتمدها التنظيم بدلا من مصطلحاته.
وشدد على أنه كما يحتاج الشعب الأمريكي إلى أن يذكر نفسه بأنه يفتقر إلى الصوت والمفردات لتحدي تنظيم "الدولة الإسلامية" خطابيا في علم الكلام الديني، عليه أيضا أن يتذكر أن لديه الأدوات لمنع هذا الخطاب من أن يصبح حقيقة واقعة. وكما كنتُ قد كتبتُ في مقالات أخرى، يجب عدم التركيز على "مواجهة" الكلام الديني للتنظيم أو على إطلاق أسماء مختلفة عليه، وبالفعل إن القيام بأحد الأمرين يمنح التنظيم الاهتمام الذي يتوق إليه. وبدلا من ذلك، يجب على الشعب الأمريكي أن يفهم بصورة أكثر دقة الطرق التي يستخدم من خلالها ذلك الكلام الديني لتبرير أفعاله.
وختم أوليدورت مقالته بالقول: "وبعبارة أخرى، يتم التأكيد يوما بعد يوم على صحة رؤية واشنطن للمجتمع، من خلال تصويرها على أنها تخون المنطقة، وخاصة السنّة في الشرق الأوسط، من خلال التواطؤ (مباشرة أو غير مباشرة) مع القوى الشيعية التي تستغل أهل السنّة في سوريا والعراق. وبالتالي، ووفقا لوجهة نظر تنظيم الدولة الإسلامية، فإن المدينة الفاضلة السنية التي أنشأها تشكل الحل الضروري لهذا المسار للأحداث. من هنا، لا يكمن الحل لوقف هذا التوجه في الكلمات التي يستخدمها الشعب الأمريكي فحسب، بل في الإجراءات التي يتخذها".