باختصار هذا مطلب كل عربي من المحيط إلى الخليج، الكبار والصغار، النساء والرجال، ووصل الناس إلى هذه الحال بعد ما رأت الشعوب بأعينها من أخطاء، وما عاشته من أيام صعبة، فعرفت أنها لا يمكن أن تعيش إلا ضمن دولة وطنية تحمي الجميع دون تمييز ديني أو طائفي أو عرقي أو مذهبي، فالمواطن العربي، كأي مواطن في العالم، يريد أن يثق في مستقبله ومستقبل وطنه وأبنائه.
لبنان حالة واضحة للدولة التي يعاني فيها المواطن، ولم يعد يثق في مستقبله، وهذا ما يردده اللبنانيون أنفسهم، والأزمة الأخيرة مع دول الخليج تجعل الكل يفكر في الوقوف إلى جانب هذا البلد الذي عانى الحرب الأهلية لسنوات طوال، فخسر الكثير، لكنه عمل بكل جد من أجل استعادة عافيته وقوته، ونجح، إلى أن جاءت لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005، فانقلبت الأمور رأسا على عقب، وتراجع هذا البلد يوما بعد يوم إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم.
اللبنانيون بحاجة لأن يستمعوا إلى اللبنانيين، وليس إلى أي أحد آخر، وأن يثقوا في بعضهم، وأن يعملوا من أجل مستقبلهم ومن أجل بلدهم، ومنذ إيقاف المملكة العربية السعودية مساعداتها للبنان، وبعد ذلك اتخاذ دول الخليج مواقف مؤيدة للموقف السعودي، والوصول بالأمر إلى منع مواطني خمس دول خليجية من السفر إلى لبنان، وتخفيض المستوى الدبلوماسي مع لبنان، منذ هذه التغييرات، واللبنانيون منقسمون حول القرارات التي اتخذت تجاه بلدهم، ولكنهم ينبغي أن يدركوا أن صوت العقل والمنطق يجب أن يكون هو الأعلى، ورجال لبنان المخلصون والشرفاء والعقلاء، كانت لهم مواقفهم الواضحة التي تعبر عن مصلحة لبنان العليا، لكن صوت المكابرة والعناد ما زال هو الأعلى!
خلال الأيام الماضية، قام وفد من «مجلس العمل اللبناني في أبوظبي» بزيارة عدد من المسؤولين اللبنانيين في بيروت، ونقلوا لهم وجهة نظرهم كجالية تعيش في إحدى الدول الخليجية، وكمجموعات لها مصالح في الخليج، ولها علاقات تاريخية، وأوضحوا أنهم مجموعة لا يمكن الاستهانة بها أو تهميشها عندما يتم اتخاذ أي قرار يتعلق بدول الخليج، فمصالحهم يجب أن تراعى، وأن لا يتم تجاهلهم.
هذا التحرك وغيره من المحاولات الجادة، يجب أن يجد آذانا مصغية في لبنان، ومن الأطراف اللبنانية، فالأمر لا يتعلق باتخاذ مواقف متشددة أو متطرفة من قضية ما، وبالتالي الوصول بالاحتقان في العلاقات السياسية إلى نقطة اللاعودة، وإنما يجب العمل بجد من أجل الوصول إلى حلول ونقاط اتفاق تراعي مصالح جميع الأطراف.
من الواضح في لبنان أن بعض اللبنانيين لا يستمعون إلى اللبنانيين الآخرين الذين هم طرف أساسي في المعادلة السياسية الاستراتيجية، ويكتفون بالاستماع إلى أنفسهم أو إلى من تهوى أنفسهم، لذا تكون القرارات ضد مصالح الأغلبية.
عن صحيفة الاتحاد الإماراتية