أعرب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم الشديد من إصرار السلطات
المصرية على تشغيل الأغاني التي لا تراعي المشاعر في
حفلات التكريم التي تقام لأسر ضحايا المواجهات المسلحة من عناصر الجيش والشرطة، ما يتسبب في فضائح بين الفينة والأخرى، نتيجة عدم احترام حزن الأهالي على ذويهم، وسوء تقدير مشاعرهم.
جاء ذلك تعليقا على فضيحة جديدة لم تجد فيها محافظة
الشرقية من وسيلة لتكريم ذوي الضحايا من عناصر الجيش والشرطة في المحافظة، الثلاثاء، سوى الاستعانة بفرقة موسيقية ركيكة، ومغنية ضعيفة الصوت، من قطاع "الشباب والرياضة" في المحافظة، أدت أغنية "ودارت الأيام"، لأم كلثوم.
وبمجرد انتهاء المقطع الذي تقول فيه المغنية: "ما قدرش على بعد حبيبي.. أنا لي مين غير أنت حبيبي"، تعالت صيحات "أم" ضحية، استبد بها الغضب مما يحدث، فقالت: "حرام عليكم يا ظلمة.. الناس تعبانة.. شوفوا الهم اللي إحنا فيه".
وقال آخر: "إحنا دافنين شباب زى الورد وأنتم بتغنوا"، فيما قال ثالث: "إحنا قلوبنا مجروحة"، وأكد رابع أنه وإن كان لابد من الأغاني في مثل هذا التكريم، بعد الآيات القرآنية، فلتكن الأغاني وطنية.
وتضامن الأهالي في إعلانهم عن استيائهم مما اعتبروه استخفافا بمشاعرهم، واستهانة بها، حيث يغلب عليهم الحزن والألم من فقد أحبابهم، فيما هؤلاء المسؤولون العسكريون والأمنيون يقومون بتشغيل الأغاني "العاطفية" في تكريم ذويهم، الذين انتقلوا إلى رحاب الآخرة.
ولم يجد محافظ الشرقية، لواء الجيش خالد سعيد، سوى التدخل، بكل صلف وفظاظة، طالبا من الحضور الوقوف دقيقة حدادا على أرواح الشهداء، وقراءة "الفاتحة"، بقوله: "بعد إذن حضراتكم.. نقعد.. اقعد مكانك.. نستئذن من حضراتكم أن نقف دقيقة حدادا على أرواح الشهداء.. كل الناس تقف وتقرأ الفاتحة.. على أرواح الشهداء".
واستجاب الأهالي للأمر، لكنهم لم يتوقفوا عن إبداء غضبهم من استمرار الفرقة الموسيقية في مكانها على المنصة، لا سيما في حضور قيادات المحافظة، وكلهم عسكريون، يتقدمهم المحافظ اللواء خالد سعيد، ونائبه اللواء سامي سيدهم، والمستشار العسكري للمحافظة العميد محمود مختار، ومدير الأمن اللواء حسن سيف، وغيرهم من القيادات الأمنية والتنفيذية وأعضاء مجلس النواب في المحافظة.
وحاول المحافظ تطييب خواطر الأهالي فقال في كلمته: "كنت أعمل ضابطا في صفوف القوات المسلحة حتى وقت قريب، فأنا أقدر قيمة الشهيد، والشهادة، مضيفا: "كنت أتمنى أن أنال شرف الشهادة"، (دون أن يردفها بقوله: "وما زلت"، داعيا أسر الضحايا للقائه بقاعة الاجتماعات في الديوان العام، الخميس، للاطلاع على مشكلاتهم.
ولتمرير الفضيحة، استعان المحافظ بمدير مديرية الأوقاف في الشرقية الشرقية، الشيخ مجدي بدران، الذي كان حاضرا، وعدد من العلماء، الذين لزموا الصمت، خلال ما سبق، فألقى كلمة تناولت فضل الشهادة، احتواء للغضب.
ولم يقل الشيخ في فظاظته عن المحافظ، فخاطب الأهالي، داعيا إياهم إلى الصبر، فقال: "جميعا يعلم أننا سنموت، وأن العبرة من الخاتمة، وأن منزلة الشهيد عند الله كبيرة، وأن الابتلاء نعمة لله عزو جل، وأنتم أسر الشهداء ابتلاكم الله، وعلينا أن نسلم الأمر لله".
بيان واعتذار ناقص
وخوفا من تداعيات الفضيحة أصدرت المحافظة، لاحقا، بيانا رسميا، في المساء، قدمت فيه الاعتذار إلى الأهالي، مصرة على استخدام كلمة "الاحتفال"، وليس "التكريم".
وقصرت المحافظة اعتذارها على "ما بدر من إحدى الفتيات المشاركة فى الاحتفال السنوى ليوم الشهيد في قصر ثقافة الزقازيق بسبب عزف الفرقة الموسيقية بالحفل أغنية للراحلة أم كلثوم درات الأيام، مع أن الاعتذار يجب أن يكون عن الفقرة كلها، سواء الفتاة، أو الفرقة، أو الأغنية، أو التنظيم".
وأضاف البيان أن المحافظ قدم الاعتذار، وأن الخطأ غير مقصود، وأنه قرر إحالة المشرف عن "الحفل" إلى التحقيق، مع منح شهادات تقدير ومبلغ مالي، لأسرة كل شهيد، لم يزد على "ألف جنيه".
يذكر أن التكريم شمل أسر 76 ضحية من عناصر الجيش والشرطة في محافظة الشرقية وحدها التي خرج منها الرئيس محمد مرسي (مركز العدوة)، وقتل فيها أضعاف هذا الرقم في مذابح الفض الدموي لاعتصام رابعة والنهضة، وغيرها من مجازر ارتكبتها قوات الجيش والشرطة، فضلا عن اعتقال المئات من شباب القرية، ورجالها، وعدد من طالباتها ونسائها، على خلفية الاتهام بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتورط فيها قادة عسكريون في إهانة مشاعر المصريين، فقد قام محافظ بورسعيد بتكريم راقصة، فيما اختار أحد أفرع الجيش الاستعانة بمطربة "شبه عارية"، في الترفيه عن القادة والجنود، وذلك في أحد احتفالاته العسكرية، واختار فرعا آخر راقصة شهيرة كي يكرمها باعتبارها "أما مثالية".