تحدث سكان وناشطون عن مواجهات بين سكان قرية "خربة عمو" في محافظة
الحسكة (شمال شرق
سوريا)، مع وحدات كردية حاولت بسط سيطرتها على القرية العربية الواقعة جنوب شرق مدينة القامشلي.
وتحاول
الوحدات الكردية إحكام سيطرتها على الشريط الممتد من الحدود العراقية شرقا، وعلى طول الحدود مع تركيا وصولا إلى ريف حلب الشرقي.
لكن قرية "خربة عمو"، بريف الحسكة، شهدت خلال الأيام الماضية، مواجهات بين أهالي القرية والوحدات الكردية التابعة لحزب
الاتحاد الديمقراطي، وما لبثت أن تطورت بانضمام عناصر كتائب البعث ومليشيا الدفاع الوطني، التابعة للنظام، إلى جانب أهاليهم ضد الوحدات الكردية.
مصادر من القرية أكدت لـ"
عربي21" أن الأهالي منعوا الوحدات الكردية من دخولها، يومي الخميس والجمعة الماضيين، وأسروا بعض مقاتلي الوحدات واستولوا على أسلحتهم، قبل أن تنضم كتائب البعث، وتعلن مساندتها لأهالي القرية ضد حليفة الأمس (الوحدات الكردية) كما توافدت أعداد كبيرة من أبناء العشائر من القرى المحيطة للدفاع عن القرية، ومنها عشائر حرب، والبوعاصي، والغنامة، والبني سبعة، مع استمرار حشد الوحدات الكردية لاقتحام القرية.
كما تشير المصادر إلى أن أهالي القرية أخرجوا النساء والأطفال منها، استعدادا لمواجهة أخرى محتملة مع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
من جانبه، قال الباحث والناشط مهند الكاطع، المختص بشؤون الجزيرة السورية وتوثيق انتهاكات الوحدات الكردية، إن "القصة بدأت بين كتائب البعث، وهم من أبناء القرية، والوحدات الكردية، وما لبثت أن تطورت، لينضم أهالي القرية مدعومين بعشائر المنطقة، ضد دخول الوحدات الكردية وفرض سيطرتهم على القرية، حيث وصلت أعدادهم إلى نحو 3000 مقاتل خلال الثلاثة أيام الأخيرة".
ويضيف الكاطع لـ"
عربي21": "تعتبر هذه المواجهات الأولى من نوعها في المنطقة، حيث أن الوحدات لطالما سيطرت على معظم القرى في ريف الحسكة عبر الضغط على الأهالي وفرض الهيمنة بالقوة وعبر عمليات السطو والتخريب والقتل"، وفق قوله.
ويلفت الكاطع إلى أن القرية تضم نحو 5000 نسمة من عشيرة "الغنامة الطائية"، وأنه يوجد من أبنائها من انتمى لمليشيات الدفاع الوطني أو كتائب البعث، وحتى للوحدات الكردية. وتعتبر القرية إحدى أهم القرى التي تضم تجمعا للفرق الحزبية وكتائب البعث التابعة للنظام، وتكمن أهميتها الاستراتيجية بوقوعها على مشارف مدينة القامشلي من الناحية الجنوبية الشرقية، ومساحتها الكبيرة نسبيا مقارنة بالقرى الأخرى المجاورة.
وأوضح أن الأهالي رفضوا سيطرة الوحدات الكردية على القرية "بوازع خوفهم من المشروع الكردي في منطقتهم، وسيطرة الوحدات حليفة النظام والإذعان لها، واعتبروا أن وجود فصيل آخر تابع للنظام، مثل كتائب البعث، أقل خطورة عليهم، كون معظم عناصره من أبناء القرية نفسها"، كما يقول.
ويرى الكاطع أن للنظام مصلحة كبيرة بهذا النزاع، حيث يلعب لعبة التوازنات في المنطقة ليؤكد للجميع أنهم بحاجة إليه.
ويضيف: "فمن جهة يريد كبح جماح الوحدات الكردية ويلوح بكرت قوى عشائرية عربية بوجهها، ومن جهة ثانية، فإن النظام رفض طلب الأهالي لإمدادهم بالسلاح أو القوات، وقال لهم بالحرف الواحد "دافعوا عن أنفسكم"، ما يجعلنا نعتقد أن المطلوب ربما من قبل النظام؛ كسر أي قوة عربية في المنطقة، حتى لو كانت تحمل اسم "حزب البعث" نفسه، لعدم ثقة النظام فيهم، وتسليم المنطقة كاملا للوحدات الكردية"، على حد قوله.
وتشير المصادر إلى أنه في اليومين الماضيين، طلبت الوحدات الكردية التفاوض مع أهالي قرية "خربة عمو"، وأنه بالفعل عقدت جولة مفاوضات أولى دون التوصل لنتائج، في ظل إصرار الأهالي على ألا تكون أي سلطة للوحدات الكردية، في القرية أو أي منطقة أو قرية عربية مجاورة، فيما تشكل هذه المواجهات العقبة الأولى أمام تقدم الوحدات الكردية.