يقول أمير توماس وماكسويل بيك من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تقرير نشره الموقع الأمني "لونغ وور جورنال"، إن
الحرس الثوري الجمهوري الإسلامي المشارك في عملية
حلب لا تهمه المفاوضات، مشيرين إلى أن محور
الأسد-
إيران يعتقد أن زخم المعركة يلعب لصالحه.
وجاء في التقرير أنه: "في 11 شباط/ فبراير اتفقت الولايات المتحدة وروسيا وإيران والسعودية وقطر في ميونيخ على قرار لوقف إطلاق النار في
سوريا، لكن وزير الخارجية الروسي أعلن أن بلاده لن تتوقف عن قصف (الإرهابيين)، (وتعريف
روسيا للإرهاب يضم معظم جماعات المعارضة السورية، وليس فقط جبهة النصرة أو تنظيم الدولة وغيرهما من الجماعات الجهادية). وتعهد رئيس النظام السوري بشار الأسد باستعادة السيطرة على كامل البلاد".
ويجد الكاتبان أن "تصريحات كهذه لا تعبر عن (حسن نية)، فحلفاء الأسد، بمن فيهم الحرس الثوري الجمهوري الإسلامي، الذي يؤدي دورا مركزيا في العمليات الجارية في شمال حلب، لا يبدو أنهم مهتمون بالتفاوض، فمحور الأسد- إيران يعتقد أن الزخم على الأرض يجري لصالحه، ففي اليوم الأول لمحادثات جنيف يوم 3 شباط/ فبراير شن جيش النظام السوري وقوات الدفاع الشعبي، المليشيات الموالية للأسد، وبغطاء من الطيران الروسي، عملية عسكرية كبيرة في منطقة حلب الشمالية. واستطاعوا كسر الحصار المفروض على البلدتين، اللتين يعيش فيهما شيعة في الغالب، وهما كفر نبل والزهراء، وسيطروا على المناطق المحيطة بهما، وقطعوا خطط الإمدادات للمقاتلين من تركيا، وواصلوا التقدم، حيث أحاطوا بمناطق المقاتلين المعارضين للنظام السوري في حلب".
ويذكر الموقع أنه منذ بداية العملية في 31 كانون الثاني/ يناير، أعلن الحرس الثوري الجمهوري عن سقوط 41 من مقاتليه، مشيرا إلى أنه رقم مرتفع في عدد القتلى، وهو معدل يقارن بالذي سجل في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عندما قام الروس بشن غارات على منطقة حلب الجنوبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه مثل الذين قتلوا في تشرين الأول/ أكتوبر، فقد كان القتلى من الجنود النظاميين، الذين تم نقلهم من أنحاء مختلفة من إيران، ويضمون عددا من القادة البارزين عمداء وعقداء وضباط بدرجة ملازم. وتحدث الإعلام الإيراني عن وجود عدد من الضباط والمقاتلين التابعين لفيلق القدس، الذي ينشر عدد قتلاه بشكل مستمر.
ويورد الموقع نقلا عن مسؤول سوري غير أمني قوله لوكالة أنباء "رويترز" إن قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، كان في المنطقة يشرف على العمليات، لافتا إلى أن سليماني هو الشخص الذي أقنع الكرملين بالتدخل في سوريا لإنقاذ نظام بشار الأسد، ويشرف سليماني على المليشيات الشيعية الناشطة في سوريا كلها: حزب الله اللبناني وكتائب الفاطميين الأفغانية ومنظمة بدر العراقية، التي أدت كلها دورا في العمليات الأخيرة.
ويقول الكاتبان إنه "يجب أن نلاحظ أن عشرات من ضحايا الحرس الثوري جاءوا من وحدة خوزستان، التي جاء أفرادها من المنطقة التي يتحدث سكانها باللغة العربية، ويتم الاعتماد على هؤلاء المقاتلين بسبب إتقانهم اللغة العربية، وللتواصل مع القوات السورية الموالية للأسد".
ويرى الكاتبان أن العدد الكبير من ضحايا الحرس الجمهوري يشير إلى أن الجنود الإيرانيين يعملون بشكل منتظم في الميدان، وأنهم اندمجوا مع المقاتلين الشيعة، الذين جاءوا من دول ومناطق متفرقة، ويعملون تحت قيادة سليماني.
ويلفت التقرير إلى أن وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري، أصدرت في 3 شباط/ فبراير تسجيلا صوتيا كشف عن الدور الإيراني في فك الحصار عن القريتين المحاصرتين، وكشف عن اتصال بين سكان من داخلهما وبين القوات المتقدمة نحوهما، وتحدث فيه رجلان عن وضع العمليات العسكرية، وبعدها يتحول المتحدث من جانب القوات المتقدمة من العربية للحديث بالفارسية، وطلب الرجل، الذي لم يذكر اسمه، من "الإخوة والأخوات في كفر نبل والزهراء الاستعداد"، وقال: "نحن قادمون، نحن قادمون، النصر لنا ببركة من النبي وآله".
ويعلق الموقع بأن الرسالة كانت واضحة: مع أن القريتين كان يحاصرهما مقاتلون سوريون، إلا أن شرف تحريرهما يعود للحرس الثوري، مشيرا إلى أن صورة ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر علم الحرس الجمهوري يرفرف على مبنى في بلدة كفر نبل.
وينوه الكاتبان إلى أن قادة الحرس الثوري حاولوا توضيح دور وجود الحرس الثوري في سوريا، حيث أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله خامنئي التقى بعائلات فقدت أبناءها وأخوتها في العملية، وأخبرها أن المشاركة في الحرب تبعد أعداء إيران عن حدودها، وعبر قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري عن الرسالة ذاتها، عندما تحدث في 11 شباط/ فبراير، في مجلس عزاء للجنرال محسن كاجريان وخمسة من المقاتلين في ذكرى الثورة الإسلامية عام 1979.
ويفيد التقرير بأن نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي ظهر في مقابلة تلفازية في 7 شباط/ فبراير، شرح فيها العملية، مبينا عدد القتلى الذين سقطوا في العمليات، ومثل المرشد الأعلى، فقد برر المشاركة العسكرية بأنها محاولة لإبعاد الحرب عن الحدود الإيرانية، وتحدث سلامي متفاخرا عن الانتصارات الأخيرة بقوله: "لقد كسرنا ظهورهم"، أي المقاتلين في حلب، و"غيرنا المعادلة السياسية لصالح الحكومة".
ويختم "لونغ وور جورنال" تقريره بالقول إن تقدم قوات الأسد والكتيبة الدولية الشيعية، التي يقودها سليماني في حلب، وبدعم من الروس، سيعطي الأسد موقفا قويا للتفاوض، وسيقوم الأخير والقوى المتحالفة معه بإملاء شروط التفاوض والمطالب على المقاتلين، التي لن يقبل بها هؤلاء، مشيرا إلى أن هذا الرفض سيعطي الأسد وحلفاءه المبرر لتعزيز مواقفهم على الأرض، وعليه فإن معركة حلب لا تقدم إشارات جيدة لحل سياسي مرض للأطراف المتنازعة في سوريا.