تقول صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن ناشطات
مسلمات في مدينة
برادفورد يعملن على حملة لجمع التبرعات لبناء أول مسجد مخصص للنساء فقط في
بريطانيا، مشيرة إلى أنه رغم وجود مئات
المساجد في المدينة ومدن بريطانيا الآخرى، فإن القليل منها لديه الوسائل التي تستوعب
النساء.
ويشير التقرير إلى تجربة نبيلة حفيظ، التي كانت طالبة في جامعة برادفورد، وأرادت أن تصلي في المسجد حتى لا يفوت وقت الصلاة، لكنها وجدت نفسها في المساحة المخصصة للنساء في المسجد أمام أنظار الرجال، وعندما تطوع أحدهم ليريها مكان النساء، وكان في نقطة منعزلة، لاحظت أن مصلى النساء مهجور ومغبر ورائحة الإهمال فيه، وتقول: "أول شيء لاحظته هو رائحة الغبار والرطوبة"، وتضيف أنها أتمت صلاتها بسرعة، وتعهدت بألا تعود إليه مرة أخرى.
وتلفت الصحيفة إلى أن بعض المساجد التي يشار لها بحرف "دبليو"، ويعني أن فيه أماكن لصلاة النساء، عادة ما تكون مخصصة فقط للرجال، مشيرة إلى أن مساحة المساجد تختلف، فهناك الكبيرة والضخمة، التي بها مئذنة وقباب، وأخرى هي عبارة عن بيوت اشتراها المسلمون وحولوها إلى مساجد، وفي يوم الجمعة، الذي تمتلئ فيه المساجد بالمصلين، وتفيض أحيانا لمدخلها وللشوارع المحيطة بها، لا ترى النساء، حيث يصلين في الأماكن المخصصة لهن.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن نبيلة حفيظ، التي عملت منسقة إعلامية في مجلس المرأة المسلمة في برادفورد، قولها إنها لم تندهش يوما من شعور العزلة الذي تعاني منه عندما تزور المساجد، وتضيف: "ففي اكثر من مرة كنت أمر من مسجد جميل، وأتساءل عما إذا كان يستوعب النساء لو توفر المكان والمرافق المناسبة لهن".
وتتابع حفيظ قائلة للصحيفة: "كنت أعبر عن إعجابي بالمساجد من الخارج، وكم هي رائعة مناراتها العالية وقبابها ونوافذها، وكنت أشعر بالرهبة والتقدير لمظهرها المعماري الذي لا يقارن، ومع ذلك فإن الكثيرات منا يرغبن بممارسة تجربة روحية داخل المسجد"، وتقول: "الأماكن المخصصة للنساء في المساجد أصبحت مثل مدن مهجورة، وحان الوقت للتساؤل، لماذا؟".
وتذكر الصحيفة أن هذا السؤال سألته حفيظ الشهر الماضي في كوبنهاغن، عندما زارت أول مسجد خاص للنساء وتؤم فيه النساء، وهو مسجد مختلط طوال الأسبوع باستثناء يوم الجمعة، حيث تكون الإمامة فيه لامرأة في صلاة الجمعة، وتدير المسجد وتشرف عليه لجنة مكونة من النساء، وهو "مسجد مريم" في كوبنهاغن.
ويبين التقرير أن النساء المسلمات في بريطانيا يحلمن بمسجد كهذا، لكنهن يحاولن على الأقل في برادفورد، لافتا إلى أنه في أيار/ مايو سيبدأ مجلس المرأة المسلمة في برادفورد بحملة جمع تبرعات لبناء مسجد تشرف عليه المرأة وتقوده في المدينة.
وتورد الصحيفة أن مديرة المجلس التنفيذية بانا غورا، تتذكر أنها كانت تجلس مع والدتها وأخواتها في البيت، فيما كان والدها وإخوتها يذهبون للصلاة في المسجد، وتشير غورا إلى الأسباب التي جعلت المساجد مكانا لا يرحب بالمرأة، وتقول: "لو نظرت إلى المهاجرين المسلمين في أماكن مثل برادفورد، فقد كانت المجموعة الأولى منهم مكونة من الرجال، ومن الطبيعي أن أول شيء بحثوا عنه هو مكان للعبادة، وهذا يعني أنه عندما جاءت النساء كانت هذه الأماكن موجودة، ولا يوجد فيها مكان لهن، ولم يكن توفير مكان للمرأة فيها أولوية".
وتضيف غورا أنه "لهذا السبب، فإنه توجد المساجد في الأماكن ذات الإضاءة الفقيرة، وقد تكون هناك مشكلات تتعلق بسلامة المرأة التي تريد ارتياد المسجد، خاصة أن عليها الذهاب إلى جزء معتم يقع في خلف المسجد للصلاة، فالأماكن المخصصة للمرأة عادة ما يتم التفكير بها بعد الانتهاء من المسجد، وقد يكون هذا سبب كونها غير متطورة، وقد تكون هناك قضايا تتعلق بمرافق الوضوء".
ويفيد التقرير بأنه في فترة الستينيات من القرن الماضي كانت هناك الكثير من الأماكن في بريطانيا، التي لم يتم الترحيب بالمرأة فيها، خاصة نوادي الرجال، ويشير إلى أنه على خلاف الماضي، فإن اليوم لا توجد إلا أماكن قليلة لا يتم الترحيب بالمرأة فيها، مستدركا بأنه رغم التغير الذي حصل على نوادي الرجال، إلا أن المساجد لا تزال متحفظة.
وبحسب الصحيفة، فإن غورا تريد تأكيد خطة لبناء أول مسجد في برادفور بل وبريطانيا، بأنه ليس خاصا بالنساء، لكنه أول مسجد تديره وتقوده النساء، وتقول: "هناك فرق، فليس هدفنا بناء مكان خاص بالنساء فقط، لكننا نريد منظمة تقودها وتديرها النساء، حيث لا يسمح لهن بالانضمام للجان المساجد، ونريد مكانا تصلي فيه النساء وعائلاتهن، لا أن يصلين في مكان على هامش المسجد".
ويكشف التقرير عن أن العاملات على تحقيق المشروع يخططن، كما تقول غورا، لإقامة "مركز التميز"، حيث سيتم من خلاله تقديم نصائح للمرأة في قضايا حساسة، مثل الطلاق والأمومة والأمور القانونية.
وتنوه الصحيفة إلى أنه في شهر آب/ أغسطس، قام مجلس المرأة المسلمة بعقد جلسة مشاورة عامة، حضرتها 150 شخصية، مثل الشيخ أكرم الندوي، الذي قال إنه يجب على الرجال والنساء دعم الخطة ماليا ومعنويا، وعبر رئيس مجلس برادفورد البلدي ديفيد غرين عن دعمه للفكرة في حال كان هناك طلب وحاجة لها، وقال: "في حال كانت هناك حاجة لمسجد تقوده النساء، وتريده المرأة المسلمة، فسأكون سعيدا بدعم تحقيقه، ولو كان هناك طلب لبناء مسجد، وأرادت المرأة المسلمة أن تبني مسجدها الخاص بها، وأن يكون لها مكانها للعبادة، فإن هذه فكرة عظيمة".
ويشير التقرير إلى أن الفكرة لقيت دعما من مجلس مساجد برادفورد، حيث قال رئيسه محمد رفيق إنه مع الفكرة "طالما كان المسجد للجميع، ويعمل وفق المبادئ الإسلامية". وتشير غورا إلى عدد من المفاهيم الخاطئة التي أحاطت بالفكرة، حيث خشي البعض أن يكون المسجد للمرأة، وأن تكون الإمامة فيه للمرأة، لكنها تقول إن ما يهم ليس من يؤم، مؤكدة أن إدارة المسجد ستكون نسوية.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن فكرة المسجد تعد واحدة من المشاريع التي يعمل عليها مجلس المرأة المسلمة، الذي أنشئ في عام 2011، ومنها "حلقة الكاري"، حيث يتم توفير الطعام للمشردين مرة في الأسبوع، ويتم تنظيم مؤتمر سنوي "بنات حواء"، ويدعى إليه متحدثون معروفون منهم المذيع المعروف في القناة الرابعة جون سنو.