يبدأ رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي حوارا، الثلاثاء، مع 25- 30 كاتبا ومثقفا من حلفائه في
30 يونيو، تحت شعار "صناعة توافقات عامة لمواجهة أزمات البلاد"، عبر لملمة شعثهم، والتصدي لما يقض مضجعهم، لا سيما عقوبة "ازدراء الأديان"، وإعادة تمترسهم حوله بمختلف الوظائف العليا بالدولة، مع عمل "نيو لوك" أو "وجه جديد" لنظامه، في ظل تراجع شعبيته، وفق مراقبين.
ولوحظ أن غالبية المدعوين للقاء، الذي بدأ في الساعة العاشرة صباحا، ينتمون إلى تيار فكري واحد، لا يحظى بأي شعبية في الشارع
المصري، ولم يفز أركانه بأي أغلبية في أي استحقاقات انتخابية سواء برلمانية أو نقابية.
ومن الأسماء التي رشح أنها مدعوة للقاء كل من: يوسف القعيد، ومحمد سلماوي، وبهاء طاهر، ويوسف زيدان، وفريدة النقاش، وعبد الله السناوي، ووحيد حامد، وأبو العلا السلاموني، وجابر عصفور، وضياء رشوان، ولميس جابر، وإقبال بركة، وأحمد عبد المعطى حجازي.
ولوحظ غياب المثقفين والكتاب المعارضين أو المنتقدين للسيسي، لا سيما في الآونة الأخيرة، برغم أنهم من حلفاء جبهة 30 يونيو المتصدعة، ومن أبرزهم: عبد الغفار شكر، ومحمد أبو الغار، ومحمود عمارة، وإبراهيم عيسى، فضلا عن إقصاء الإسلاميين، أو من يحسبون عليهم.
وعلق الناشط الاشتراكي، تامر وجيه، على الأمر ساخرا، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فقال: "وبكده نفهم أن أول جولات الحوار مع المعارضة هتكون مع المعارضة الممثلة لجهاز المخابرات".
ومن جهته، استبق السيسي اللقاء بتصريحات مساء السبت اعترف فيها بوجود حالات تستحق مراجعة موقفها، وفق تعبيره.
عبد الله السناوي "عرَّاب الحوار"
تحوَّل الكاتب والإعلامي الناصري "عبد الله السناوي" إلى ما يشبه الناطق الرسمي باسم اللقاء، بعد أن تقرر عقده بشكل مفاجئ، وبدون ترتيب مسبق، ولم يصدر عن الرئاسة، أو المتحدث الرئاسي، أي بيان حول اللقاء، ومحاوره، وأهدافه.
وفي المقابل، أفردت الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، مساحة واسعة للسناوي، للحديث عن هذه الجولة من الحوار، التي وضع سقفا لها، بعيد كل البعد عن شواغل المواطن العادي، وحصرها في الاهتمامات الشخصية والمتاعب الوظيفية لهؤلاء المشاركين في اللقاء، ما يعني شكواهم من عدم وجودهم كغيرهم في مناصب توجيهية ورفيعة في الدولة، وفق مصادر.
يذكر أن السناوي قصر حرية الرأي والتعبير على إلغاء عقوبة الحبس في ازدراء الأديان.
وفي هذا الصدد قال إن لقاء السيسي مع هؤلاء المثقفين يأتي في إطار أنه لم يلتق بهم منذ أن كان مرشحا للرئاسة، مشيرا إلى أن المثقفين "لعبوا دورا كبيرا ومحوريا في التمهيد لـ"ثورة يونيو" باعتصامهم الشهير في وزارة الثقافة لكنهم بعد ذلك انكفأوا على أنفسهم"، على حد قوله.
واعتبر - في مداخلة لبرنامج "يوم بيوم"، عبر فضائية "النهار اليوم"، مساء الاثنين - أن اللقاء "رد اعتبار للمثقفين، وانفتاح من الدولة عليهم مجددا"، واصفا إياهم بأنهم "حراس الضمير العام، وممثلو القوة الناعمة للحكومة المصرية".
وقال: "أرجو إفساح المجال لخطوات إجرائية تلبي الاحتياجات الطبيعية والمشروعة لجماعات المثقفين والفنانين"، وفق تعبيره.
وأشار إلى شقين في الموضوعات التي ستسيطر على اللقاء، الأول ما دعاه "شواغل أهل الاختصاص"، في كل تخصص أو عمل وإبداع وإنتاج ثقافي، والثاني يتعلق بالحريات والحبس في قضايا النشر أو التعبير، والأمر المتعلق بازدراء الأديان، الذي اعتبر أنه "يحتاج إلى المراجعة"، علاوة على "تجديد الخطاب الديني".
ولم ينس السناوي التأكيد على أهمية عقد مؤتمر دوري يلتقي فيه السيسي بالمثقفين، مع وجود آلية، "للتوصل لحلول لتصحيح الحياة الثقافية وسط حالة التخلف الحضاري التي تمر بها مصر، وكذلك إعادة بناء الشخصية المصرية"، بحسب تعبيره.
وطالب السناوي - في مداخلة هاتفية لبرنامج "صالة التحرير"، عبر فضائية "صدى البلد" - أن يتضمن هذا المؤتمر السنوي للمثقفين عقدا جديدا بين الدولة وبينهم.
وفى تصريحات أخرى نقلتها صحيفة "اليوم السابع" قال السناوي إن الهدف من اللقاءات سيكون عمل توافقات وطنية عامة، وبداية رمزية للحوار مع جميع الأطياف، واستعادة القوى الناعمة المصرية فى ظروف مختلفة لمواجهة المخاطر، ودعم صناعة السينما، ووضع سياسات جديدة لإنتاج الأعمال السينمائية، وفق قوله.
سلماوي: سنتصدى لتزايد مظاهر الدولة الدينية
من جهته، كشف رئيس اتحاد الكتاب السابق، المتحدث باسم لجنة الخمسين (المعينة من قبل العسكر لوضع الدستور) محمد سلماوي - في تصريحات نقلتها صحيفة "الأهرام"، الثلاثاء - أن هناك نقاطا تحتاج إلى توضيح، وهي تزايد مظاهر الدولة الدينية في وقت يدعو فيه الرئيس السيسي إلى الدولة الحديثة، ودعم الحريات، وفق قوله.
وأضاف أن الدولة ما زالت تعكس إلى حد كبير بعض بقايا الفكر الذي يؤسس للدولة الدينية، وهو ما كان واضحا من بعض الأحكام القضائية التي صدرت بشأن ازدراء الأديان، وخدش الحياء العام، وهو ما يتناقض مع ما دعت إليه ثورة الشعب فى 30 يونيو، على حد وصفه.
وأردف أن المثقفين هم ضحايا هذا التناقض، على الرغم من أنهم قوة مصر الناعمة، إلى جانب قوة جيشها واقتصادها، بحسب تعبيره.
عصفور: موضوعات تشغل الرأي العام
ومن جهته، قال وزير الثقافة الأسبق، جابر عصفور، المعروف بمناوأته للأزهر وللإسلاميين، أنه تلقى دعوة لحضور اللقاء، مؤكدا أنه سيكون ثريا للغاية بجميع الموضوعات التي تشغل الرأي العام، بحسب وصفه.
ضياء رشوان: لقاء له تداعيات سياسية
واعتبر نقيب الصحفيين السابق، اليساري ضياء رشوان، في تصريحات صحفية، أن هذه اللقاءات لن تنقطع خلال الفترة المقبلة، وستتناول الأوضاع السياسية، وهذا أمر إيجابي، وتطور في منتهى الأهمية، سيكون له تداعياته على المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة، وفق قوله.
"الأهرام" تضع أجندة مختلفة للحوار
ومن جهتها، وضعت صحيفة "الأهرام" أجندة مختلفة للحوار، وأهدافه، وخصصت مانشيتها، الثلاثاء، لعنوان يقول: "الرئيس يبدأ اليوم جلسات حوار وطني حول مستقبل مصر".
وفي التفاصيل قالت الصحيفة إن السيسي "سيلتقي سياسيين ومثقفين وإعلاميين من مختلف التيارات السياسية، في إطار حوار وطني موسع لتبادل الأفكار والرؤى، حول سبل تقدم البلاد، ودفع التنمية إلى الأمام، وتوفير البيئة الوطنية المناسبة للنهوض الوطني"، بحسب تعبيرها.
وكالة "أ ش أ": عرض جهود التنمية
الأمر نفسه كررته "وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ.ش.أ)، وهي وكالة الأنباء الرسمية، التي ذكرت أن لقاء السيسي مع مجموعة من المفكرين والمثقفين والكتاب، الثلاثاء، يستهدف عرض الجهود التي تبذلها الدولة على محاور عدة، خاصة مجال التنمية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وحل المشكلات المتراكمة التي يعاني منها المجتمع المصري، في مختلف المجالات، وما تحقق من خطوات لجذب الاستثمار، وتشجيع الصناعات الصغيرة لتوفير عمل للشباب.
السيسي يعترف بحالات تستحق مراجعة موقفها
وكان السيسي استبق اللقاء بتصريحات أدلى بها في لقائه مساء السبت، مع عدد من الدارسين بالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، أكد فيه أن تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب لن يكون أبدا علي جانب حقوق الإنسان، لافتا إلي أنه يعلم وجود حالات تستحق مراجعة موقفها.
وزعم السيسي أنه لا يقبل الظلم مطلقا، لذلك استخدم سلطاته الدستورية لإصدار قرارات بالعفو الرئاسي عن أكثر من دفعة من الشباب الصادر ضدهم أحكام نهائية، على حد قوله.
وكشف أن الفترة المقبلة ستشهد الإعلان عن صدور قرارات بالعفو عن دفعات جديدة، مشيرا إلى أنه لابد من التعامل مع مصر كدولة تواجه معركة بقاء في ظروف استثنائية غير مسبوقة، بحسب تعبيره.