في ظل
الحرب وظروف العيش الصعبة وغارات طيران
النظام السوري وطيران حليفه الروسي على المدنيين بسوريا، استطاعت مجموعة من النساء تأسيس
مركز للتنمية البشرية بريف إدلب، وهو الأول من نوعه، إذ نال إعجاب الكثيرين ممن يسكنون مدينة إدلب وريفها.
وفي حديث خاص مع صحيفة "
عربي21" قالت مديرة "مركز الأمل للتنمية البشرية" خديجة العمر، إن المركز تأسس في تاريخ الثالث من شهر آب/ أغسطس 2015، وكانت فكرته الأولية أن يضم مجموعة من النساء الراغبات في العمل والتعليم في مجالات الخياطة، والتمريض، ومحو الأمية بالإضافة إلى نشاطات ترفيهية وثقافية شهريا.
وأوضحت أن أهداف المركز هو إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة ودمج المرأة في العمل والتعليم متناسية ظروف الحرب، وحل مشكلات المرأة الاجتماعية في ظل المتغيرات الحياتية الحالية.
وأردفت بأنه تم تخريج 23 فتاة في دورات اللغة التركية، والتمريض، وأعمال الخياطة، وكان المركز يضم في بدايته أربع متطوعات والآن زاد عددهن إلى ثمانية.
وتابعت قائلة: "عدد المتدربات في المركز اليوم هو 53 متدربة، وأغلبهن يحملن شهادات جامعية، والأخريات طالبات جامعيات توقفت دراستهن بسبب الحرب الدائرة في سوريا، ونحن حريصات على إنجاز أهدافنا بشكل كبير، وتطويره نحو الأفضل في كل يوم، فقمنا بتطوير مجالات عملنا، فأضفنا دورة تدريبية أخرى وهي دورة حياكة وتطريز، وشرعنا بإنشاء مشغل خياطة وهو قيد التنفيذ حاليا".
وأشارت إلى مواجهة المركز لعدة صعوبات، منها الطيران الروسي حديثا، مما ينتج عن ذلك تباطؤ إنتاج المركز في عمله، ورعب المتدربات وفرار بعضهن من شدة الذعر والخوف جراء الغارات، ولكنهن يعدن إلى العمل بعد انتهاء الغارات، مؤكدة أن وجود مثل هذه المراكز في هذه الأوقات يعد المتنفس الوحيد في حياتهن.
وتقول العمر إن "عددا من النسوة يترددن على المركز ليتحدثن عن معاناتهن في ظل الحياة القاسية؛ رغم أنهن من غير النساء المنضمات إلى المركز، وهذا الأمر أعده بحد ذاته نشاطا بناء، ومكان عملنا في المركز متواضعا ويفتقر إلى ظروف الإنتاج المناسبة، وإمكانيته ضئيلة، لكننا متكيفات مع هذه الظروف القاسية".
وتضيف أن وجود مثل هذا المركز مفيد للمرأة السورية "لمساهمتها البناءة في العمل والإنتاج الإنساني عامة والسوري خاصة، رغم ما تواجهه من مشقات ومتاعب أثناء عملها كصعوبة المواصلات والخوف الدائم من الطيران ولاسيما الطيران الروسي، وبعد سكنها عن المركز، وابتعادها فترة من الزمن عن بيتها، وقيامها بواجباتها المنزلية تجاه عائلتها، رغم الظروف المادية المميتة في سوريا".
وقالت علياء طعان، وهي إحدى المتطوعات، لـ"
عربي21" إنها استفادت من هذه الدورات التدريبية، وكانت بحاجة ماسة لمثل هذه الخبرات الضرورية للمرأة أينما كانت، وعبرت عن "سعادة عظيمة" جراء مساهمتها في هذا العمل رغم كل الصعوبات التي تواجهها.
وتابعت قائلة: "أصبحت الآن أنطق اللغة التركية بشكل جيد، وأتقنت أعمال التمريض والإسعافات الأولية، بالإضافة إلى الخياطة والتطريز الكاملة، وصحيح أنني عانيت لصعوبة الوصول، وهاجس الخوف المحيط بنا في كل لحظة، إلا أنني والحمد لله أشعر بالفرح لما اكتسبته من هذه الدورات".
وتابعت أنها بعد أن أتقنت هذه المهارات لم تبتعد عن المركز، بل استمرت بالعمل فيه للاستفادة أكبر قدر ممكن، ومتابعة كل جديد والإلمام به، "رغبة في أن أساهم في تعليم الفتيات الأخريات الجديدات اللواتي يرغبن في التعلم بهذه الدورات التدريبية، فكما ساهمت متطوعات في تعليمنا وحرصن الحرص التام على تعليمنا هذه الخبرات بكل تفصيلاتها الدقيقة، فأنا راغبة في نقل هذه الخبرات إلى النساء الأخريات، فالواجب يلزمنا ويفرض علينا ألا نبخل على الآخرين بما تعلمناه".