نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا استعرضت فيه مؤشرات حول الوضع الاجتماعي والإنساني في
المغرب، في الوقت الذي وجهت لها فيه عدة منظمات نسانية انتقادات لاذعة، وهو ما عمل وزير العدل والحريات المغربي، مصطفى الرميد، على نفيه خلال حوار مقتضب مع الصحيفة.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن منظمات غير حكومية ومنظمات
حقوق الإنسان انتقدت ممارسات السلطات المغربية بعد حملة الاعتقالات الأخيرة، واتهمتها بارتكاب
انتهاكات ضد حقوق الإنسان، وهي اتهامات رفضها مصطفى الرميد، دون أن ينفي تواصل التعذيب في السجون المغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير العدل والحريات المغربي، والمحامي السابق، سخّر جهوده كلها قبل عشر سنوات للدفاع عن حقوق السلفيين المتهمين بالتخطيط لهجمات 16 أيار/ مايو 2003، ضد أي انتهاكات محتملة من طرف السلطات المغربية، لكن منذ توليه لوزارة العدل في حكومة عبد الإله ابن كيران أدار ظهره للإعلام.
وأضافت الصحيفة أن الرميد واجه منذ توليه منصب وزير العدل والحريات قبل أربع سنوات عددا من العقبات، التي وإن نجح في تجاوزها فإنها أثارت تساؤلات عديدة حول سياسة السلطات المغربية، ومن بينها التعاطي السياسي مع التحركات الاحتجاجية لحركة 20 فبراير، والإفراج عن السلفيين المعتقلين، والعفو الملكي المثير للجدل عن مغتصب الأطفال دانيال جالفان، والأزمة الأخيرة في العلاقات المغربية الفرنسية بعد رفع شكاوى في المحاكم الفرنسية ضد المدير العام للأمن المغربي، عبد اللطيف الحموشي، في قضايا تتعلق بالتعذيب.
وأثار الرميد جدلا واسعا داخل النخبة السياسية والحقوقية في المغرب، بعد صدور مشروع القانون الجنائي الذي تضمن في بنود كثيرة منه تهديدا للحقوق الفردية.
وذكرت الصحيفة أن الانتقادات لم تقتصر على التجربة التي تطرق إليها، وترتيب الأولويات في وزارة العدل، لكن أيضا مواقفه من الانتقادات التي وجهتها المنظمات الحقوقية لحكومة ابن كيران، والتي اعترض عليها الرميد مدافعا عن خيارات الحكومة.
ومن بين المواقف المثيرة للجدل التي تبناها الرميد دعمه وتبريره لاعتقال نشطاء حركة 20 فبراير، ومن بينهم مغني الراب معاذ "الحاقد" الذي سجن بسبب "ارتكابه جرائم ضد القانون العام"، بينما أكد وزير العدل ألا أحد تعرض للاعتقال بسبب آرائه.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحركات الاحتجاجية التي نظمتها حركة 20 فبراير نادت بعدد من المطالب السياسية والاجتماعية منذ انطلاقها في سنة 2011. ومن بين هذه المطالب محاربة الفساد وإصلاح النظام السياسي. لكن منذ تراجع حركة 20 فبراير، تدق المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر بسبب تواصل حملة الاعتقالات في صفوفها.
وأشارت تقارير أصدرتها منظمات، مثل هيومن رايتس وتش، ومنظمة العفو الدولية، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى تواصل المحاكمات الجائرة، ورصدت خلال هذه التقارير حالات عدة للاعتقال السياسي. وفي الشهر الماضي تعرضت ممثلة "محامون بلا حدود" للطرد بعد نشر تقرير حول محاكمة ناشط مغربي.
لكن الرميد، بحسب الصحيفة، رفض هذه الاتهامات التي اعتبر أنها تفتقر للمصداقية، خاصة بالنسبة لمنظمة العفو الدولية التي تضمّن تقريرها، على حد تعبير الوزير المغربي، "انحيازا واضحا". واعتبر الرميد أنه "ليس هناك تراجع، بل بعض المشاكل" فيما يتعلق بحقوق الإنسان في المغرب، الذي إن لم يكن "جنة حقوق الإنسان، فإنه ليس جحيما لها".
وأجاب الرميد باقتضاب على الأسئلة التي وجهتها الصحيفة له حول الوضع الاجتماعي والإنساني في المغرب، في الوقت الذي شهدت فيه البلاد إضرابا عاما، حيث أكد أن "الإضراب حق مشروع، لكن الدولة لا تفهم أسباب هذه التحركات التي لا تعكس حقيقة الوضع".
وأضاف الرميد أن الحكومة المغربية لا زالت تعمل على إعداد مشروع القانون الذي يتكفل بحماية المتهمين والضحايا من الانتهاكات خلال الأيام القادمة، لكن الوزير المغربي لم يذكر أي موعد محدد للقانون الذي طال انتظاره منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو ما دفع منظمة هيومن رايتس وتش لإطلاق حملة في الفترة الأخيرة تهدف للضغط على السلطات المغربية للمصادقة على القانون.
وعند سؤال الصحيفة عن الموضوع المثير للجدل حول "الاغتصاب الزوجي" في المغرب، ذكر الرميد أنه "لا يمكن تجريم علاقة حميمية لا يمكن إثباتها أو تعريفها بين المرأة والرجل"، واستدرك مؤكدا أنه "إذا كانت المرأة ترفض تلبية رغبات زوجها أو لا تحبه، فمن الأسهل عليها أن تلجأ للطلاق".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن المغرب كان ينظر إليه على أنه استثناء بكل المقاييس الاجتماعية والاقتصادية، في الوقت الذي كانت تشهد فيه المنطقة أزمة حادة، أما الآن فإن المغرب يواجه مشاكل عديدة، في الوقت الذي أصبح فيه الوضع في تونس أكثر انسجاما. وعقب الرميد قائلا: "نتمنى أن يكون كل العالم العربي استثناء، لكن تونس أيضا لم تتجاوز مرحلة الأزمة بعد".