مدونات

بين قانون الانتخابات الأردني والاستفتاء البريطاني فرق جوهري!!

محمد حسان ذنيبات
محمد حسان ذنيبات


يمكننا بعد حمد الله على وضعنا في الأردن، أن نلحظ فرقا جوهريا بين المجتمعات الحرة والمجتمعات المقهورة!

المجتمعات الحرة حواراتها وتفاعلها يسبق القرارات المصيرية، ولذلك فإن التدافع الاجتماعي والسياسي فيها له قيمة حقيقية تؤثر في صناعة القرار وتحقيق المصلحة الغالبة، بالتالي تراكم المنافع (العامة) بما ينتج حركة حقيقية وتقدما. أما المجتمعات المقهورة، فالحوارات فيها غالبا تلحق القرارات التي تؤثر في حياتها، وتكون في سياق توظيف الأفكار والمرجعيات، إما للتبرير أو للنقد والتشهير!!

وهذا ما ينتج حالة شعاراتية وتفاعلات صفرية، وبرامج حوارية رنانة، مثل التي نشاهدها عبر قنواتنا الفضائية!!

متابعة الاستفتاء البريطاني المزمع عقده في 23 كانون الثاني/ يونيو لتقرير البقاء أو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي مدرسة بحد ذاته!!

فمثلا رئيس الوزراء يؤيد البقاء بعد إقرار إصلاح في الاتحاد الأوروبي يعطي بريطانيا وضعا خاصا، وتتصدر وزيرة الداخلية البريطانية، تريزا ماي، قائمة الوزراء الذي يؤيدون البقاء داخل الاتحاد، بينما يؤيد وزير العدل مايكل غوف الحملة المؤيدة للمغادرة، وهذا التفاوت حاضر على كل المستويات السياسة، وكلهم وطنيون يفكرون في مصلحة بريطانيا وشعبها، وهذه فرصة غير عادية للنقاش المعمق، وإدخال المجتمع في حوار منتج!

للأسف، في حالتنا -قانون الانتخاب مثلا- فإن الحوار عادة يجري بعد إقرار القانون تبريرا أو معارضة دون أي أثر يذكر، وكل حوار سابق هو نخبوي، في سياق تدافع صالونات وأجنحة وتيارات وأرصدة بلا قيمة تذكر على معايش الناس، ومطالبة 22 حزبا للإبقاء على القائمة الوطنية -مثلا- مر دون أي اعتبار، وقدمت 1200 اقتراح للجان من جهات عديدة، بلا أي قيمة، ويمر قانون الحكومة عبر مجلس النواب للأسف دون أي تغيير يذكر!

في بريطانيا، أجري استطلاع للرأي أظهر أن 52 في المئة يدعون للانسحاب، مقابل 36 في المئة يؤيدون البقاء، بينما ما يزال 19 في المئة منهم لم يحددوا قرارهم بعد، وهذه النسبة متحركة ومتغيرة على أساس الحوار المجتمعي والسياسي الجاري، بينما للأسف، فإن أغلب الاستطلاعات لدينا لا تحمل مثل هذه الدلالات، فهي في معظمها -لا أعمم- إسناد شكلي لمواقف وقرارات رسمية معدة وجاهزة!!

طبعا، لست مغرما وهائما بالغرب وتجربته، وإن كنت أعتقد بأننا كشباب ينبغي أن نستفيد منها في كل المجالات، وعلى كل، لا يخفى أن الإعلام عندهم كما هو عندنا، قادر على تزييف الوعي والتأثير في اتجاهات الرأي، وسوق الناس مثل القطعان في بعض الأحيان، ولكن يبقى الفرق جوهريا بين المجتمعات الحرة والمجتمعات المقهورة، فليس الاستغفال حينا، مثل الاستحمار غالبا!!

على كل، يحسب لنا في الأردن أن نحمد الله تعالى أننا نناقش قانون انتخابات، ونعتصم ضد رفع الرسوم الجامعية، بينما الناس من إخواننا حولنا يعدون قتلاهم، ويخيرون في شكل قتلهم وطحنهم، وجهة تشريدهم، وهذه نعمة تستوجب علينا أن نؤسس عليها، لبناء تجربة ونموذج استثنائي في هذه المنطقة، والله المستعان على كل حال!!
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم