خلص تقرير مطول أعدته مؤسسة القدس الدولية إلى دعوة الحكومة الأردنية للتراجع عن مشروع تركيب
كاميرات في ساحات المسجد
الأقصى لمراقبة الاقتحامات اليهودية.
ورغم أن التقرير اعترف ببعض الإيجابيات لهذا المشروع، إلا أنه رأى أن سلبياته، خصوصا على المدى الطويل، ستكون كبيرة جدا.
ويرى التقرير أن الإيجابية الأبرز لتركيب الكاميرات هي إتاحة الصورة المباشرة من المسجد الأقصى المبارك للمسلمين في شتى أنحاء العالم، بشكل قد يثير إدانتهم للاقتحامات اليهودية المتتالية، ويسهم في بناء رأي عام عربي وإسلامي مضاد للاقتحامات.
لكن التقرير يؤكد أن الكاميرات ستمهد لرواية إسرائيلية تقدم الأزمة على أنها تشنج وتطرف إسلامي في "رفض المشاركة" مع اليهود، وستستغل الصورة لتقول بأن المقتحمين اليهود هم مجرد زوار آمنين -وهو نص مهد له كيري في التفاهمات- وأن ردود فعل المصلين المسلمين هي مصدر التوتر والأزمة.
إن تفوق "إسرائيل" النوعي على العرب في بناء الرواية الإعلامية -بالذات في الإعلام الغربي- هو معطى سابق على قرار تركيب الكاميرات، وليست "اكتشافا" سيصل إلى المدارك بعدها، ولا يمكن أن يبرر قرار تركيب الكاميرات بالتعويل على تفوق عربي إعلامي على إسرائيل في بناء الصورة؛ لأن هذا غير متاح موضوعيا قبل تركيب الكاميرات.
ويتخوف التقرير من أن الكاميرات قد تشكل مصدر خوف للمصلين من توظيفها إسرائيليا رادعا للمرابطين والمصلين عن التصدي للاقتحامات، ما يسهّل مهمة المقتحمين اليهود، ويكثف وتيرة اقتحاماتهم، وستفسر الكاميرات في حال حصول ذلك تواطؤا أردنيا مع "إسرائيل" على تقسيم المسجد، وقد صدرت في الإعلام الإسرائيلي تقارير عديدة خلال الشهور الماضية تحاول أن تصور تركيب الكاميرات في هذه الخانة، وهو سلوك يمكن أن يقرأ أنه يهدف لضرب مصداقية إدارة الأوقاف الأردنية للمسجد؛ تمهيدا لتغيير شكل وطريقة إدارة المسجد.
ودعا التقرير الأردن لإبداء حذر أكبر تجاه مشروع الكاميرات، والتداعيات الكبيرة التي لا يضمن درأها، أسوة بما أبداه من حذر في مختلف الملفات الإقليمية، وإذا كان الأردن يقرأ في الصراعات المشتعلة في الإقليم مصدر خطر عليه، فلا يمكن النظر إلى "إسرائيل" وسعيها المحموم لتقسيم المسجد الأقصى إلا بالمنظار ذاته.
كما دعا التقرير إلى دعم حركة
الرباط والتواجد الإسلامي الشعبي في المسجد بوصفها وسيلة الحماية الأفعل والأنجح في حماية المسجد.
يذكر أن فكرة تركيب كاميرات طرحت في التفاهمات التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 24/10/2015 ضمن مجهود دبلوماسي لاحتواء الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية، والتي شكلت محاولة فرض التقسيم الزماني على المسجد الأقصى المبارك السبب المباشر لانطلاقها، وهي ما تزال مستمرة حتى كتابة هذا التقدير.
قال كيري في إعلانه لتلك التفاهمات من عمان إن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وافق على اقتراح الملك عبد الله الثاني بـ"توفير" تغطية مصورة على مدار 24 ساعة لكل المواقع داخل المسجد الأقصى، ما يوفر سجلا "شاملا وشفافا" لما يحصل فيه، وهذا قد يثبط كل من يحاول تشويه قداسة المكان. وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على التفاهمات، بما فيها مقترح الكاميرات في 25/10/2015، معتبرا أن تركيب الكاميرات "مصلحة إسرائيلية".
حاولت الأوقاف تركيب تلك الكاميرات في اليوم التالي للاتفاق في 26/10/2015، إلا أن سلطات
الاحتلال منعتها، معتبرة تركيب الكاميرات في الموقع من صلاحيات السلطات الصهيونية، وحاولت الضغط على الأوقاف الأردنية لتتركز كاميراتها في المباني المسقوفة، كالمسجد القبلي والمصلي المرواني وقبة الصخرة، محاولة تحويل شبكة الكاميرات الأردنية إلى شبكة متممة لكاميرات الرقابة الأمنية الإسرائيلية المنتشرة حول أسوار المسجد وتراقب كل ساحاته وأبوابه، لكنها لا تتمكن من رصد ما يجري في أبنيته المسقوفة، وقد تحدثت تقارير صحفية في 6/11/2015 عن رفض الأردن لهذا المقترح.
ومؤسسة القدس الدولية كما تعرف نفسها هي مؤسسة مدنية غير حكومية لا تهدف إلى الربح، تهدف إلى العمل على إنقاذ القدس، والمحافظة على هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتثبيت سكانها، وتعزيز صمودهم، في إطار مهمة تاريخية لتوحيد الأمة بكل أطيافها الدينية والفكرية والثقافية والعرقية؛ من أجل إنقاذ القدس عاصمة فلسطين. تأسست عام 2001.