ذكرت صحيفة "التايمز" أن
تنظيم الدولة سيطر على معابر مهمة لتهريب المهاجرين في
ليبيا، حيث يقوم بدفع أموال للمهاجرين كي ينضموا إلى صفوف التنظيم.
وتقول الكاتبة بيل ترو، في تقرير أعدته من مدينة مصراتة، إن "عدد المهاجرين الذين يختارون العبور إلى أوروبا عبر البحر المتوسط قد يتضاعف هذا العام، بعدما أغلق معبر البلقان من تركيا إلى اليونان والبلقان ومنها إلى غرب أوروبا، وبعد الاتفاق الذي وقعه الاتحاد الأوروبي مع الحكومة التركية، ويقضي بإعادة اللاجئين من اليونان إلى تركيا مرة أخرى، وهو ما سيجبر عددا من اللاجئين إلى التفتيش عن معابر أخرى من شمال أفريقيا، المنطقة التي ينشط فيها تنظيم الدولة، الذي يعتمد على اللاجئين وتهريبهم، كي يحصل على موارد مالية من أجل عملياته".
ويشير التقرير إلى أن المقاتلين الجهاديين يسيطرون على منطقة مساحتها 130 ميلا في مدينة
سرت، الواقعة على البحر المتوسط، ويدير التنظيم معسكرات تدريب في صبراتة الواقعة غربي سرت، ويقوم الجهاديون بتجنيد أعداد من المهاجرين الذين يمرون من أراضيهم، لافتا إلى أن طائرات أمريكية قد أغارت في شهر شباط/ فبراير على معسكر تدريب في صبراتة، وتبعت ذلك هجمات قامت بها مليشيات محلية على مواقع الجهاديين.
وتنقل الصحيفة عن مهربين يعملون على تهريب المهاجرين الراغبين بعبور البحر، قولهم إن تنظيم الدولة يقوم بالتعويض عن نقص المقاتلين لديه بتقديم عروض مغرية للمهاجرين، الذين لا يملكون شيئا، حيث يدفع لهم أموالا نقدية ليقوموا بحراسة نقاط التفتيش ومناطق حيوية، أي وضعهم في فوهة المدفع.
ويقول رجل غاني يعمل على تزويد المهربين الليبيين بالمهاجرين: "يدفعون ألف يورو في الشهر لتشجيعهم على الانضمام".
وتذكر الكاتبة أن معظم المهاجرين يصلون إلى منطقة القطرون في جنوب ليبيا، بعد رحلة طويلة في الصحراء من النيجر أو تشاد، ويدفعون للمهربين حوالي 400 دولار؛ لمساعدتهم على التسلل عبر الحدود إلى ليبيا، مشيرة إلى أنه قبل مواصلة الرحلة يتوقف
المهاجرون في مدن مثل سبها، حيث يبحث بعضهم عن عمل بعدما أنفق كل ما لديه، وتستغلهم العصابات وتختطفهم حتى تحصل في المقابل على فدية، وبعضهم تغريه فكرة الانضمام إلى تنظيم الدولة، حيث يحصل على حماية وراتب ومكان ينام فيه.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن آدم، وهو مهاجر نيجيري اعتقل في مركز غرابولي، الذي يبعد 30 ميلا عن العاصمة طرابلس، قوله إنه يعرف عن كثيرين قبلوا "عرض" تنظيم الدولة، ويضيف: "هناك البعض من الذين غامروا بحياتهم وعبروا الصحراء، ويأتي بعضهم بعد ذلك ويقدم لهم عروضا مالية مغرية، ما يدفع بعض المغفلين لقبولها".
وتلفت الصحيفة إلى أن ليبيين أجبروا على الهرب من بيوتهم، بعدما سيطر تنظيم الدولة على سرت، تحدثوا عن قصص مشابهة، وقالوا إن الكثير من نقاط التفتيش داخل مدينة سرت وحولها يحرسها أشخاص دون معدات قتالية كافية، ومعظمهم من الصوماليين والنيجيريين ومن تشاد ومصر.
وتنقل ترو عن تاجر مواش ليبي من مدينة سرت، قوله: "غالبية هؤلاء بحاجة للمال، ونعرف أنهم يحصلون على ألفي دينار ليبي في الشهر"، وأضاف أن تنظيم الدولة "يذهب إلى المزارع المحلية في سرت، ويقول للمهاجرين: ندفع لكم ثلاثة أضعاف ما يدفعه هؤلاء لكم، وبهذه الطريقة يقوم بالتجنيد".
ويفيد التقرير بأن المسؤولين العسكريين الذين اتصلوا مع مقاتلين اخترقوا تنظيم الدولة يزعمون أن اختيار سرت لم يكن عشوائيا، حيث يقول رئيس المخابرات العسكرية الليبية العقيد إسماعيل شكري إن "سرت تقع على البحر، لكنها مرتبطة بطرق مباشرة مع المعابر الجنوبية التي يدخل منها المهاجرون، ومن ناحية استراتيجية فقد كان اختيارهم صائبا لخدمة عملياتهم"، ويضيف أن أبناء دول الصحراء يأتون إلى ليبيا؛ بحثا عن حياة أفضل، ويقوم تنظيم الدولة بتقديم ألفي دينار ليبي، وهو مبلغ لا يحصلون عليه في أي مكان آخر.
ويوافق الجنرال محمود الزاغل، الذي يدير غرفة عمليات ليبيا، على هذا الرأي، قائلا: "معظم إمدادهم البشري يأتي من تونس، لكنهم أصبحوا هدفا للمقاتلين المحليين والطيران الأمريكي، ولهذا يبحثون عن مناطق عمليات أخرى في المنطقة الجنوبية"، بحسب الصحيفة.
وتنوه الصحيفة إلى أن موقع سرت يعطي تنظيم الدولة الفرصة لتهريب السلاح والمخدرات، بالإضافة إلى المهاجرين الباحثين عن فرصة لعبور البحر إلى إيطاليا، ويقول العقيد شكري إنهم أوقفوا الأسبوع الماضي قاربا كان يحمل مئة مهاجر، واعترفوا بأنهم نقلوا عبر سرت للقيام بالرحلة.
وبحسب الكاتبة، فإن المهربين، الذين يعملون باستقلالية عن تنظيم الدولة، يطلبون 1200 دولار عن كل راكب على قارب خشبي أو مطاطي، من أجل العبور نحو جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه يمكن للمهرب أن يحصل على كل رحلة ينظمها على حوالي 380 ألف يورو، مشيرة إلى أن سوق التهريب الدولي يعد مربحا، خاصة أن أكثر من 153 ألف شخص، معظمهم من إثيوبيا والصومال ونيجيريا وإريتريا، عبروا البحر من ليبيا باتجاه إيطاليا، وقد يرتفع العدد مع إغلاق معابر البلقان واستمرار الفوضى في ليبيا.