نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقابلة مع وزير الخارجية
المصري سامح شكري، أنكر فيها كل ما يقال عن اعتقال مصر لآلاف المعارضين السياسيين، وقال إن ذلك مجرد كذب، وإنه لكثرة إعادته أصبح وكأنه حقيقة، بحسب نظرية غوبلز.
وتذكر المجلة أن شكري اشتكى لكل من يوخي دريزن وسيوفان أوغريدي وجون هدسون، من أن الغرب "يفتري" على مصر بخصوص سجلها في حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته، فإنه لا يساعدها في حربها على المتطرفين الإسلاميين، كما انتقد المنتدى الاقتصادي العالمي؛ لإلغائه قمة كان من المفروض عقدها في وقت لاحق من هذا العام في منتجع شرم الشيخ، بعد سقوط الطائرة الروسية.
وتورد المقابلة، التي ترجمتها "
عربي21"، أن الوزير أبدى استياءه من تشكيك الحكومات الأخرى في كفاءة الأمن المصري بعد وقوع هجمات إرهابية، بدلا من التعزية وإظهار التضامن، وقال إن 4 ملايين مصري، إما أن يكونوا خسروا وظائفهم، أو تراجع دخلهم؛ بسبب انهيار قطاع السياحة تقريبا خلال موجة الإرهاب الحالية.
وتشير المجلة إلى أن القلق فيما يتعلق بالأمن في مصر ارتفع فجأة بعد سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء، وهو الحادث الذي تعتقد معظم الدول بأن تنظيم الدولة يقف خلفه، وقال شكري إن سقوط الطائرة لا يزال رهن التحقيق.
ويقول شكري خلال المقابلة: "لقد تم التعامل مع مصر وكأنها مجرمة، بدلا من معاملتها كونها ضحية، وعندما شاهدنا أعمالا إرهابية في مناطق أخرى كانت هناك مسارعة للدعم، وكان من المتوقع أن تجد مصر تضامنا مماثلا، خاصة أنها تمر من مرحلة صعبة جدا".
وخاض شكري خلال المقابلة في الجدل الدائر حول مقتل الإيطالي جيوليو
ريغيني، الذي عثر على جثته، التي تحمل علامات الضرب والتعذيب، بالقرب من الخط السريع في أطراف القاهرة، وأثارت هذه الحادثة ضجة في إيطاليا، حيث قال وزير داخليتها إن ريغيني عانى من عنف "لا إنساني، بل حيواني"، كما أن الصحف الإيطالية قالت بأن السلطات في روما تعتقد بأن طالب الدراسات العليا تعرض للتعذيب والقتل من أفراد الأمن المصري، وهي تهمة رفضها شكري، وقال إن فيها خلطا كبيرا.
واستغل شكري المقابلة، التي أجريت معه في السفارة المصرية في واشنطن، لصد الانتقادات الغربية لحكومته، التي تتهم باعتقال عشرات الصحافيين، وسجن آلاف المعتقلين السياسيين المعارضين، ومعظمهم من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. ويقول الناشطون، مثل المدير التنفيذي لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" كين روث، إن هناك حوالي 40 ألف سجين سياسي، ويصف شكري هذا الرقم، الذي يظهر عادة في المقالات والتقارير الصادرة عن مجموعات أخرى، بأنه كذب.
ويقول شكري للمجلة: "هل علينا أن نعود إلى عقائد وممارسات غوبلز؟ حيث يقول إن أعدت الكذبة بما يكفي تصبح حقيقة، فكانت كذبة الرقم الـ40 ألفا، وأعيدت وأعيدت وأعيدت في المجال العام، حتى أصبح الرقم مقبولا على أنه حقيقة".
وتلفت المجلة إلى أن لجنة حماية الصحافيين أعلنت عام 2015 أن مصر "من أسوأ سجاني الصحافيين"، وقامت الحكومة باعتقال ثلاثة صحافيين يعملون مع قناة "الجزيرة" في 2013، بينهم كندي وأسترالي بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتم إبعاد أحدهم، ثم صدر عفو عن الآخرين في أيلول/ سبتمبر الماضي، ولكن القضية أثارت تهما للقاهرة بأنها كانت تحد من حرية التعبير.
وتورد المقابلة أن شكري قام يوم الاثنين بالرد على الادعاءات بأن هناك حملة
قمع للصحافة الحرة تحت حكم عبد الفتاح
السيسي، قائلا إنه أعطي قوائم بأسماء صحافيين تدعي تقارير بأنهم في السجن، ولكن وجد المسؤولون بعد ذلك "بأنهم يعيشون ويمارسون وظائفهم بحرية، وأنهم موجودون في بيوتهم، ولم يصبهم أحد بأذى، ولكنهم وضعوا على قوائم، وتلك مجرد قوائم يحتفظ بها في ملفات".
وتنوه المجلة إلى أن شكري، الذي عمل سابقا سفيرا في أمريكا، وصل إلى أمريكا بعد مغادرته لجنيف، حيث كان يحضر مفاوضات السلام السورية، التي توقفت بعد هجوم النظام على حلب بدعم روسي.
وتذكر "فورين بوليسي" أن المفاوضات كانت في طريقها للفشل، حتى قبل أن تعلن الأمم المتحدة توقفها، فقد كان هناك خلاف شديد بين أمريكا وتركيا حول دخول حزب الاتحاد الديمقراطي "الكردي" في المفاوضات، حيث تعده تركيا إرهابيا، مثل حزب العمال الكردي، في الوقت الذي تعده واشنطن حليفا لها، ويجب أن يعامل مثل بقية المعارضة السورية، ويقف شكري الذي لعب دورا مهما في تسهيل مفاوضات السلام إلى جانب أمريكا في هذه المسألة، فيقول: "إنهم بالتأكيد جزء من المعارضة، وهم فاعلون ضد تنظيم الدولة، ونحن دعونا دائما إلى أن يكونوا جزءا من العملية".
وبحسب المقابلة، فإن شكري وجه نقده الشديد للمنتدى الاقتصادي العالمي؛ لإلغائه قمة حول اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي كان من المفترض أن تعقد في وقت لاحق من هذا العام في شرم الشيخ، وقد أجلها المنتدى إلى أجل غير مسمى؛ بسبب ما وصفه المتحدث باسم المنتدى بـ "الوضع الراهن"، وهو تعبير ضبابي عن الوضع الأمني المصري.
وتبين المجلة أنه لدى سؤال شكري إن كان قرار المنتدى صحيحا، قال: "بالتأكيد لا، والمنتدى ليس في وضع يسمح له بالقيام بمثل ذلك التقييم"، الذي وصفه بالواهي.
وتنوه المقابلة إلى أن شكري كان متأكدا بالمقدار ذاته من قضية ريغيني، الذي كان يدرس وضع الاتحادات العمالية في مصر، واختفى في 25 كانون الثاني/ يناير، بعد أن ذهب لمقابلة صديق له، بالقرب من ميدان التحرير، وكانت تلك المرة الأخيرة التي يرى فيها حيا، ويدعي المسؤولون المصريون بأنه لم يعثر على جثمانه سوى في 3 شباط/ فبراير.
وتفيد المجلة بأن الإعلام الإيطالي تحدث عن إمكانية تعرض ريغيني للتعذيب على يد الأمن المصري ليعترف بأسماء من يتصل بهم من المصريين، مستدركة بأن شكري رفض هذه الاتهامات يوم الاثنين، واتهم الصحافيين الذين يروجون لذلك بأنهم "متسرعون بالحكم، دون الاعتماد على معلومات موثوقة، أو تدقيق لما تمت الإشارة إليه". وقال إن حكومته تشرك إيطاليا بالمعلومات التي تتوصل إليها في التحقيق في ما وصفه بـ"جريمة" قتل ريغيني.
وتختم "فورين بوليسي" مقابلتها بالإشارة إلى أن شكري رد بشكل مؤدب على انتقادات إدارة أوباما لسجل بلاده في حقوق الإنسان، وقال إن المصريين يعتقدون أن أمريكا تتعمد تشويه صورة الأوضاع في مصر.