شن إعلام حزب الله
اللبناني هجوما عنيفا على
السعودية، بعد قرارها إلغاء "هبتها" للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي التي كانت تبلغ ثلاثة مليارات دولار، وصل إلى حد كيل الشتائم لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، الذي اتهمته بأنه رسخ "نهج التسول" من السعودية.
وكانت السعودية في عهد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، قدمت إلى لبنان هبة بقيمة ثلاثة مليارات دولار قبل عامين، تشتمل على دعم الجيش اللبناني وتسليحه بصواريخ مضادة للدروع متطورة من تصنيع فرنسي، بالإضافة إلى تجهيزات لقوى الأمن الداخلي.
ويبدو أن أوساط حزب الله اللبناني استشاطت غضبا من القرار السعودي الذي سيلحق أضرارا بالاقتصاد اللبناني وبثقة المستثمرين، على الرغم من محاولة التقليل من آثارها بعد حديث عن سحب وديعة سعودية من مصرف لبنان مودعة منذ عام 2006 بقيمة 800 مليون دولار.
وقالت صحيفة "الأخبار" الموالية لحزب الله، إنه "عندما قرّر الرئيس الراحل رفيق الحريري بناء الدولة وفق رؤيته، جعل التسوّل من النظام السعودي مدرسة، يرمي طويل العمر فتات موائده في لبنان فيصبح لزاما على اللبنانيين التسبيح بحمد خادم الحرمين".
وقالت "الأخبار" بسخرية: "قبل أقل من عامين استفاق ملك سعودي، بإذن أمريكي طبعا، وقرّر زيادة منسوب ما يتلقاه الجيش اللبناني من مساعدات".
وأضافت: "آل سعود قرروا منح فرنسا ثلاثة مليارات دولار مكافأة لها على دورها المتصلّب في سوريا وفي المفاوضات النووية الإيرانية. وبهذه المليارات، سيُرسل لنا الفرنسيون أسلحة انتقتها إسرائيل".
وقالت الصحيفة: "السعوديون قرروا نقل الجنون إلى لبنان هدّدوا بطرد اللبنانيين الذين يعملون في أرض الجزيرة العربية ثم أهدوا الحريري إعلانا بوقف العمل بهبتَي
تسليح الجيش".
ولفتت إلى أن الخطوة السعودية "تضيف المزيد من التعقيد على القضايا الخلافية في لبنان وتبعد المرشحين عن قصر بعبدا، وبالتالي فإنه تحوّل الحريري إلى واحد من سياسيي الفريق السعودي الذين يكتفون بالإكثار من الكلام الذي لا وزن له".
وأطلقت "الأخبار" تهديدا لحلفاء السعودية في لبنان، وقالت: "إذا قرّر النظام السعودي رفع جرعة الجنون، واللعب بالأمن في لبنان، فلن يكون إلا كمن قرّر إطلاق النار في رأس مشروعه".
من جانبها، قالت صحيفة "السفير" اللبنانية المقربة من حزب الله، إن "الريبة في صدق الرياض تنفيذ هبة الثلاثة مليارات لم تتوقف، بل إن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي وصفها بأنها حبر على ورق قبل أن تقوم قيامة البعض عليه".
ورأت الصحيفة أن قرار وقف
الهبة السعودية "لم يكن مفاجئا لأحد"، مشيرة إلى أن "القرار متخذ لأسباب داخلية سعودية".
وقالت "السفير"، إنه "لم تسجل سابقة من هذا النوع في المملكة من ناحية إقدام ملك جديد على إلغاء قرار صادر لسلفه، فضلاً عن سابقة ثانية تتمثل في محاولة إلزام عائلة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز بتغطية هبة المليار، الأمر الذي أثار حفيظة واحتجاج ورثة الملك السابق، فكان أن لجأوا إلى المحاكم في مواجهة تنصل الديوان الملكي السعودي من تغطية المليار"، على حد قولها.
وحاولت "السفير" التقليل من أهمية إلغاء الهبة، ورأت أنها ليست أكثر من "مناورة بحيث يبادر الحريري إلى استثمارها بالتدخل لدى قيادة المملكة فتتراجع عنها، إلا إذا كان هناك من لا يقيم وزنا للحريري في السعودية، والدليل هو أن مبادرة الحريري بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، باتت مهددة بالسقوط بالضربة القاضية".
ولوحت "السفير" بالبديل الإيراني لتسليح الجيش، ونقلت عن من أسمته أحد الوزراء السياديين في لبنان قوله: "إن ما كان يمنع التعامل مع مبادرة التسليح الإيرانية هو عنصر العقوبات الدولية التي رُفعت بمعظمها حاليا عن إيران، وبالتالي، على الحكومة أن تتخذ قرارا سياسيا بعدم تفويت أي فرصة لتسليح الجيش والقوى الأمنية في مواجهة التحديات الإرهابية القائمة".
من جهته، علق رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري على القرار السعودي قائلا، إن "قرار المملكة العربية السعودية جاء ردا على قرارات متهورة بخروج لبنان على الاجماع العربي، وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية، على صورة ما جرى مؤخراً في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب واجتماع الدول الاسلامية.
وأضاف، أن "لبنان لا يمكن أن يجني من تلك السياسات، التي أقل ما يمكن ان يقال فيها أنها رعناء، سوى ما نشهده من إجراءات وتدابير تهدد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين، الذين ينتشرون في مختلف البلدان العربية، ويشكلون طاقة اقتصادية واجتماعية، يريد البعض تدميرها، تنفيذاً لامر عمليات خارجي.