استقبل الأهالي في مدينة دارة عزة بالريف الغربي من
حلب، النازحين من الريف الشمالي للمحافظة، نتيجة العلمليات العسكرية والقصف الروسي الذي تتعرض له المنطقة، حيث قدم الأهالي المنازل مجانا، مع بعض ما تيسر لهم من طعام وشراب وكساء، بالإضافة للترحيب غير المسبوق من قبل المجلس المحلي في البلدة، بالتنسيق مع عدد من الجمعيات.
وقال أبو خالد، من مدينة دارة عزة، لـ"
عربي21": "أهالي الريف الشمالي، هم أهلنا، فمصيرنا مشترك، وعدونا واحد. نحن لا يجب أن نشكر على واجب قدمناه لهم، فهذا أمر طبيعي بين الأهل والإخوة"، مشيرا إلى أنه فتح منزل ابنه المسافر إلى تركيا، لعائلة مؤلفة من ثمانية أشخاص.
وشدد أبو خالد على أنّه "من المعيب أن تأخذ أجار منزل من شخص مهجر من الموت، وفار بحياته إلى أهله، فالجميع معرّض للهجرة والنزوح؛ بسبب عدم التمييز من قبل الطيران الروسي وحليفه النظام للمدنيين وأبناء القرى، الكل مستهدف".
بدوره، قال محمد، وهو نازح من بلدة رتيان في شمال حلب، لـ"
عربي21": "إن سيطرة الميلشيات التابعة لقوات الأسد، دفعتنا للنزوح إلى الشريط الحدودي مع تركيا، حيث نمنا في العراء لعدة أيام، وبعد إبرام اتفاق بين المعارضة والأكراد للعبور إلى بلدة دارة عزة، قمت بالنزوح إلى هنا".
وتابع محمد: "لقد أتيت أنا وزوجتي وأولادي الستة، إلى هنا، لكنني حقيقة فوجئت بالمعاملة الجيدة من قبل الأهالي، وإسراعهم في نجدتنا، وتأمينهم ما نطلبه من بطانيات، وطعام، على عكس عدد من القرى والبلدات التي مررنا بها، والذين لم يكترثوا لمعاناتنا، فكان جل همهم الضحك علينا بتأجير أحد منازلهم بالدولار"، وامتنع في الوقت ذاته عن ذكر أسماء القرى التي استغلت حاجتهم، مكتفياً بالقول: "عيب عليهم بس".
وكان مجلس محافظة حلب الحرة، قد أبرم اتفاقا في وقت سابق مع مسؤولين محليين أكراد في مدينة عفرين، يقضي بالسماح بنقل النازحين والحالات الإسعافية من الريف الشمالي إلى الريف الغربي عبر مدينة عفرين.
وقال رئيس مجلس محافظة حلب الحرة، بشير عليطو، لـ"
عربي21"، إنه "تم تشكيل لجنة من أجل التواصل مع المسؤولين الأكراد، وتم الاتفاق على السماح بعبور 500 شخص يوميا، عبر مدينة عفرين".
بدوره، قال الناشط الإعلامي من بلدة دارة عزة، رضا حج بكري: "استقبلنا في اليوم الأول 90 عائلة، تم تأمينهم ليوم واحد، وقدم لهم الطعام والتدفئة، وفي اليوم الثاني تم تسفيرهم إلى مخيم قرب الحدود، أما الدفعة الثانية كانت 135 عائلة، حيث تم تأمينهم لفترة، منهم من سافر إلى تركيا ومنهم من بقي في المدينة".
وأشار حج بكري، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أنّ التجاوب كان كبيراً من قبل الأهالي والمنظمات العاملة في المدينة، حيث تم تقديم كل ما يلزم للنازحين من مسكن واحتياجات أساسية، بالإضافة للطعام ومستلزمات الأطقال.
وقال قاض في محكمة الريف الغربي بدارة عزة، فضّل عدم نشر اسمه، إن "مدينة دارة عزة، استوعبت أكبر عدد من نازحي الريف الشمالي، نتيجة تعاطف أهالي دارة عزة، وتم فتح المنازل لكل نازح مجانا، بالتعاون مع المحكمة، حيث وصل العدد التقريبي للنازحين لحوالي 800 عائلة".
ولفت القاضي، خلال حديث لـ"
عربي21"، إلى إن النازحين بحاجة لعدد من الاحتياجات بالرغم من تقديم المنازل لهم بالمجان، حيث إن عددا من النازحين يقيمون في منازل غير مأهولة، وهم بحاجة عاجلة إلى "خيم لدرء البرد، وسلل غذائية كون ما تم توصيله لهم قليل".
وبحسب القاضي، فإن ازدياد عدد النازحين، وعدم القدرة على تأمين السكن للجميع، بعد ملء جميع المنازل بالنازحين بالتنسيق مع الهيئات المحلية للمدينة، أدى إيجاد خطة لاستقبال النازحين بمداجن تربية الدجاج المتوقفة عن العمل، ووضع ضمنها خيم لكل عائلة، لكن ما يحتاجه المشروع هو "خيم لوضع العائلات" و"خزانات مياه".
وفي السياق ذاته، قال حمد رزوق، وهو مسؤول لوجستي في منظمة "تمكين"، لـ"
عربي21"، إن "عدد العائلات تجاوز الألف عائلة، عدد كبير تم إسكانه في منازل تم تأمينها من قبل الأهالي، في الوقت الذي قامت فيه المنظمات بتقديم السلل الغذائية ومستلزمات الفرش"، منوها إلى أن "تمكين" ستقوم بتقديم مادة المازوت والمدافئ، للنازحين الذين تم إسكانهم في المداجن.
وأشار رزوق إلى أن عمل المنظمات يتم بالتعاون والتنسيق مع منظمة "شباب الفرقان" والمجلس المحلي في بلدة دارة عزة.